181
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2

فَكَتَبَ إلى مُعاوِيَةَ يَأمُرُهُ أن يُسَيِّرَهُم إلى حِمصٍ ۱ فَفَعَلَ ، وكانَ واليها عَبدَ الرَّحمنِ بنَ خالِدِ بنِ الوَليدِ بنِ المُغيرَةِ . ويُقالُ : إنَّ عُثمانَ كَتَبَ في رَدِّهِم إلَى الكوفَةِ ، فَضَجَّ مِنهُم سَعيدٌ ثانِيَةً ، فَكَتَبَ في تَسييرِهِم إلى حِمصٍ ، فَنَزَلُوا السّاحِلَ ۲ .

۱۱۷۵.تاريخ الطبري عن الشَّعبيـ في خَبَرِ مُسَيَّرَةِ الكوفَةِ ـ: كَتَبَ [مُعاوِيَةُ] إلى عُثمانَ : لَستُ آمَنُ إن أقاموا وَسَطَ أهلِ الشّامِ أن يغرّوهُم بِسِحرِهِم وفُجورِهِم ! فَاردُدهُم إلى مِصرِهِم ؛ فَلتَكُن دارُهُم في مِصرِهِمُ الَّذي نَجَمَ فيهِ نِفاقُهُم ، وَالسَّلامُ .
فَكَتَبَ إلَيهِ عُثمانُ يَأمُرُهُ أن يَرُدَّهُم إلى سَعيدِ بنِ العاصِ بِالكوفَةِ ، فَرَدَّهُم إلَيهِ ، فَلَم يَكونوا إلّا أطلَقَ ألسِنَةً مِنهُم حينَ رَجَعوا .
وكَتَبَ سَعيدٌ إلى عُثمانَ يَضِجُّ مِنهُم ؛ فَكَتَبَ عُثمانُ إلى سَعيدٍ أن سَيِّرْهُم إلى عَبدِ الرَّحمنِ بنِ خالِدِ بنِ الوَليدِ ؛ وكانَ أميرا عَلى حِمصٍ .
وكَتَبَ إلَى الأَشتَرِ وأصحابِهِ : أمّا بَعدُ ؛ فَإِنّي قَد سَيَّرتُكُم إلى حِمصٍ ، فَإِذا أتاكُم كِتابي هذا فَاخرُجوا إلَيها ؛ فَإِنَّكُم لَستُم تَألونَ ۳ الإسلامَ وأهلَهُ شَرّا ، وَالسَّلامُ .
فَلَمّا قَرَأَ الأَشتَرُ الكِتابَ ، قالَ : اللّهُمَّ ! أسوَأنا نَظَرا لِلرَّعِيَّةِ ، وأعمَلنا فيهِم بالمعصيَةِ ، فَعَجِّل لَهُ النَّقِمَةَ .
فَكَتَبَ بِذلِكَ سَعيدٌ إلى عُثمانَ ، وسارَ الأَشتَرُ وأصحابُهُ إلى حِمصٍ ؛ فَأَنزَلَهُم عَبدُ الرَّحمنِ بنِ خالِدٍ السّاحِلَ ، وأجرى عَلَيهِم رِزقا ۴ .

1.حِمْص : أحد قواعد الشام ، وتقع إلى الشمال من مدينة دمشق تبعد عنها۱۵۰ كيلو متراً ، وهي ذات بساتين ، وشربها من نهر العاصي . دخلت هذه المدينة تحت سيطرة المسلمين في سنة ۱۵ للهجرة (راجع تقويم البلدان : ص ۲۶۱).

2.أنساب الأشراف : ج ۶ ص ۱۵۵ .

3.يقال : فُلانٌ لا يألوا خيرا ؛ أي لا يدعه ولا يزال يفعله (لسان العرب : ج ۱۴ ص ۴۰) .

4.تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۳۲۵ وراجع الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۲۷۱ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2
180

فَقالَ سَعيدٌ : إنَّما هذَا السَّوادُ بُستانٌ لِقُرَيشٍ !
فَقالَ الأَشتَرُ : أ تَزعُمُ أنَّ السَّوادَ الَّذي أفاءَهُ اللّهُ عَلَينا بِأَسيافِنا بُستانٌ لَكَ ولِقَومِكَ ؟ ! وَاللّهِ ما يَزيدُ أوفاكُم فيهِ نَصيبا إلّا أن يَكونَ كَأَحَدِنا ، وتَكَلَّمَ مَعَهُ القَومُ .
فَقالَ عَبدُ الرَّحمنِ الأَسَدِيُّ ـ وكانَ عَلى شُرطَةِ سَعيدٍ ـ : أ تَرُدّونَ عَلَى الأَميرِ مَقالَتَهُ ؟ وأغلَظَ لَهُم .
فَقالَ الأَشتَرُ : مَن هاهُنا ؟ لا يَفوتَنَّكُمُ الرَّجُلُ ، فَوَثَبوا عَلَيهِ فَوَطَؤوهُ وَطأً شَديدا ، حَتّى غُشِيَ عَلَيهِ ، ثُمَّ جُرَّ بِرِجلِهِ فَاُلقِيَ . . .
فَكَتَبَ سَعيدٌ إلى عُثمانَ يُخبِرُهُ بِذلِكَ ويَقولُ : إنَّ رَهطا مِن أهلِ الكوفَةِ ـ سَمّاهُم لَهُ عَشَرَةً ـ يُؤَلِّبونَ ويَجتَمِعونَ عَلى عَيبِكَ وعَيبي وَالطَّعنِ في دينِنا ، وقَد خَشِيتُ إن ثَبَتَ أمرُهُم أن يَكثُروا .
فَكَتَبَ عُثمانُ إلى سَعيدٍ : أن سَيَّرَهُم إلى مُعاوِيَةَ ـ ومُعاوِيَةُ يَومَئِذٍ عَلَى الشّامِ فَسَيَّرَهُم ـ وهُم تِسعَةُ نَفَرٍ ـ إلى مُعاوِيَةَ ، فيهِم : مالِكٌ الأَشتَرُ ، وثابِتُ بنُ قَيسِ بنِ منقع ، وكُمَيلُ بنُ زِيادٍ النَّخَعِيُّ ، وصَعصَعَةُ بنُ صوحانَ ۱ .

۱۱۷۴.أنساب الأشراف :لَمّا خَرَجَ المُسَيَّرونَ مِن قُرّاءِ أهلِ الكوفَةِ فَاجتَمَعوا بِدِمَشق نَزَلوا مَعَ عَمرِو بنِ زُرارَةَ ، فَبَرَّهُم مُعاوِيَةُ وأكرَمَهُم ، ثُمَّ إنَّهُ جَرى بَينَهُ وبَينَ الأَشتَرِ قَولٌ حَتّى تَغالَظا ، فَحَبَسَهُ مُعاوِيَةُ . . .
وبَلَغَ مُعاوِيَةَ أنَّ قَوما مِن أهلِ دِمَشقٍ يُجالِسونَ الأَشتَرَ وأصحابَهُ ، فَكَتَبَ إلى عُثمانَ : إنَّكَ بَعَثتَ إلَيَّ قَوما أفسَدوا مِصرَهُم وأنغَلوهُ ۲ ، ولا آمَنُ أن يُفسِدوا طاعَةَ مَن قِبَلي ويُعَلِّموهُم ما لا يُحسِنونَهُ حَتّى تَعودَ سَلامَتَهُم غائِلَةً ، وَاستِقامَتَهُمُ اعوِجاجا .

1.تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۳۲۲ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۲۶۷ ، الفتوح : ج ۲ ص ۳۸۴ كلاهما نحوه .

2.من النَّغل ؛ الفساد ، وقد نَغِل الأديم ، إذا عَفِن وتهرّى في الدِّباغ ، فينفسد ويهلِك (النهاية : ج ۵ ص ۸۸) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 91728
صفحه از 600
پرینت  ارسال به