623
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1

ونخلص من هذا إلى أنّ غدير خُمّ يقع في وادي الجحفة على يسرة طريق الحاجّ من المدينة إلى مكّة ، عند مبتدأ وادي الجحفة حيث منتهى وادي الخرّار .
ومن هنا كان أنْ أسماه بعضهم بالخرّار ـ كما تقدّم ـ .
ولعلّ علّة ما استظهره السمهودي في كتابه وفاء الوفا ، من أنّ الخرّار بالجحفة ۱ ؛ هو ما أوضحته من أنّ غدير خُمّ مبتدأ وادي الجحفة ، وعنده منتهى وادي الخرّار .
ويؤيّد هذا الذي ذكرته قول الزبير ـ الذي نقلته آنفا عن معجم ما استعجم من أنّ الخرّار وادٍ بالحجاز يصبّ على الجحفة .
وقد يشير إلى هذا قول الحموي في معجم البلدان : «الخَرّارُ . . . وهُوَ مَوضِعٌ بِالحِجازِ ، يُقالُ : هُوَ قُربَ الجُحفَةِ» ۲ .
وعبارة عرّام التالية تؤكّد لنا أنّ الغدير من الجحفة ، قال ـ كما نقله عنه الحموي في معجم البلدان ـ : «ودونَ الجُحفَةِ عَلى ميلٍ غَديرُ خُمٍّ ، وواديهِ يَصُبُّ فِي البَحرِ» ۳ ، حيث يعني بواديه وادي الجحفة ؛ لأنّه هو الذي يصبّ في البحر حيث ينتهي عنده .
أمّا المسافة بين موضع غدير خُمّ والجحفة (القرية = الميقات) فَحُدّدت ـ فيما لديَّ من مراجع ـ بالتالي :
ـ حدّدها البكري في معجم ما استعجم بثلاثة أميال ، ونقل عن الزمخشري أنّ المسافة بينهما ميلان ناسبا ذلك إلى (القيل) إشعارا بضعفه ۴ .
وإلى القول بأنّ المسافة بينهما ميلان ذهب الحموي في معجمه قال : «وغَديرُ خُم

1.معجم البلدان : ج۲ ص۳۸۹ .

2.معجم ما استعجم : ج۲ ص۳۶۸ .

3.وفاء الوفا : ج۴ ص۱۲۰۰ .

4.معجم البلدان : ج۲ ص۳۵۰ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1
622

مُحَمَّدِ بنِ عَقيلٍ ، سَمِعَ جابِرَ بنَ عَبدِ اللّهِ يَقولُ : كُنّا بِالجُحفَةِ بِغَديرِ خُمٍّ . . .» .
وكما قلتُ ، يريدون من «الجحفة» في هذا السياق : الوادي لا القرية التي هي الميقات ، وذلك بقرينة ما يأتي من ذكرهم تحديد المسافة بين غدير خُمّ والجحفة ، الذي يعني أنّ غدير خُمّ غير الجحفة (القرية) ، ولأنّ وادي الجحفة يبدأ من الغدير وينتهي عند البحر الأحمر ، فيكون الغدير جزءا منه ، وعليه لا معنى لتحديد المسافة بينه وبين الوادي الذي هو جزء منه .
وتفرّد الحميري في الروض المعطار فحدّد موضعه بين الجحفة وعسفان ، قال : «وبَينَ الجُحفَةِ وعُسفانَ غَديرُ خُمٍّ» ۱ .
وهو ـ من غير ريب ـ وَهْمٌ منه ، وبخاصّة أنّه حدّد الموضع بأنّه على ثلاثة أميال من الجحفة يسرة الطريق ، حيث لا يوجد عند هذه المسافة بين الجحفة وعسفان موضع يُعرف بهذا الاسم .
والظاهر أنّه نقل العبارة التي تحدّد المسافة بثلاثة أميال من الجحفة يسرة الطريق من «معجم ما استعجم» ، ولم يلتفت إلى أنّ البكري يريد بيسرة الطريق الميسرة للقادم من المدينة إلى مكّة ، وليس العكس ، فوقع في هذا التوهّم .
قال البكري في معجمه : «وغَديرُ خُمٍّ عَلى ثَلاثَةِ أميالٍ مِنَ الجُحفَةِ يَسرَةً عَنِ الطَّريقِ» ۲ ـ وكما قلت ـ يريد بالميسرة جهة اليسار بالنسبة إلى القادم من المدينة إلى مكّة بقرينة ما ذكره في بيان مراحل الطريق بين الحرمين ومسافاتها عند حديثه عن العقيق حيث بدأ بالمدينة ، قال : «وَالطَّريقُ إلى مَكَّةَ مِنَ المَدينَةِ عَلَى العَقيقِ : مِنَ المَدينَةِ إلى ذِي الحُلَيفَةِ . . .» ۳ .

1.الروض المعطار : ص۱۵۶ .

2.معجم ما استعجم : ج۲ ص۳۶۸ .

3.معجم ما استعجم : ج۳ ص۹۵۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 1
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 76469
صفحه از 664
پرینت  ارسال به