عازِبٍ ومُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ» ۱ .
ثم انعطف الفخر الرازي ليقول : «وَاعلَم أنَّ هذِهِ الرِّواياتِ وإن كَثُرَت إلّا أنَّ الأَولى حَملُهُ عَلى أنَّهُ تَعالى آمَنَهُ مِن مَكرِ اليَهودِ وَالنَّصارى ، وأمَرَهُ بإِظهارِ التَّبليغِ من غَيرِ مُبالاةٍ مِنهُ بِهِم» ۲ .
إنّ ما صرّح به الفخر الرازي من أنّ الروايات في هذا القول ـ الأخير ـ كثيرة ، لهو أمر ثابت وصحيح . بَيد أنّ الذي يبعث على الدهشة هو حال اُولئك المفسّرين والمحدّثين والمتكلّمين الذين لا ينصاعون إلى كلّ هذا الحشد من الروايات ، ولا يُذعنون إليه ، بل يجنحون إلى معاذير وتفسيرات لا تلتئم والواقع التاريخي ، ولا تنسجم مع شخصيّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، أو تتواءم مع سيرته الوضيئة ، وتتوافق مع خطاه الراسخة في إبلاغ الحقّ .
نزول الآية في واقعة الغدير لإبلاغ الولاية
يتّضح ممّا سلف ؛ واستناداً إلى الروايات والأخبار الكثيرة التي أوردنا نصوصها ، أنّ آية الإبلاغ نزلت في غدير خمّ للثامن عشر من ذي الحجّة عام 10 ه ، عطفا على ما كان قد صرّح به النبيّ وذكره مرّات ، وتأكيداً لما كان نزل على رسول اللّه صلى الله عليه و آله من الوحي القرآني والبياني أكثر من مرّة .
على أنّ من الحريّ أن نؤكّد أنّ قوله سبحانه : «مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ» يشمل كلّ ما هبط على النبيّ صلى الله عليه و آله في هذا المجال ، على امتداد سنيّ الرسالة ، سواء أكان وحياً قرآنيّاً أم وحياً بيانيّاً ، وذلك في مختلف المواضع والمناسبات ، وعلى صعيد كافّة التجمّعات ممّا قلّ منها أو كثُر .