343
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1

أ فبعد هذا كلّه ، يجوز الشكّ في صدور الحديث أو في طرقه ؟ ! إنّ من يفعل هذا إنّما ينزلق إليه عن استكبار وعتوّ ورغبة في مناهضة الحقّ الصراح ، لا لشيء آخر .

2 ـ دلالة الحديث

يظهر ممّا ذكرناه في بداية البحث وما سنعمل تفصيله أكثر عبر نصوص جمّة ، أنّ أحداً لم يكن يشكّ أو يناقش في أنّ مدلول جملة : «مَن كُنتُ مَولاهُ فَعَلِيٌّ مَولاهُ» إنّما كان يُشير إلى الرئاسة وتولّي الأمر ، وإلى الإمامة والزعامة ، على هذا مضت سُنّة السلف ومن عاصر الحديث ، دون أن يفهم أحد ما سوى ذلك . ولا جدال أنّ للفظ «المولى» في اللغة معاني أوسع من ذلك ۱ ، لكن ليس ثمَّ شيء من تلك المعاني يمكن أن يكون هو المراد ، إنّما المقصود بمدلول الحديث هو الذي ذكرناه ، وفهمه الجيل الأوّل .

«المولى» في الأدب العربي

إنّ تفحّص النصوص الأدبيّة القديمة ، ودراسة متون اللغة والتفسير ، ليدلّ دون ريب أنّ إحدى المعاني الواضحة لـ «المولى» هي الرئاسة والأولى بالتصرّف في اُمور «المولّى عليه» ، وهي بمعنى الزعامة والولاية .
وفيما يلي نستعرض بعض النصوص والشواهد اللغويّة والتفسيريّة الدالّة على ذلك :
كتب أبو عبيدة معمر بن المثنّى البصري في تفسير الآية(15) من سورة الحديد ، عند قوله : «هِىَ مَوْلَـكُمْ» : «أي : أولى بِكُم» ۲ .

1.راجع : الغدير : ج۱ ص۳۶۲ ، حيث استعرض عدداً من هذه المعاني .

2.مجاز القرآن : ج۲ ص۲۵۴ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1
342

صَحيحٌ» ۱ .
وعند ترجمة الذهبي لابن جرير الطبري ، كتب : «لَمّا بَلَغَهُ ـ ابن جرير ـ أنَّ ابنَ أبي داوُدَ تَكَلَّمَ في حَديثِ غَديرِ خُمٍّ ، عَمِلَ كِتابَ الفَضائِلِ ، وتَكَلَّمَ عَلى تَصحيحِ الحَديثِ . قُلتُ : رَأَيتُ مُجَلَّداً مِن طُرُقِ الحَديثِ لِابنِ جَريرٍ ، فَاندَهَشتُ لَهُ ولِكَثرَةِ تِلكَ الطُّرُقِ» ۲ .
وكتب ابن حجر : «وأمّا حَديثُ : مَن كُنتُ مَولاهُ فَعَلِيٌّ مَولاهُ ، فَقَد أخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ وَالنِّسائِيُّ ، وهُوَ كَثيرُ الطُّرُقِ جِدّاً ، وَقِد استَوعَبَهَا ابنُ عُقدَةَ في كِتابٍ مُفرَدٍ ، وكَثيرٌ مِن أسانيدِها صِحاحٌ حِسانٌ» ۳ .
أمّا كتاب ابن عقدة الموسوم بـ «حديث الولاية» فقد كان متداولاً بين العلماء حتى القرن الهجري العاشر تقريباً ، وعنه كتب السيّد ابن طاووس يقول : «وقَد رُوِيَ فيهِ نَصُّ النَّبِيِّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ عَلى مَولانا عَلِيٍّ عليه السلام بِالوِلايَةِ مِن مِائَةٍ وخَمسِ طُرُقٍ» ۴۵ .
ممّن أتى على نقل الحديث أيضاً ابن عساكر ؛ حيث ذكره في مواضع عدّة من مصنّفه العظيم ، ويكفيك أ نّه ذكر له عشرات الطرق في موضع واحد فقط ۶ .
وعلى النهج ذاته مضى عدد كبير من المحدّثين والمفسّرين والعلماء .

1.سنن الترمذي : ج۵ ص۶۳۳ ح۳۷۱۳ .

2.تذكرة الحفّاظ : ج۲ ص۷۱۳ ح۷۲۸ . ولمزيد الاطّلاع حول كتاب الطبري وأهمّيته راجع : كتاب «الغدير في التراث الإسلامي» : ص۳۵ .

3.فتح الباري : ج۷ ص۷۴ .

4.الإقبال : ج۲ ص۲۴۰ .

5.راجع : كتاب «الغدير في التراث الإسلامي» : ص۴۵ ، حيث توفّر المؤلّف على بيان أهمّية كتاب ابن عقدة وتأثيره في الكتب التالية له بدقّة كافية .

6.راجع : تاريخ دمشق : ج۴۲ ص۲۰۴ ـ ۲۳۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 76428
صفحه از 664
پرینت  ارسال به