فقيل له : فلِمَ مُنِعتْ ممّا ادّعته و طولبت بالشهود ؟
فأجاب بأ نّه : «لو صدّقها اليوم لجاءت غدا وطالبت منصب الخلافة ، ولم تكن له معذرة» . فتأمّل .
ثمّ إنّ الرواية على السند الأخير ، ربما تشير إلى ما وقع فيه من البليّة العظمى ، وهي إنكار حقّه قريبا من زمان إثباته . قبل أن يدفن من أوصى به وفيُّه مرارا على الوجه المستنكر الذي لا يتخيّله عاقل إلاّ يستقبحه ، مع صدوره من قوم ظاهرهم الإيمان وملازمة الزهد ومسلك الإحسان .
وأمّا إنكار معاوية المعلن بالفسوق و العصيان و ما يترتّب عليه من هتك حرمته و شهادته بسيف أهل العدوان ، فليس من البلاء الشديد الموعود الذي لم يختصّ به أحد من الأولياء ، كما لايخفى على الأذكياء .
وظنّي أنّ هذه الدلالة بيّنة لا ينكرها إلاّ الضالّون ، «وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون»۱.
الحديث السابع
۰.روى أحمد في مسنده والبيهقي في صحيحه بإسنادهما عنه صلى الله عليه و آله ، أ نّه قال :من أراد أن ينظر إلى نوح في عزمه ، وإلى آدم في علمه ، وإلى إبراهيم ، في حلمه ، وإلى موسى في فطنته ، وإلى عيسى في زهده ، فلينظر إلى عليّ عليه السلام .
بيان :
أقلّ ما يدلّ عليه هذا الخبر هو أ نّه مختصّ بمساواة الأنبياء العظام عليهم السلام فيما خصّوا به من الفضائل التي لا يصلح للإمامة والخلافة مَن قصر فيها ، مع وجود الكامل ، فلا يجوز تقدّم غيره عليه .
1.سورة الشعراء ، الآية ۲۲۷ .