3 / 6
شِقشِقَةٌ هَدَرَت !
۱۰۷۷.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن خُطبَةٍ لَه عليه السلام ـ: أما وَاللّهِ لَقَد تَقَمَّصَها فُلانٌ ۱ ، وإنَّهُ لَيَعلَمُ أنَّ مَحلّي مِنها مَحَلُّ القُطبِ مِنَ الرَّحا ، يَنحَدِرُ عَنِّي السَّيلُ ، ولا يَرقى إلَيَّ الطَّيرُ ؛ فَسَدَلتُ دونَها ثَوبا ، وطَوَيتُ عَنها كَشحا ، وطَفِقتُ أرتَئي بَينَ أن أصولَ بِيَدٍ جَذّاءَ ۲ ، أو أصبِرَ عَلى طَخيَةٍ ۳ عَمياءَ ، يَهرَمُ فيهَا الكَبيرُ ، ويَشيبُ فيهَا الصَّغيرُ ، ويَكدَحُ فيها مُؤمِنٌ حَتّى يَلقى رَبَّهُ !
فَرَأَيتُ أنَّ الصَّبرَ عَلى هاتا أحجى ، فَصَبَرتُ وفِي العَينِ قَذىً ۴ ، وفِي الحَلقِ شَجا ۵ ، أرى تُراثي نَهبا ، حَتّى مَضَى الأَوَّلُ لِسَبيلِهِ ، فَأَدلى بِها إلى فُلانٍ بَعدَهُ .
ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَولِ الأَعشى :
شَتّانَ ما يَومي عَلى كورِها۶
ويومُ حَيَّان أخي جابِرِ
فَياعَجَبا ! ! بَينا هُوَ يَستَقيلُها في حَياتِهِ إذ عَقَدَها لِاخر بَعدَ وَفاتِهِ ـ لَشَدَّ ما تَشَطَّرا ضَرعَيهَا ! ـ فَصَيَّرَها في حَوزَةٍ خَشناءَ يَغلُظُ كَلمُها ، ويَخشُنُ مَسُّها ، ويَكثُرُ العِثارُ فيها ، وَالاِعتِذارُ مِنها ، فَصاحِبُها كَراكِبِ الصَّعبَةِ إن أشنَقَ لَها خَرَمَ ، وإن أسلَسَ لَها
1.قمصتُه قميصا : إذا ألبسته ، وأراد بالقميص الخلافة ، وهو من أحسن الاستعارات (النهاية : ج۴ ص۱۰۸) .
2.جَذَّاء : مقطُوعة ، كنّى به عن قُصور أصحابه وتقاعُدِهم عن الغَزوِ ؛ فإنّ الجندَ للأمير كاليد (النهاية : ج۱ ص۲۵۰) .
3.طخية عمياء : أي ظلمة لا يُهتدى فيها للحقّ ، وكنّى بها عن التباس الاُمور في أمر الخلافة (مجمع البحرين : ج۱ ص۲۷۹) .
4.القَذى : ما يقع في العين والماء والشراب من تُراب أو تِبْن أو وسخ أو غير ذلك (النهاية : ج۴ ص۳۰) .
5.ما يَنْشَبُ في الحَلْق من عظمٍ ونحوه فَيُغَصُّ به (مجمع البحرين : ج۲ ص۹۳۲) .
6.الكُور ـ بالضمّ ـ : الرَّحل ، وقيل : الرَّحل بأداته (لسان العرب : ج۵ ص۱۵۴) .