333
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1

الأمواج ، بيد أ نّها سرعان ما تفترسه وتأتي عليه في ملاذه الواهن ، فيُدركه الغرق ويصير هباءً ضائعاً .
فإذاً ينبغي أن تكون الاُمّة على حذر ، وأن تُدرك أنّ طريق النجاة الوحيد يكمن في ركوب «السفينة» ، واللوذ بأهل البيت عليهم السلام ، والاعتصام بحجزتهم ، والتمسّك بتعاليمهم وسنّتهم .
ليس هناك شكّ في دلالة الحديث على وجوب إطاعة أهل البيت عليهم السلام وإلّا هل لعاقل تأخذه أمواج عاتية ، فيُشرف حتماً على الغرق والضياع ، ثمّ يتردّد في النجاة ، ولا يركب سفينة الإنقاذ !
من جهة اُخرى إنّ التطلّع صوب هذه السفينة يستتبع الهداية بالضرورة والنجاة من أمواج الفتن والضلالات ، فالسفينة منجية ، وإذاً فهؤلاء الكرام معصومون منزّهون عن الزلل والخطأ ۱ .

1.لمزيد الاطّلاع على متن حديث السفينة وسنده وطرقه وما يتّصل به من بحوث راجع : نفحات الأزهار : الجزء الرابع ، وأهل البيت في الكتاب والسنّة : ص۹۵ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1
332

(14 )

حديث السفينة

والنبيّ صلى الله عليه و آله يعيش بين الاُمّة كان يُمسك بجميع الاُمور ، ويُشرف على الشؤون كافّة ، ولم يكن المجتمع الإسلامي على عهد النبيّ قد اتّسع بعدُ ، بيد أنّ هذا المجتمع الفتيّ كان يواجه مصاعب كثيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي ، ويعاني عدداً من الانحرافات ؛ فتيّار النفاق ـ مثلاً ـ كانت بذوره الاُولى قد نشأت في تضاعيف ذلك المجتمع ، وهكذا لاحت أيضاً إرهاصات ارتداد البعض انطلاقاً من المجتمع ذاته .
لقد كان الرسول القائد ينظر ليوم تغيب فيه هذه الشعلة المتوهّجة ، ويفقد المجتمع وجود النبيّ ، فيما ينبغي للاُمّة أن تشقّ طريقها من بعده ، وتواصل الدرب . إنّ كلّ ما توفّرنا على ذكره يُشير إلى التخطيط لمستقبل الاُمّة وتدبير غدها الآتي ؛ هذا الغد الذي سينشقّ عن أجواء تتفجّر جوانبها بالفتنة ، وتضطرم بالعواصف العاتية وأمواج الضلال .
على ضوء هذه الخلفيّة انطلقت كلمات رسول اللّه صلى الله عليه و آله تُدلّ الاُمّة على الملاذ الآمِن الذي تعتصم به من الفتن والضلال فيما اشتهر بـ «حديث السفينة» ، الذي جاء في أحد نصوصه : «ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ؛ من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هلك» . ما أروعه من تشبيه دالّ وموقظ ، يبعث على التيقّظ والحذر !
فرسول اللّه صلى الله عليه و آله يتطلّع صوب المستقبل من وراء حُجب الغيب ، فيبصره مليئاً بالفتن والضلالات التي يشبّهها بالأمواج المتلاطمة العاتية ، أمواج مهولة تُغرق مَن يعرض لها ، وتدفعه نحو قاعٍ سحيق ، وما أكثر من يتسلّق الأوهام حذر هذه

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 76594
صفحه از 664
پرینت  ارسال به