تقول طوائف من اُمّتي فيك ما قالت النصارى في ابن مريم ، لقلت اليوم فيك مقالاً لا تمرّ بملأ من المسلمين إلاّ أخذوا التراب من تحت قدميك للبركة ۱ .
بيان :
أي «لولا مخافة أن يكون للقائلين بذلك حجّة على ضلالتهم ، لقلت فيك جهارا مقالاً من المتشابهات التي يمكن لهم التمسّك بها في إثبات مطلوبهم» ، فلا يدلّ الخبر على انتفاء القول فيه مثل ما قيل في ابن مريم ، ولا على انتفاء قول النبي صلى الله عليه و آله فيه . مطلقا . ما يمكن أن يتوهّم منه ذلك .
فلا ينافي ورود بعض الأخبار عنه في حقّه لبعض الخواصّ الذين يزيدهم التأمّل فيه و التفكّر في ما يصلون إليه من مدلولاته إيمانا ، وفيما يكلون تأويله إلى اللّه ورسوله ممّا لا يبلغون إليه من مفهوماته تسليما و إذعانا .
ثمّ إنّ من البيّن أنّ هذه المرتبة . وهي تَناهي مناقبه وفضائله وكثرة مفاخره ومحامده بحيث لو اطّلع عليها آحاد الناس لقالوا بربوبيّته . مرتبة خاصّة به لم يشاركه فيها أحد من خصمائه .
فلا يجوز أن يقدّم أحدٌ أحدا . . . . إلاّ لسفاهته و عداوته أو لجهالته بعلوّ شأنه .
تنبيه : قد نَسب الإقرار بثبوت هذه المرتبة إلى الشافعي جماعة من المخالفين ، منهم الميبدي شارح «الهداية» في شرحه للأبيات المنسوبة إلى الأمير عليه السلام ، افتخارا بأ نّه من الموالين ، و استدلالاً بأنّ تقديمه للثلاثة على عليّ عليه السلام لا ينافي تمسّكه بالولاية المأمور به عن اللّه و عن سيّد المرسلين .
ثمّ إنّهم استدلّوا على إقراره بما نسب إليه من قوله :
لو أنّ المرتضى أبدى محلّه لخرّ الناس طرّا سجّدا له
كفى في فضل مولانا عليّ وقوع الشكّ فيه أ نّه اللّه
ومات الشافعيّ وليس يدري عليّ ربّه أم ربّه اللّه
أقول : قد عرفت مرارا . و سيأتي مفصّلاً . أنّ تقديم الأعداء ، بل وتقديم من ليس له رتبة التقديم ، ينافي بالضرورة لتحقّق الولاية التي أمر بها النبيّ الكريم بأمر اللّه الملك العليّ العظيم .
ثمّ إنّ الخبر المذكور رواه جماعة اُخرى من الجمهور ، ومنهم الميبدي في شرحه المسطور ، وصريح روايتهم على ما هو في كتبهم مذكور هكذا :
لولا أن أشفق أن تقول فيك طوائف من اُمّتي ما قالت النصارى للمسيح بن مريم ، لقلت فيك قولاً لا تمرّ بملإ إلاّ أخذوا من تراب رجليك ۲ ومن فضل طهورك يستشفون به ، و لكن حسبك أن تكون منّي و أنا منك ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أ نّه لانبيّ بعدي ، إنّك تبرّ قسمي ، وإنّك تقاتل على سنّتي ، وإنّك في الآخرة على الحوض خليفتي ، وإنّك أوّل من يرد إليّ الحوض ، وإنّك أوّل من يُكسى معي ، وإنّ شيعتك على منابر من نور مبيضّة وجوههم يكونون في الجنّة جيراني ، وإنّ حربك حربي و سلمك سلمي ، و إنّ سريرتك سريرتي و علانيتك علانيتي ، انتهى .
وفيه من الأسرار ما لايخفى على الأذكياء ، و الفضلُ ما تشهد به الأعداء .
بس اين نكته در حق نمايى او كه كردند شك در خدايى او
1.مجمع الزوائد و منبع الفوائد ، ج ۹ ، ص ۱۳۱ .
2.نهج الحق ، ص ۱۹۴ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲۱ ، ص ۷۹ .