545
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1

فَقالَ : اللّهُمَّ اشهَد ـ ثَلاثَ مَرّاتٍ ـ ثُمَّ قالَ : يا معَشَرَ المُسلِمينَ ! هذا وَلِيُّكُم مِن بَعدي ، فَليُبَلِّغِ الشّاهِدُ مِنكُمُ الغائِبَ» ۱ .
ـ أمّا الحديث الثاني فقد رواه العيّاشي عن محمّد الخزاعي عن الإمام الصادق عليه السلام قال :
«لَمّا نَزَلَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَرفاتٍ يَومَ الجُمُعَةِ ، أتاهُ جَبرَئيلُ عليه السلام فَقالَ لَهُ : يا مُحَمَّدُ ، إنَّ اللّهَ يُقرِئُكَ السَّلامَ ويَقولُ لَكَ : قُل لِاُمَّتِكَ : «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ» بِوِلايَةِ عَلِيِّ ابنِ أبي طالِبٍ «وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْاءِسْلَـمَ دِينًا » ولَستُ اُنزِلُ عَلَيكُم بَعدَ هذا ، قَد أنزَلتُ عَلَيكُمُ الصَّلاةَ والزَّكاةَ وَالصَّومَ وَالحَجَّ ، وهِيَ الخامِسَةُ ، ولَستُ أقبَلُ هذِهِ الأَربَعَةَ إلّا بِها» ۲ .
والسؤال الآن : هل تتعارض هاتان المجموعتان من النصوص بحيث لا يمكن علاجها ممّا يتحتّم طرح إحداهما ، أم أنّ الجمع بينهما ممكن ؟
مقتضى التأمّل في هاتين المجموعتين من النصوص ودراستهما بدقّة لاتُفضي إلى عدم وجود تعارض أساسي بين الاثنين وحسب ، بل العكس تُفيد أ نّهما يؤيّد بعضهما بعضاً من حيث الأصل ، وأنّ إحداهما مكمّلة للاُخرى .
وبيان ذلك ـ كما ذهب إليه العلّامة الطباطبائي ـ هو : «أنَّ التَّدَبُّرَ فِي الآيَتَينِ الكَريمَتَينِ : «يَـأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ . . .» عَلى ما سَيَجيءُ مِن بَيانِ مَعناهُ ، وقَولِهِ «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ . . .» وَالأَحاديثِ الوارِدَةِ مِن طُرُقِ الفَريقَينِ فيهِما ، ورِواياتِ الغَديرِ المُتَواتِرَةِ ، وكَذا دِراسَة

1.الكافي : ج۱ ص۲۹۰ ح۶ ، تفسير العيّاشي : ج۱ ص۳۳۳ ح۱۵۴ ، شرح الأخبار : ج۲ ص۲۷۳ ح۵۸۲ ، دعائم الإسلام : ج۱ ص۱۴ كلاهما نحوه .

2.تفسير العيّاشي : ج۱ ص۲۹۳ ح۲۱ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1
544

قُلتُ : أتُسَمّيِهنَّ لي جُعِلتُ فِداكَ ؟
فَقالَ : الصَّلاةُ ، وكانَ النّاسُ لايَدرونَ كَيفَ يُصَلّونَ ، فَنَزَلَ جَبرَئيلُ عليه السلام فَقالَ : يا مُحَمَّدُ ، أخبِرهُم بِمَواقيتِ الصَّلاةِ . ثُمَّ نَزَلَتِ الزَّكاةُ ، فَقالَ : يا مُحَمَّدُ ، أخبِرهُم مِن زَكاتِهِم ما أخبَرتَهُم مِن صَلاتِهِم . ثُمَّ نَزَلَ الصَّومُ ، فَكانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إذا كانَ يَومُ عاشوراءَ بَعَثَ إلى ما حَولَهُ مِنَ القُرى فَصاموا ذلِكَ اليَومَ ، فَنَزَلَ شَهرُ رَمَضانَ بَينَ شَعبانَ وشَوّالٍ . ثُمَّ نَزَلَ الحَجُّ ، فَنَزَلَ جَبرَئيلُ عليه السلام فَقالَ : أخبِرهُم مِن حَجِّهِم ما أخبَرتَهُم مِن صَلاتِهِم و زَكاتِهِم وصَومِهِم .
ثُمَّ نَزَلَتِ الوِلايَةُ ؛ وإنّما أتاهُ ذلِكَ في يَومِ الجُمُعَةِ بِعَرَفَةَ ، أنزَلَ اللّهُ عزّوجلّ : «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى» وكانَ كَمالُ الدّينِ بِوِلايَةِ عَليِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام ، فَقالَ عِندَ ذلِكَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : اُمَّتي حَديثو عَهدٍ بِالجاهِلِيَّةِ ، ومَتى أخبَرتُهُم بِهذا فِي ابنِ عَمّي يَقولُ قائِلٌ ، ويَقولُ قائِلٌ ـ فَقُلتُ في نَفسي مِن غَيرِ أن يَنطِقَ بِهِ لَساني ـ فَأَتَتني عَزيمَةٌ مِنَ اللّهِ عزّوجلّ بَتلَةً ۱ أوعَدَني إن لَم اُبَلِّغ أن يُعَذِّبَني ، فَنَزَلَت : «يَـأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَـفِرِينَ»۲ .
فَأَخَذَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِيَدِ عِلِيٍّ عليه السلام فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ ! إنَّهُ لَم يَكُن نَبِيٌّ مِنَ الأَنبِياءِ مِمَّن كانَ قَبلي إلّا وقَد عَمَّرَهُ اللّهُ ، ثُمَ دَعاهُ فَأَجابَهُ ، فَاَوشِكُ أن اُدعى فَاُجيبَ ، وأنَا مَسؤولٌ وأنتُم مَسؤولونَ ، فَماذا أنتُم قائِلونَ ؟ فَقالوا : إنَّكَ قَد بَلَّغتَ ونَصَحتَ ، وأدَّيتَ ما عَلَيكَ ، فَجَزاكَ اللّهُ أفضَلَ جَزاءِ المُرسَلينَ .

1.من البتل : القطع (النهاية : ج۱ ص۹۴) .

2.المائدة : ۶۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 76576
صفحه از 664
پرینت  ارسال به