119
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2

عمر ، ولهذا السبب ؛ فإنّه حينما استدعى أحد الأنصار للتشاور معه في أمر الخلافة ، فعدّد الأنصاري جماعة من المهاجرين ولم يُسَمِّ عليّا ، فقال عمر : فَما لَهُم مِن أبِي الحَسَنِ! فَوَاللّهِ إنَّهُ لَأَحراهُم إن كانَ عَلَيهِم أن يُقيمَهُم عَلى طَريقَةٍ مِنَ الحَقِّ ۱ .
وهكذا عيّن عمر جماعة للشورى قوامهم ستّة أشخاص ، وقد انتقد كلَّ واحد منهم بصفة سيّئة فيه ، إلّا عليّا ؛ فقد نسبه إلى المزاح ! ولكنّه أكّد أيضا أنّه أحراهم أن يُقيمهم على سنّة نبيّهم ۲ .
وسمّى عمر أعضاء الشورى الَّذين يجب أن يختاروا الخليفة من بينهم ، وهم : عليّ عليه السلام ، وعثمان بن عفان ، وطلحة ، والزبير ، وسعد بن أبي وقّاص ، وعبد الرحمن بن عوف .
لم يكن عمر يحمل مشاعر طيّبة تجاه بني هاشم ، ولا تجاه عليّ عليه السلام . وكان أكثر حنكة وذكاءً من أن يسمّي للشورى أشخاصا يختارون عليّا ولو على سبيل الاحتمال ۳ .
وقد رسم عمر طريقة عمل الشورى وموازناته؛ فهم يجب أن يجتمعوا في دار تحت مراقبة خمسين رجلاً من الأنصار حتّى يختاروا رجلاً من بينهم ؛ فإن اتّفق خمسة على رجل وأبى واحد يُضرب عنقه ، وإن اتّفق أربعة وأبى اثنان يُضرب عُنقاهما ، فإن رضي ثلاثة منهم رجلاً ، وثلاثة رجلاً ، يجب عندئذ تحكيم عبد اللّه بن عمر ؛ فإن لم يرضوا بحكمه ، يجب قبول خيار الجهة الَّتي فيها عبد الرحمن بن عوف ۴ .

1.المصنّف لعبد الرزّاق : ج۵ ص۴۴۶ ح۹۷۶۱ ، الأدب المفرد : ص۱۷۶ ح۵۸۲ .

2.المصنّف لعبد الرزّاق : ج۵ ص۴۴۷ ح۹۷۶۲ ، تاريخ المدينة : ج۲ ص۸۸۰ ؛ نثر الدرّ : ج۲ ص۴۹ .

3.كلام عمر مع ابن عبّاس في هذا الصدد له مغزاه . انظر تاريخ الطبري : ج۴ ص۲۲۳.

4.تاريخ الطبري : ج۴ ص۲۲۹ ، الإمامة والسياسة : ج۱ ص۴۳ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2
118

نَظرَةٌ تَحليلِيَّةٌ لِوَقائِعِ الشّورى

تبلورت وقائع الخلافة بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله على نحو مدهش وملفت للنظر ، وانتهت بحادثة السقيفة واستخلاف أبي بكر ، وادُّعي أنّ خلافته كانت موضع إجماع . ثمّ إنّه نصب عمر خليفةً من بعده ، وهكذا فقد سنَّ سُنّة «الاستخلاف».
وفي الأيّام الأخيرة من حياة عمر ، أخذ يفكّر ـ وهو على فراش الموت ـ بمستقبل الاُمّة الإسلاميّة ، وتدلّ النصوص التاريخيّة بكلّ جلاء على أنّه كان يفكّر أيضا بنوع من الاستخلاف أيضا ، وأنّه ذكر أسماء جماعة وقال لو أنّهم كانوا أحياءً لعهِدَ إليهم أمر الخلافة ؛ منهم : معاذ بن جبل ۱ ، وأبو عبيدة الجرّاح ۲ ، وسالم مولى أبي حذيفة ... ۳ .
وعلى كلّ حال ؛ فإنّ عمر كان يفكّر بالشورى؛ ولكن الشورى الَّتي تضمن له تحقيق أهدافه بشكل أو آخر ، على أن لا يُتجاهل فيها أمر عليّ عليه السلام ، على اعتبار أنّ عليّا لا يمكن تجاهله في مثل هذا الأمر ، وهذه الحقيقة لم تكن خافية عن نظر

1.الطبقات الكبرى : ج۳ ص۵۹۰ ، تاريخ المدينة : ج۳ ص۸۸۱ ، الإمامة والسياسة : ج۱ ص۴۲ .

2.تاريخ الطبري : ج۴ ص۲۲۷، الطبقات الكبرى : ج۳ ص۴۱۲ ، تاريخ المدينة : ج۳ ص۸۸۱ ، الفتوح : ج۲ ص۳۲۵ .

3.تاريخ الطبري : ج۴ ص۲۲۷ ، الطبقات الكبرى: ج۳ ص۳۴۳، تاريخ المدينة : ج۳ ص۸۸۱ ، الفتوح: ج۲ ص۸۶ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 108764
صفحه از 600
پرینت  ارسال به