عمره المبارك ، كان بلا شكّ يمثّل آخر جهوده ومساعيه لوضع حلّ يضمن سلامة المجتمع ، ويقي الاُمّة من الانحراف من بعده . ومن هذا المنطلق أمر الرسول صلى الله عليه و آله ـ وهو في فراش المرض، وبدنه الشريف يلتهب من شدّة الحُمّى ـ بتجهيز جيش بقيادة الشابّ اُسامة بن زيد ، وأكّد على الخروج فيه ، ولعن المتخلّفين عنه . وكان كلّما فتح عينيه سأل عن مجريات اُمور ذلك الجيش .
لكنّ العجب كلّ العجب أنّ البعض امتنع عن الالتحاق بذلك الجيش اجتهادا منهم أمام النصّ الصريح من رسول اللّه صلى الله عليه و آله . وفضلاً عن ذلك اتّهموا الرسول الذي لم يكن يقول إلّا الحقّ ، ولا يتكلّم إلّا بالوحي ۱ ، بأنّه يهجر ؛ أي يهذي ! ! وهكذا بقيت كتابة الوصيّة بلا أثر ، ولم تُفلح آخر جهود الرسول صلى الله عليه و آله لإعداد الأرضيّة الكفيلة بتوطيد «حاكميّة الحقّ» .
ليس هناك أدنى شكّ في أنّ المراد من هذه الوصيّة هو التصريح بالقيادة ، والتأكيد عليها، وجلب الأنظار إلى ما جاء من إبلاغ الحقّ على مدى عشرين سنة، ونودي به في كلّ حدب وصوب ۲ .
ولكن يبقى ثمّة سؤال؛ وهو لماذا لم يصرّ الرسول صلى الله عليه و آله على كتابة الوصيّة رغم اللغط الذي أثاروه في حينها ؟ ولماذا لم يبادر إلى هذا الإجراء الأساسي مسبقا وفي أيّام صحّته ؟ ولماذا لم يُقدِم على كتابة الوصيّة رغم الاقتراح الذي قدّمه البعض بالإتيان بأدوات الكتاب، مع أنّه بقي على قيد الحياة أربعة أيّام بعد طرح هذه القضيّة ؟ ولماذا لم يُقدم على هذا الإجراء ليحول دون وقوع الاُمّة في الضلال؛ وهو