515
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1

حَقٌّ ، وأنَّ المَوتَ حَقٌّ ، وأنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيبَ فيها ، وأنَّ اللّهَ يَبعَثُ مَن فِي القُبورِ ! ! قالوا : بَلى نَشهَدُ بِذلِكَ. قالَ : اللّهُمَّ اشهَد .
ثُمَّ قالَ : أيُّهَا النّاسُ أ لا تَسمَعونَ ! قالوا : نَعَم . قالَ : فَإِنّي فَرَطٌ 1 عَلَى الحَوضِ ، وأنتُم وارِدونَ عَلَيَّ الحَوضَ ، وإنَّ عَرضَهُ ما بَينَ صَنعاءَ 2 وبُصرى 3 ، فيهِ أقداحٌ عَدَدَ النُّجومِ مِن فِضَّةٍ ، فَانظُروا كَيفَ تَخلُفوني فِي الثَّقَلَينِ ! ! فَنادى مُنادٍ : ومَا الثَّقَلانِ يا رَسولَ اللّهِ ؟ قالَ : الثَّقَلُ الأَكبَرُ : كِتابُ اللّهِ ، طَرَفٌ بِيَدِ اللّهِ عزّ وجلّ ، وطَرَفٌ بِأَيديكُم ؛ فَتَمَسَّكوا بِهِ لا تَضِلّوا . وَالآخَرُ الأَصغَرُ : عِترَتي . وإنَّ اللَّطيفَ الخَبيرَ نَبَّأَني أنَّهُما لَن يَتَفَرَّقا حَتّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ ، فَسَأَلتُ ذلِكَ لَهُما رَبّي ، فَلا تَقدَّموهُما ؛ فتَهلِكوا ، ولا تُقَصِّروا عَنهُما ؛ فَتَهلِكوا .
ثُمَّ أخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ فَرَفَعَها ـ حَتّى رُؤِيَ بَياضُ آباطِهِما وعَرَفَهُ القَومُ أجمَعونَ ـ فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ ، مَن أولَى النّاسِ بِالمُؤمِنينَ مِن أنفُسِهِم ؟ قالوا : اللّهُ ورَسولُهُ أعلَمُ !قال : إنَّ اللّهَ مَولايَ ، وأنَا مَولَى المُؤمِنينَ ، وأنَا أولى بِهِم مِن أنفُسِهِم ؛ فَمَن كُنتُ مَولاهُ فَعَلِيٌّ مَولاهُ ـ يَقولُها ثَلاثَ مَرّاتٍ ، وفي لَفظِ أحمَدَ إمامَ الحَنابِلَةِ : أربَعَ مَرّاتٍ ـ ثُمَّ قالَ : اللّهُمَّ والِ مَن والاهُ ، وعادِ مَن عاداهُ ، وأحِبَّ مَن أحَبَّهُ ، وأبغِض مَن أبغَضَهُ ، وَانصُر مَن نَصَرَهُ ، وَاخذُل مَن خَذَلَهُ ، وأدِرِ الحَقَّ مَعَهُ حَيثُ دارَ . ألا فَليُبَلِّغِ الشّاهِدُ الغائِبَ.
ثُمَّ لَم يَتَفَرَّقوا حَتّى نَزَلَ أمينُ وَحيِ اللّهِ بِقَولِهِ : «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْت

1.أنا فَرَطكم على الحوض : أي متقدّمكم إليه (النهاية : ج۳ ص۴۳۴) .

2.صنعاء: عاصمة اليمن، وتقع جنوب الحجاز، وشمال مدينة عدن . وكانت من أهمّ مدن اليمن والحجاز آنذاك .

3.بُصرى : مدينة تبعد عن دمشق تسعين كيلو مترا من الجنوب الشرقي . وكان لها أهمّية عظمى أيّام الروم . فتحت على يد خالد بن الوليد في السنة (۱۳ ه ) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1
514

وكانَ أوائِلُ القَومِ قَريبا مِنَ الجُحفَةِ ، فَأَمَرَ رَسولُ اللّهِ أن يُرَدَّ مَن تَقَدَّمَ مِنهُم ، ويُحبَسَ مَن تَأَخَّرَ عَنهُم في ذلِكَ المَكانِ ، ونَهى عَن سَمُراتٍ ۱ خَمسٍ مُتَقارِباتٍ دَوحاتٍ عِظامٍ أن لا يَنزِلَ تَحتَهُنّ أحَدٌ ، حَتّى إذا أخَذَ القَومُ مَنازِلَهُم فَقُمّ ۲ ما تَحتَهُنَّ ، حَتّى إذا نودِيَ بِالصَّلاةِ ـ صَلاةِ الظُّهرِ ـ عَمَدَ إلَيهِنَّ ، فَصَلّى بِالنّاسِ تَحتَهُنَّ ، وكانَ يَوما هاجِرا ۳ ؛ يَضَعُ الرَّجُلُ بَعضَ رِدائِهِ عَلى رَأسِهِ ، وبَعضَهُ تَحتَ قَدَمَيهِ مِن شِدَّةِ الرَّمضاءِ .
وظُلِّلَ لِرَسولِ اللّهِ بِثَوبٍ عَلى شَجَرَةِ سَمُرَةٍ مِن الشَّمسِ . فَلَمَّا انصَرَفَ صلى الله عليه و آله مِن صَلاتِهِ قامَ خَطيبا وَسَطَ القَومِ ، عَلى أقتابِ الإِ بِلِ ، وأسمَعَ الجَميعَ ، رافِعا عَقيرَتَهُ ، فَقالَ : الحَمدُ للّهِِ ، ونَستَعينُهُ ونُؤمِنُ بِهِ ، ونَتَوَكَّلُ عَلَيهِ ، ونَعوذُ بِاللّهِ مِن شُرورِ أنفُسِنا ، ومِن سَيِّئاتِ أعمالِنا ، الَّذي لا هادِيَ لِمَن أضَلَّ ۴ ، ولا مُضِلَّ لِمَن هَدى ، وأشهَدُ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ ، وأنَّ مُحَمَّدا عَبدُهُ ورَسولُهُ .
أمّا بَعدُ : أيُّهَا النّاسُ قَد نَبَّأَنِي اللَّطيفُ الخَبيرُ أنَّهُ لَم يُعَمَّر نَبِيُّ إلّا مِثلَ نِصفِ عُمُرِ الَّذي قَبلَهُ ، وإنّي اُوشِكُ أن اُدعى فَأُجيبَ ۵ ، وإنّي مَسؤولٌ وأنتُم مَسؤولونَ ، فَماذا أنتُم قائِلونَ ؟ قالوا : نَشهَدُ أنَّكَ قَد بَلَّغتَ ونَصَحتَ وجَهَدتَ ، فَجَزاكَ اللّهُ خَيرا . قالَ : أ لَستُم تَشهَدونَ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ ، وأنَّ مُحَمَّدا عَبدُهُ ورَسولُهُ ، وأنَّ جَنَّتَهُ حَقٌّ ، ونارَه

1.السَّمُرة : من شجر الطلح ، والجمع سَمُرٌ وسَمُرات (لسان العرب : ج۴ ص۳۷۹) .

2.قَمَّ الشيء قمّا : كنَسَه (لسان العرب : ج۱۲ ص۴۹۳) .

3.الهَجير والهَجيرة والهَجْر والهاجرة : نصف النهار عند زوال الشمس إلى العصر ، وقيل في كلّ ذلك : إنّه شدّة الحرّ (لسان العرب : ج۵ ص۲۵۴) .

4.في المصدر: «ضلّ» ، والصحيح ما أثبتناه كما اُشير إليه في هامش ص۳۶ من المصدر .

5.في الطبعة المعتمدة : «فأجبت» ، والصحيح ما أثبتناه كما في طبعة مركز الغدير .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 97783
صفحه از 664
پرینت  ارسال به