حَقٌّ ، وأنَّ المَوتَ حَقٌّ ، وأنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيبَ فيها ، وأنَّ اللّهَ يَبعَثُ مَن فِي القُبورِ ! ! قالوا : بَلى نَشهَدُ بِذلِكَ. قالَ : اللّهُمَّ اشهَد .
ثُمَّ قالَ : أيُّهَا النّاسُ أ لا تَسمَعونَ ! قالوا : نَعَم . قالَ : فَإِنّي فَرَطٌ 1 عَلَى الحَوضِ ، وأنتُم وارِدونَ عَلَيَّ الحَوضَ ، وإنَّ عَرضَهُ ما بَينَ صَنعاءَ 2 وبُصرى 3 ، فيهِ أقداحٌ عَدَدَ النُّجومِ مِن فِضَّةٍ ، فَانظُروا كَيفَ تَخلُفوني فِي الثَّقَلَينِ ! ! فَنادى مُنادٍ : ومَا الثَّقَلانِ يا رَسولَ اللّهِ ؟ قالَ : الثَّقَلُ الأَكبَرُ : كِتابُ اللّهِ ، طَرَفٌ بِيَدِ اللّهِ عزّ وجلّ ، وطَرَفٌ بِأَيديكُم ؛ فَتَمَسَّكوا بِهِ لا تَضِلّوا . وَالآخَرُ الأَصغَرُ : عِترَتي . وإنَّ اللَّطيفَ الخَبيرَ نَبَّأَني أنَّهُما لَن يَتَفَرَّقا حَتّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ ، فَسَأَلتُ ذلِكَ لَهُما رَبّي ، فَلا تَقدَّموهُما ؛ فتَهلِكوا ، ولا تُقَصِّروا عَنهُما ؛ فَتَهلِكوا .
ثُمَّ أخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ فَرَفَعَها ـ حَتّى رُؤِيَ بَياضُ آباطِهِما وعَرَفَهُ القَومُ أجمَعونَ ـ فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ ، مَن أولَى النّاسِ بِالمُؤمِنينَ مِن أنفُسِهِم ؟ قالوا : اللّهُ ورَسولُهُ أعلَمُ !قال : إنَّ اللّهَ مَولايَ ، وأنَا مَولَى المُؤمِنينَ ، وأنَا أولى بِهِم مِن أنفُسِهِم ؛ فَمَن كُنتُ مَولاهُ فَعَلِيٌّ مَولاهُ ـ يَقولُها ثَلاثَ مَرّاتٍ ، وفي لَفظِ أحمَدَ إمامَ الحَنابِلَةِ : أربَعَ مَرّاتٍ ـ ثُمَّ قالَ : اللّهُمَّ والِ مَن والاهُ ، وعادِ مَن عاداهُ ، وأحِبَّ مَن أحَبَّهُ ، وأبغِض مَن أبغَضَهُ ، وَانصُر مَن نَصَرَهُ ، وَاخذُل مَن خَذَلَهُ ، وأدِرِ الحَقَّ مَعَهُ حَيثُ دارَ . ألا فَليُبَلِّغِ الشّاهِدُ الغائِبَ.
ثُمَّ لَم يَتَفَرَّقوا حَتّى نَزَلَ أمينُ وَحيِ اللّهِ بِقَولِهِ : «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْت
1.أنا فَرَطكم على الحوض : أي متقدّمكم إليه (النهاية : ج۳ ص۴۳۴) .
2.صنعاء: عاصمة اليمن، وتقع جنوب الحجاز، وشمال مدينة عدن . وكانت من أهمّ مدن اليمن والحجاز آنذاك .
3.بُصرى : مدينة تبعد عن دمشق تسعين كيلو مترا من الجنوب الشرقي . وكان لها أهمّية عظمى أيّام الروم . فتحت على يد خالد بن الوليد في السنة (۱۳ ه ) .