إلّا عليّ عليه السلام ؛ حيث قام وصدح بذلك ، فأجلسه رسول اللّه صلى الله عليه و آله وتكرّر هذا الموقف في للمرّة الثانية والثالثة ، فقال صلى الله عليه و آله :
«اِجلِس ؛ فَأَنتَ أخي ووَزيري ووَصِيّي وخَليفَتي مِن بَعدي» ۱ .
وخاطب الحاضرين بقوله :
«إنَّ هذا أخي ، ووَصيّي ، وخَليفَتي عَلَيكُم ؛ فَاسمَعوا لَهُ وأطيعوهُ» ۲ .
إلّا أنّ ذوي الضمائر السود ، والقلوب العليلة ، والأبصار العمي ، والأسماع الصمّ لم يذعنوا لصوت الحقّ ، ولجّوا وكابروا وعتَوا عن الكلام النبويّ ، بل إنّهم اتّخذوا أبا طالب سخريّاً . لكنّ الحقّ علا ، وطار كلامه صلى الله عليه و آله في الآفاق طلقاً من ذلك النطاق الضيّق ، ورسخت هذه الحقيقة فضيلةً عظمى إلى جانب فضائله عليه السلام ، وتبلور سند متين لإثبات ولايته إلى جانب عشرات الأسانيد الوثائقيّة ، وأعلن النبيّ صلى الله عليه و آله عمليّاً وحدة النبوّة والولاية في الاتّجاه والمسير وتلازمها ، ودلّ الجميع في اليوم الأوّل من الجهر بدعوته استمرار القيادة وامتدادها بعده ، وأودع ذلك ذمّة التاريخ ، والمهمّ هو تبيان موقع الكلام النبويّ .
و قال صلى الله عليه و آله كلمته : «فَاسمَعوا لَهُ وأَطيعوهُ» في وقت كانت قريش قد تصامّت عن سماع كلامه ولم تعره آذانا صاغية ، فمن البيّن أنّ هذا الكلام كان للمستقبل وأجياله القادمة ممّن يقرّ بنبوّته صلى الله عليه و آله ، ويعتقد بحجّيّة كلامه .
۱۱۰.الإمام عليّ عليه السلام :لَمّا نَزَلَت هذِهِ الآيَةُ عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله : «وَ أَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» دَعاني رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَقال لي : يا عَلِيُّ، إنَّ اللّهَ أمَرَني أن اُنذِرَ عَشيرَتِي الأَقرَبينَ ، فَضِقتُ بِذلِكَ ذَرعا ، وعَرَفتُ أنّي مَتى اُباديهِم بِهذَا الأَمرِ أرى مِنهُم ما أكرَهُ ، فَصَمَتُّ عَلَيهِ حَتّى جاءَني جَبرَئيلُ فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّكَ إن لا تَفعَل ما تُؤمَرُ بِهِ يُعَذِّبكَ رَبُّكَ.