513
نَهجُ الذِّكر ج1

مِن رِزقِهِ ، لا يَنقُصُ مَن زادَهُ ناقِصٌ ، ولا يَزيدُ مَن نَقَصَ مِنهُم زائِدُ .
ثُمَّ ضَرَبَ لَهُ فِي الحَياةِ أجَلاً مَوقوتا ، ونَصَبَ لَهُ أمَدا مَحدودا يَتَخَطَّأُ ۱ إلَيهِ بِأَيّامِ عُمُرِهِ ، ويَرهَقُهُ بِأَعوامِ دَهرِهِ ، حَتّى إذا بَلَغَ أقصى أَثَرِهِ وَاستَوعَبَ حِسابَ عُمُرِهِ ، قَبَضَهُ إلى ما نَدَبَهُ إلَيهِ مِن مَوفورِ ثَوابِهِ أو مَحذورِ عِقابِهِ «لِيَجْزِىَ الَّذِينَ أَسَــئواْ بِمَا عَمِلُواْ وَ يَجْزِىَ الَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِالْحُسْنَى»۲ عَدلاً مِنهُ تَقَدَّسَت أسماؤُهُ وتَظاهَرَت آلاؤُهُ «لَا يُسْـئلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْـئلُونَ »۳ .
وَالحَمدُ للّهِِ الَّذي لَو حَبَسَ عَن عِبادِهِ مَعرِفَةَ حَمدِهِ عَلى ما أبلاهُم مِن مِنَنِهِ المُتَتابِعَةِ ، وأسبَغَ عَليهِم مِن نِعَمِهِ المُتَظاهِرَةِ ؛ لَتَصَرَّفوا في مِنَنِهِ فَلَم يَحمَدوهُ ، وتَوَسَّعوا في رِزقِهِ فَلَم يَشكُروهُ ، ولَو كَانوا كَذلِكَ لَخَرَجوا مِن حُدودِ الإِنسانِيَّةِ إلى حَدِّ البَهيمِيَّةِ ۴ ، فَكانوا كَما وَصَفَ في مُحكَمِ كِتابِهِ : «إِنْ هُمْ إِلَا كَالْأَنْعَـمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً»۵ .
وَالحَمدُ للّهِِ عَلى ما عَرَّفَنا مِن نَفسِهِ ، وألهَمَنا مِن شُكرِهِ ، وفَتَحَ لَنا مِن أبوابِ العِلمِ بِرُبوبِيَّتِهِ ، ودَلَّنا عَلَيهِ مِنَ الإِخلاصِ لَهُ في تَوحيدِهِ ، وجَنَّبَنا مِنَ الإِلحادِ وَالشَّكِّ في أمرِهِ ، حَمدا نُعَمَّرُ بِهِ فيمَن حَمِدَهُ مِن خَلقِهِ ، ونَسبِقُ بِهِ مَن سَبَقَ إلى رِضاهُ وعَفوِهِ ،

1.كذا ، والقياس : «يتخطّى» . قال ابن منظور : تخطّيت إلى كذا ، ولا يقال : تخطّأت ـ بالهمز ـ (لسان العرب : ج ۱۴ ص ۲۳۲ «خطا») .

2.النجم : ۳۱ .

3.الأنبياء : ۲۳ .

4.في نسخة قديمة : «ولدخلوا في حريم البهيميّة» ، وهو قريب من معنى الحدّ ، فإنّ حريم الدار ما حولها من حقوقها ومرافقها ، سمّي بذلك لأنّه يحرم غير مالكها أن يستبدّ بالارتفاق به (رياض السالكين في شرح صحيفة سيّد الساجدين : ج ۱ ص ۳۰۸) .

5.الفرقان : ۴۴ .


نَهجُ الذِّكر ج1
512

وَالحَمدُ للّهِِ الَّذي لا يُخفَرُ ۱ مَنِ انتَصَرَ بِذِمَّتِهِ ، ولا يُقهَرُ مَنِ استَتَرَ بِعَظَمَتِهِ ، ولا يُكدى ۲ مَن أذاعَ شُكرَ نِعمَتِهِ ، ولا يَهلِكُ مَن تَغَمَّدَهُ بِرَحمَتِهِ ، ذِي المِنَنِ الَّتي لا يُحصيهَا العادّونَ ، وَالنِّعَمِ الَّتي لا يُجازيهَا المُجتَهِدونَ ، وَالصَّنائِعِ الَّتي لا يَستَطيعُ دَفعَهَا الجاحِدونَ ، وَالدَّلائِلِ الَّتي يَستَبصِرُ بِنورِهَا المَوجودونَ .
أحمَدُهُ جاهِرا بِحَمدِهِ ، شاكِرا لِرِفدِهِ ، حَمدَ مُوَفَّقٍ لِرُشدِهِ ، واثِقٍ بِعَدلِهِ ، لَهُ الشُّكرُ الدّائِمُ ، وَالأَمرُ اللّازِمُ ....
الحَمدُ للّهِِ خالِقِ أمشاجِ ۳ النَّسَمِ ، ومولِجِ الأَنوارِ فِي الظُّلَمِ ، ومُخرِجِ المَوجودِ مِنَ العَدَمِ ، وَالسّابِقِ الأَزَلِيَّةِ بِالقِدَمِ ، وَالجَوادِ عَلَى الخَلقِ بِسَوابِقِ النِّعَمِ ، وَالعَوّادِ عَلَيهِم بِالفَضلِ وَالكَرَمِ ، الَّذي لا يُعجِزُهُ كَثرَةُ الإِنفاقِ ، ولا يُمسِكُ خَشيَةَ الإِملاقِ ، ولا يَنقُصُهُ إدرارُ الأَرزاقِ ، ولا يُدرَكُ بِأناسِيِّ ۴ الأَحداقِ ، ولا يوصَفُ بِمُضامَّةٍ ولَا افتِراقٍ.
أحمَدُهُ عَلى جَزيلِ إحسانِهِ ، وأعوذُ بِهِ مِن حُلولِ خِذلانِهِ ، وأستَهديهِ بِنورِ بُرهانِهِ ، واُؤمِنُ بِهِ حَقَّ إيمانِهِ . ۵

۱۳۹۵.الإمام زين العابدين عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الأَوَّلِ بِلا أوَّلٍ كانَ قَبلَهُ ، وَالآخِرِ بِلا آخِرٍ يَكونُ بَعدَهُ ، الَّذي قَصُرَت عَن رُؤيَتِهِ أبصارُ النّاظِرينَ ، وعَجَزَت عَن نَعتِهِ أوهامُ الواصِفينَ .
اِبتَدَعَ بِقُدرَتِهِ الخَلقَ ابتِداعا ، وَاختَرَعَهُم عَلى مَشيَّتِهِ اختِراعا ، ثُمَّ سَلَكَ بِهِم طَرِيقَ إرادَتِهِ ، وبَعَثَهُم في سَبيلِ مَحَبَّتِهِ ، لا يَملِكونَ تَأخيرا عَمّا قَدَّمَهُم إلَيهِ ، ولا يَستَطيعونَ تَقَدُّما إلى ما أخَّرَهُم عَنهُ . وجَعَلَ لِكُلِّ روحٍ مِنهُم قوتا مَعلوما مَقسوما

1.خفرت بالرجل : غدرت به . وأخفرته : نقضت عهده (المصباح المنير : ص ۱۷۵ «خفر») .

2.أكدى : خاب . وأكدى : افتقر بعد غنىً (تاج العروس : ج ۲۰ ص ۱۱۷ «كدي») .

3.أمشاج : أخلاط (لسان العرب : ج ۲ ص ۳۶۷ «مشج») .

4.. إنسان العين : حَدَقَتُها ، والجمع أناسيّ (المصباح المنير : ص ۲۶ «أنس») .

5.بحار الأنوار : ج ۹۴ ص ۱۵۳ ح ۲۲ نقلاً عن كتاب أنيس العابدين .

  • نام منبع :
    نَهجُ الذِّكر ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    الافقی، رسول
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1386
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 79443
صفحه از 604
پرینت  ارسال به