بناء على ذلك فإن أكمل وأفضل مادح للّه ـ تعالى ـ ، هو اللّه نفسه ذلك لعدم وجود أي أحد يعرف ذاته المقدّسة مثله ، ولذلك فإنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ ليس الأحق بالمدح فحسب ، بل هو أيضا أفضل مادح لنفسه ، كما نقرأ في الدعاء : «يا خَيرَ حامِدٍ ومَحمودٍ» ۱ .
3 . إنّ تفسير الحمد بالشكر والمفاهيم المشابهة له في الروايات هو تفسير بالأعم ، وممّا لا نشكّ فيه أنّ هذا التفسير لا يعني أن من غير الممكن مدح اللّه دون أخذ نعمه بنظر الاعتبار .
4 . إنّ الأحاديث التي فسّرت «الحمد» ب «حق الشكر» أو «تمام الشكر» أو «وفاء الشكر» ، تريد من ذلك الشكر باللسان بمعنى أنّ كلمة «الحمد» إذا جرت على اللسان من منطلق المعرفة ، فإنّ اللسان يكون قد أدّى واجبه في الشكر حقيقةً وبناء على ذلك ، فإن التفسير المذكور لا ينفي ضرورة الشكر العملي على النعم الإلهيّة والذي ورد التأكيد عليه في الروايات الأخرى ، بل إن الحمد الصادق يستوجب أن يكون الحامد شاكرا من الناحية العملية أيضا على النعم الإلهيّة .
الحدّ بين الإنسان والحيوان
لقد ذكرت في الكتاب والسنّة ، ملاحظات بالغة الأهمية حول حمد اللّه ـ تعالى ـ ومدحه وآثارهما وبركاتهما وهي جميعا دالّة على أهمية هذا الذكر ودوره البنّاء في بناء الإنسان ، سوف نستعرض هذه الملاحظات في خمسة فصول ، ونكتفي هنا بالإشارة إلى ملاحظة دقيقة للغاية في دعاء الإمام السجاد عليه السلام وهي أن «الحمد» هو الحد بين الإنسان والحيوان ، وإذا ما أزيل هذا الحاجز ، خرج الإنسان من حد الإنسانية ودخل في نطاق البهائم ، وقد جاء دعاؤه عليه السلام في أوّل الصحيفة السجّادية