« . . . إنّهم لن يصلوا من الآن إليك يا عليّ بأمر تكرهه . . .» ^۱ .
4 ـ في ضوء بعض المعلومات التاريخيّة : لمّا هجم المشركون على الدار صباحا ، ورأوا عليّا عليه السلام في الفراش ، وأيِسوا من مؤامرتهم المشؤومة ، اصطدموا بالإمام عليه السلام ، وقبل ذلك رموه بالحجارة غير مرّة . قال الإسكافي :
ولو كان هذا صحيحا لم يصل إليه منهم مكروه ، وقد وقع الاتّفاق على أنّه ضُرب ورُميَ بالحجارة قبل أن يعلموا من هو حتى تضوّر ، وأنّهم قالوا له : رأينا تضوّرك ؛ فإنّا كنّا نرمي محمّدا ولا يتضوّر ^۲ .
وقال الطبري : فانتهروه وضربوه وأخرجوه إلى المسجد فحبسوه ساعةً ثمّ تركوه ^۳ .
فإذا كان عدم وصول المكروه إليه بوعد من رسول اللّه صلى الله عليه و آله قبل مبيته في فراش النبيّ صلى الله عليه و آله لكان ينبغي عدم وصول شيء من الضرر والأذى إليه أصلاً!
وأشار الإمام عليه السلام في كلامٍ له إلى هذا الاصطدام وقال : «وأمرني أن أضطجع في مضجعه وأقيه بنفسي ، فأسرعتُ إلى ذلك مطيعا له مسرورا لنفسي بأن اُقتل دونه» ^۴ .
وأوضح من ذلك كلّه شعر لطيف للإمام عليه السلام نفسه في وصف هذه الفضيلة الرفيعة :

وقيتُ بنفسي خيرَ من وطئ الحصا
ومن طافَ بالبيتِ العتيق وبالحِجْرِ
رسول إله خاف أن يمكروا بهِ
فنجّاهُ ذو الطول الإله من المكْرِ
وبات رسولُ اللّهِ في الغارِ آمنا
موقّىً وفي حفظ الإله وفي ستْرِ
وبتُّ اُراعيهم ولم يتّهمونني
وقد وطنتْ نفسي على القتل والأسْرِ^۵
نلحظ الإمام عليه السلام في هذه الأبيات يصرّح بمبيته في فراش النبيّ صلى الله عليه و آله ، واستعداده للقتل ، والأسر ، وتفانيه في سبيل المحافظة على حياته صلى الله عليه و آله .