543
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1

العمامة على رأس عليّ عليه السلام في مراسم مهيبة ۱ ، ثم هو ذا النبيّ يضع بنفسه برنامجاً خاصّاً لتهنئة الإمام القائد في ذلك اليوم ۲ ، فينثال على الإمام الصحابة الكرام مسلّمين ومهنّئين ۳ ، وهذا حسّان بن ثابت يطلع من بين الصفوف بقصيدة توثّق الواقعة ۴ ، وبعد ذلك كلّه يُصار لإعلان يوم الغدير عيداً من أعظم الأعياد الإسلاميّة ۵ .
فهل تدع هذه القرائن شكّاً في أنّ يوم إكمال الدين هو يوم الغدير ، بالأخصّ حين تنضمّ إليها وثائق وقرائن كثيرة اُخرى تاريخيّة وحديثيّة ؟

2 ـ يوم عرفة

بإزاء النصوص التي سلفت إليها الإشارة هناك نصوص اُخرى تُصرّح أنّ آية «إكمال الدين» نزلت في يوم عرفة بعرفات .
هذا القول هو الشائع بين أهل السنّة ، وهو المعوّل عندهم ، وقد روي عن عدد من الصحابة ، بيد أنّ الأساس فيه هو كلام عمر آنف الذكر حين سأله الرجل اليهودي ، وقد توافرت الكتب على نقله من بينها صحيح البخاري ، كما مرّت الإشارة إليه.
كما ذُكر القول نفسه في بعض كتب الشيعة وأحاديثها ، ونذكر فيما يلي حديثين منها مرويّين عن الإمامين محمّد الباقر وجعفر الصادق عليهماالسلام :
ـ الحديث الأوّل ذكره ثقة الإسلام الكليني في الكافي ، وقد جاء فيه :
«عَن أبِي الجارودِ عَن أبي جَعفَرٍ عليه السلام قالَ : سَمِعتُ أبا جَعفَرٍ عليه السلام يَقولُ : فَرَضَ اللّهُ عزّوجلّ عَلَى العِبادِ خَمساً ؛ أخَذوا أربَعاً ، وتَرَكوا واحِداً .

1.راجع : ج ۱ ص ۵۴۶ (التتويج يوم الغدير) .

2.راجع : ج ۱ ص ۵۵۰ (التهنئة القياديّة) .

3.راجع : ج ۱ ص ۵۶۵ (أبيات حسّان بن ثابت) .

4.راجع : ج ۱ ص ۵۹۲ (عيد الغدير في الإسلام) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1
542

آخر غيره . بيد أنّ هناك ما يناهز العشرين حديثاً تتحدّث صراحة على أنّ الآية نزلت يوم الغدير ۱ . كما توجد أحاديث في كتب أهل السنّة تنتهي أساساً إلى أبي هريرة وأبي سعيد الخدري ، تُشير أيضاً إلى أنّ الآية نزلت في يوم الغدير ، الموافق للثامن عشر من ذي الحجّة سنة عشر للهجرة ۲ ، وهذه الأحاديث تتوافق مع القرآن ، ولا مناص من التسليم بها ، وإلّا ليس ثمّة يوم يمكن العثور عليه في حياة النبيّ صلى الله عليه و آله ينطوي على ما ذكره القرآن من خصائص غير يوم الغدير .
فبتعيين القائد المستقبلي للاُمّة الإسلاميّة من قِبَل اللّه سبحانه في هذا اليوم ، اندحر الكافرون ، وانقطع دابرهم ، وتبدّلت آمالهم يأساً ، وقد كانوا من قبل يظنّون أنّ هذا الدين متقوّم بشخص النبيّ ووجوده الأقدس ، فإذا ما غاب عن الساحة انتهى أمر الإسلام ، وصار إلى زوال .
في هذا اليوم تكامل منهاج الإسلام ، وتمّت اُطروحته لإدارة غد البشريّة ، وتدبير أمر العالم كلّ العالم .
وبتبوّأ شخصيّة شاهقة متألّقة كالإمام أمير المؤمنين عليه السلام الذي هو عِدل النبيّ صلى الله عليه و آله ـ باستثناء النبوّة ۳ ـ وتعيينه للخلافة ، كملت نعمة اللّه سبحانه على الاُمّة الإسلاميّة .
وباستكمال منهاج الإسلام ، وبلوغ برنامجه الذروة لتكامل المجتمع الإنساني مادّياً ومعنويّاً ؛ رضي اللّه سبحانه الإسلام ديناً لتكامل الإنسان .
ثمّة قرائن وافرة تدلّ على أنّ يوم إكمال الدين هو يوم الغدير ؛ فها نحن نُبصر على المسرح التاريخي لوقائع يوم الغدير عام (10 ه) يدَي رسول اللّه صلى الله عليه و آله تضع

1.راجع : الأمالي للصدوق : ص۱۸۸ ح۱۹۷ ، كمال الدين : ص۲۷۶ ، الإقبال : ج۲ ص۲۶۲ ؛ شرح الأخبار : ج ۱ ص۱۰۵ ، الغيبة للنعماني : ص۶۹ ح۸ ، الاحتجاج : ج۱ ص۳۴۲ ، إعلام الورى : ج۱ ص۲۶۳ ، اليقين : ص۲۱۲ ، تفسير فرات : ص۱۱۸ ح۱۲۳ .

2.راجع : كمال الدين : ص۲۷۶ والغدير : ج۱ ص۲۳۰ .

3.راجع : ج ۱ ص ۴۱۹ (أحاديث المنزلة) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 76278
صفحه از 664
پرینت  ارسال به