فَقالَ : اللّهُمَّ اشهَد ـ ثَلاثَ مَرّاتٍ ـ ثُمَّ قالَ : يا معَشَرَ المُسلِمينَ ! هذا وَلِيُّكُم مِن بَعدي ، فَليُبَلِّغِ الشّاهِدُ مِنكُمُ الغائِبَ» ۱ .
ـ أمّا الحديث الثاني فقد رواه العيّاشي عن محمّد الخزاعي عن الإمام الصادق عليه السلام قال :
«لَمّا نَزَلَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَرفاتٍ يَومَ الجُمُعَةِ ، أتاهُ جَبرَئيلُ عليه السلام فَقالَ لَهُ : يا مُحَمَّدُ ، إنَّ اللّهَ يُقرِئُكَ السَّلامَ ويَقولُ لَكَ : قُل لِاُمَّتِكَ : «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ» بِوِلايَةِ عَلِيِّ ابنِ أبي طالِبٍ «وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْاءِسْلَـمَ دِينًا » ولَستُ اُنزِلُ عَلَيكُم بَعدَ هذا ، قَد أنزَلتُ عَلَيكُمُ الصَّلاةَ والزَّكاةَ وَالصَّومَ وَالحَجَّ ، وهِيَ الخامِسَةُ ، ولَستُ أقبَلُ هذِهِ الأَربَعَةَ إلّا بِها» ۲ .
والسؤال الآن : هل تتعارض هاتان المجموعتان من النصوص بحيث لا يمكن علاجها ممّا يتحتّم طرح إحداهما ، أم أنّ الجمع بينهما ممكن ؟
مقتضى التأمّل في هاتين المجموعتين من النصوص ودراستهما بدقّة لاتُفضي إلى عدم وجود تعارض أساسي بين الاثنين وحسب ، بل العكس تُفيد أ نّهما يؤيّد بعضهما بعضاً من حيث الأصل ، وأنّ إحداهما مكمّلة للاُخرى .
وبيان ذلك ـ كما ذهب إليه العلّامة الطباطبائي ـ هو : «أنَّ التَّدَبُّرَ فِي الآيَتَينِ الكَريمَتَينِ : «يَـأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ . . .» عَلى ما سَيَجيءُ مِن بَيانِ مَعناهُ ، وقَولِهِ «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ . . .» وَالأَحاديثِ الوارِدَةِ مِن طُرُقِ الفَريقَينِ فيهِما ، ورِواياتِ الغَديرِ المُتَواتِرَةِ ، وكَذا دِراسَة