للشّك في أنّ موقف عمر كان تحرّكا سياسيّا للتمهيد من أجل الشيء الَّذي امتنع بسببه من الذهاب مع جيش اُسامة ، مخالفا لنصّ نبوي صريح وأمر رسالي أكيد . وكان النبيّ صلى الله عليه و آله نفسه يتحدّث عن نهاية حياته ، وأبلغ الجميع بذلك . وكان عمر قبل هذَا الوقت وحين منع من كتابة الوصيّة يردّد شعار «حَسبُنا كِتابُ اللّهِ» ، أي: إنّ كلمة «حسبنا . . .» تتحقّق بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه و آله ويمكن القول مبدئيّا إنّ نصّ القرآن الكريم على وفاته وعدم خلوده صلى الله عليه و آله يدلّ على أنّ نفي وفاته لم يكن عقيدةً راسخةً يتبنّاها المؤمنون قطّ ، وأوضح من ذلك كلّه كلام عمر نفسه عندما نصب أبا بكر في الخلافة وأجلسه على عرشها ، فقد صرّح بخطأ مقاله ووهنه قائلاً: «أمّا بَعدُ ، فَإِنّي قُلتُ لَكُم أمسِ مَقالةً لَم تَكُن كَما قُلتُ . وإنّي وَاللّهِ ما وَجَدتُها في كِتابٍ أنزَلَهُ اللّهُ ولا في عَهدٍ عَهِدَهُ إلَيَّ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، ولكِنّي كُنتُ أرجو أن يَعيشَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ـ فَقالَ كَلِمَةً يُريدُ ـ حَتّى يَكونَ آخِرَنا ، فَاختارَ اللّهُ لِرَسولِهِ الَّذي عِندَهُ عَلَى الَّذي عِندَكُم ، وهذَا الكِتابُ الَّذي هَدَى اللّهُ بِهِ رَسولَكُم ، فَخُذوا بِهِ تَهتَدوا لِما هَدى لَهُ رَسولَ اللّهِ» ۱ .
إنّ هذا كلّه يدلّ على أنّه كان يمهّد الأرضيّة للقبض على السّلطة ، ويهيّئ الاُمور لخلافةِ أبي بكر حتّى يتسنّى له أن يحكم بعده . وما أبلغ كلام الإمام أمير المؤمنين عليه السلام حين قال له :
«اُحلُب حَلبا لَكَ شَطرُهُ» ۲ .
1 / 2
ما جَرى فِي السَّقيفَةِ
۹۲۸.تاريخ الطبري عن عبد اللّه بن عبد الرحمن بن أبي عَمرَة الأنصاري :إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله لَمّا قُبِض