17
نَهجُ الذِّكر ج1

اللّه ـ تعالى ـ» في مقابل نسيانه أو الغفلة عنه .
واستنادا إلى الآيات والروايات التي سنذكرها في هذا القسم ، فإنّ ذكر اللّه يمثل الهدف من جميع العبادات 1 ، والهدف من كل برامج الإسلام التكاملية ، وأفضل أعمال الإنسان الجارحية والجانحية وأكثرها بنّائية كما روي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
إنَّه لَيسَ عَمَلٌ أحَبَّ إلَى اللّهِ تَعالى ولا أنجى لِعَبدٍ مِن كُلِّ سَيِّئَةٍ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ مِن ذِكرِ اللّهِ . 2
وعلى هذا الأساس فإنّ ذكر اللّه هو العبادة الوحيدة التي لم يعين لها حد في أحكام الدين ؛ بل هي مطلوبة في كل زمان وكل مكان وكلّما زادت كان ذلك أفضل للإنسان كما يقول الإمام الصادق عليه السلام :
ما مِن شَيءٍ إلّا ولَهُ حَدٌّ يَنتَهي إلَيهِ إلَا الذِّكرَ ؛ فَلَيسَ لَهُ حَدٌّ يَنتَهي إلَيهِ ، فَرَضَ اللّهُ عز و جلالفَرائِضَ فَمَن أدّاهُنَّ فَهُوَ حَدُّهُنَّ ، وشَهرَ رَمضانَ فَمَن صامَهُ فَهُوَ حَدُّهُ ، والحَجَّ فَمَن حَجَّ فَهُوَ حَدُّهُ ، إلَا الذِّكرَ ؛ فَإِنَّ اللّهَ عز و جللَم يَرضَ مِنه بِالقَليلِ ، ولَم يَجعَل لَهُ حَدّا يَنتَهي إلَيهِ. ثُمَّ تَلا هذِهِ الآيَةَ : «يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اذْكُرُواْ اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً» . 3

1.راجع : ج ۱ ص ۵۹ (حكمة العبادة) .

2.راجع : ج ۱ ص ۶۲ ح ۱۵۳ .

3.الأحزاب : ۴۱ و ۴۲ .


نَهجُ الذِّكر ج1
16

لا عن نسيان بل عن إدامة الحفظ . وكل قول يقال له ذكر . ۱
إنّ التأمّل في جذور هذه المادة يُظهرُ لنا أنّ الأصل في معناها هو «الذكر» في مقابل «النسيان» وأنّ استعمالها في المعاني الاُخرى لمناسبة هي أنّ لموضع استعمالها خصوصية تستوجب ذكر الإنسان وانتباهه ، فقد قيل للابن «ذَكَرا» و «مذكّرا» لأنّه يستلزم إحياء ذكر أبيه واسمه وبقاءَهما .

«الذكر» في القرآن والسنّة

لكلمة «الذكر» في القرآن والسنّة استعمالات كثيرة ۲ ، ولكن ما سنبحثه هنا هو «ذكر

1.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۳۲۸ .

2.ذكر أهل التفسير أنّ الذكر في القرآن على أوجه، منها : أحدها : الذّكر باللسان . ومنه قوله تعالى في (البقرة : ۲۰۰) : «فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءَابَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا» وغيرها . الثاني : الذّكر بالقلب . ومنه قوله تعالى في (آل عمران : ۱۳۵) : «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـحِشَةً أَوْ ظَـلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ» ، وقيل : هو الندم . الثالث : الحديث . ومنه قوله تعالى في (يوسف : ۴۲) : «اذْكُرْنِى عِندَ رَبِّكَ» . ومثله : «وَاذْكُرْ فِى الْكِتَـبِ إِبْرَ هِيمَ» (مريم : ۴۱)، «وَ اذْكُرْ فِى الْكِتَـبِ مُوسَى» (مريم : ۵۱) . الرابع : الخبر . ومنه قوله تعالى في (الكهف : ۸۳) : «قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا» . الخامس : العظة . ومنه قوله تعالى في (الأنعام : ۴۴) : «فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَ بَ كُلِّ شَىْ ءٍ» . السادس : الوحي . ومنه قوله تعالى في (الصّافّات : ۳) : «فَالتَّــلِيَـتِ ذِكْرًا» . السابع : القرآن . ومنه قوله تعالى في (الأنبياء : ۵۰) : «وَ هَـذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ» . الثامن : التّوراة والكتب السابقة . ومنه قوله تعالى في (النحل : ۴۳) : «فَسْـئلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» . التاسع : الشّرف . ومنه قوله تعالى في (الزخرف : ۴۴) : «وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَ لِقَوْمِكَ» . العاشر : الطّاعة . ومنه قوله تعالى في (البقرة : ۱۵۲) : «فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ» . أي أطيعوني أغفر لكم . الحادي عشر : البيان . ومنه قوله تعالى في (البقرة : ۱۵۲) : «أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ» . الثاني عشر : الصّلوات الخمس . ومنه قوله تعالى في (البقرة : ۲۳۹) : «فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ» . الثالث عشر : صلاة الجمعة . ومنه قوله تعالى في سورة (الجمعة : ۹) : «فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَرُواْ الْبَيْعَ» . الرابع عشر : صلاة العصر . ومنه قوله تعالى في (ص : ۳۲) : «إِنِّى أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّى» . الخامس عشر : الرّسول . ومنه قوله تعالى في (الطلاق : ۱۰ و ۱۱) «قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَّسُولًا» قيل : إنّ أنزل هاهنا بمعنى أرسل . وهذه الآيات التي استشهد بها لهذه المعاني تحتملها وغيرها (نظرة النعيم : ج ۵ ص ۱۹۶۴ ـ ۱۹۶۵) .

  • نام منبع :
    نَهجُ الذِّكر ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    الافقی، رسول
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1386
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 79298
صفحه از 604
پرینت  ارسال به