17
نَهجُ الذِّكر ج2

كَثيرةٌ ، مِنها :
إنَّ قَولَ المُؤَذِّنِ : «اللّهُ أكبَرُ» يَقَعُ عَلى قِدَمِهِ ، وأزَلِيَّتِهِ ، وأبَدِيَّتِهِ ، وعِلمِهِ ، وقُوَّتِهِ ، وقُدرَتِهِ ، وحِلمِهِ ، وكَرَمِهِ ، وجودِهِ ، وعَطائِهِ ، وكِبرِيائِهِ . فَإِذا قالَ المُؤَذِّنُ : «اللّهُ أكبَرُ» فَإِنَّهُ يَقولُ : اللّهُ الَّذي لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ ، وبِمَشِيَّتِهِ كانَ الخَلقُ ، ومِنهُ كانَ كُلُّ شَيءٍ لِلخَلقِ ، وإلَيهِ يَرجِعُ الخَلقُ ، وهُوَ الأَوَّلُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ لَم يَزَل ، وَالآخِرُ بَعدَ كُلِّ شَيءٍ لا يَزالُ ، وَالظّاهِرُ فَوقَ كُلِّ شَيءٍ لا يُدرَكُ ، وَالباطِنُ دونَ كُلِّ شَيءٍ لا يُحَدُّ ، فَهُوَ الباقي وكُلُّ شَيءٍ دونَهُ فانٍ .
وَالمَعنَى الثّاني «اللّهُ أكبَرُ» : أي العَليمُ الخَبيرُ ، عَلِمَ ما كانَ وما يَكونُ قَبلَ أن يَكونَ .
وَالثّالِثُ : «اللّهُ أكبَرُ» أي القادِرُ عَلى كُلِّ شَيءٍ ، يَقدِرُ عَلى ما يَشاءُ ، القَوِيُّ لِقُدرَتِهِ ، المُقتَدِرُ عَلى خَلقِهِ ، القَوِيُّ لِذاتِهِ ، قُدرَتُهُ قائِمَةٌ عَلَى الأَشياءِ كُلِّها ، إذا قَضى أمرا فَإِنَّما يَقولُ لَهُ : كُن ، فَيَكونُ .
وَالرّابِعُ : «اللّهُ أكبَرُ» عَلى مَعنى حِلمِهِ ، وكَرَمِهِ ، يَحلُمُ كَأَنَّهُ لا يَعلَمُ ، ويَصفَحُ كَأَنَّهُ لا يَرى ، ويَستُرُ كَأَنَّهُ لا يُعصى ، لا يَعجَلُ بِالعُقوبَةِ كَرَما وصَفحا وحِلما .
وَالوَجهُ الآخَرُ في مَعنى «اللّهُ أكبَرُ» : أيِ الجَوادُ ، جَزيلُ العَطاءِ ، كَريمُ الفَعالِ .
وَالوَجهُ الآخَرُ : «اللّهُ أكبَرُ» فيهِ نَفيُ كَيفِيَّتِهِ ۱ ، كَأَنَّهُ يَقولُ : اللّهُ أجَلُّ مِن أن يُدرِكَ الواصِفونَ قَدرَ صِفَتِهِ الَّتي هُوَ مَوصوفٌ بِها ، وإنَّما يَصِفُهُ الواصِفونَ عَلى قَدرِهِم لا عَلى قَدرِ عَظَمَتِهِ وجَلالِهِ ، تَعالَى اللّهُ عَن أن يُدرِكَ الواصِفونَ صِفَتَهُ عُلُوّا كَبيرا .
وَالوَجهُ الآخَرُ : «اللّهُ أكبَرُ» كَأَنَّهُ يَقولُ : اللّهُ أعلى وأجَلُّ ، وهُوَ الغَنِيُّ عَن عِبادِهِ ، لا حاجَةَ بِهِ إلى أعمالِ خَلقِهِ . . .
وأمّا قَولُهُ : «اللّهُ أكبَرُ» ۲ ، فَإِنَّهُ يَقولُ : اللّهُ أعلى وأجَلُّ مِن أن يَعلَمَ أحَدٌ مِن خَلقِهِ ما

1.في معاني الأخبار : «نفي صفته وكيفيّته» .

2.أي التي في أواخر الأذان .


نَهجُ الذِّكر ج2
16

فَقالَ : يا مَولايَ؟ وهَل لِلصَّلاةِ تَأويلٌ غَيرُ العِبادَةِ؟
فَقالَ : إي وَالَّذي بَعَثَ مُحَمَّدا بِالنُّبُوَّةِ ، وما بَعَثَ اللّهُ نَبِيَّهُ بِأَمرٍ مِنَ الاُمورِ إلّا ولَهُ تَشابُهٌ وتَأويلٌ وتَنزيلٌ ، وكُلُّ ذلِكَ يَدُلُّ عَلَى التَّعَبُّدِ .
فَقالَ لَهُ : عَلِّمني ما هُوَ يا مَولايَ؟
فَقالَ عليه السلام : تَأويلُ تَكبيرَتِكَ الاُولى إلى إحرامِكَ أن تُخطِرَ في نَفسِكَ إذا قُلتَ : اللّهُ أكبَرُ مِن أن يوصَفَ بِقِيامٍ أو قُعودٍ ، وفِي الثّانِيَةِ : أن يوصَفَ بِحَرَكَةٍ أو جُمودٍ ، وفِي الثّالِثَةِ : أن يوصَفَ بِجِسمٍ أو يُشَبَّهَ بِشِبهٍ أو يُقاسَ بِقِياسٍ ، وتُخطِرَ فِي الرّابِعَةِ : أن تَحُلَّهُ الأَعراضُ أو تُؤلِمَهُ الأَمراضُ ، وتُخطِرَ فِي الخامِسَةِ : أن يوصَفَ بِجَوهَرٍ أو بِعَرَضٍ أو يَحُلَّ شَيئا أو يُحَلَّ فيهِ شَيءٌ ، وتُخطِرَ فِي السّادِسَةِ : أن يَجوزَ عَلَيهِ ما يَجوزُ عَلَى المُحدَثينَ مِنَ الزَّوالِ وَالاِنتِقالِ وَالتَّغَيُّرِ مِنَ حالٍ إلى حالٍ ، وتُخطِرَ فِي السّابِعَةِ : أن تَحُلَّهُ الحَواسُّ الخَمسُ . ۱

۱۵۷۷.الإمام عليّ عليه السلامـ في بَيانِ مَعنى «اللّهُ أكبَرُ» في تَكبيرَةِ الاِفتِتاحِ ـ: هُوَ أكبَرُ مِن أن يُلمَسَ بِالأَخماسِ ، ويُدرَكَ بِالحَواسِّ . ومَعنَى «اللّهُ» : هُوَ الَّذي ذَكَرناهُ أَنَّهُ يُخرِجُ الشَّيءَ مِن حَدِّ العَدَمِ إلَى الوُجودِ . و«أكبَرُ» : أكبَرُ مِن أن يوصَفَ . ۲

۱۵۷۸.الإمام الحسين عليه السلام :كُنّا جُلوسا فِي المَسجِدِ ، إذ ۳ صَعِدَ المُؤَذِّنُ المَنارَةَ ، فَقالَ : اللّهُ أكبَرُ ، اللّهُ أكبَرُ ، فَبَكى أميرُ المُؤمِنينَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام ، وبَكَينا بِبُكائِهِ ، فَلَمّا فَرَغَ المُؤَذِّنُ قالَ : أتَدرونَ ما يَقولُ المُؤَذِّنُ؟ قُلنا : اللّهُ ورَسولُهُ ووَصِيُّهُ أعلَمُ!
فَقالَ : لَو تَعلَمونَ ما يَقولُ لَضَحِكتُم قَليلاً ولَبَكَيتُم كَثيرا ، فَلِقَولِهِ : «اللّهُ أكبَرُ» مَعان

1.بحار الأنوار : ج ۸۴ ص ۲۵۳ ح ۵۲ نقلاً عن خطّ الشيخ محمّد بن عليّ الجبعي نقلاً من خطّ الشيخ الشهيد قدس سره .

2.بحار الأنوار : ج ۸۴ ص ۳۸۰ ح ۳۵ نقلاً عن العلل لمحمّد بن عليّ بن إبراهيم .

3.في المصدر : «إذا» ، والتصويب من معاني الأخبار .

  • نام منبع :
    نَهجُ الذِّكر ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    الافقی، رسول
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دار الحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1386
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 114507
صفحه از 679
پرینت  ارسال به