225
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2

فَلَم يَبقَ بِالمَدينَةِ أحَدٌ إلّا حنق عَلى عُثمانَ ، وَاشتَدَّ حنق بَني هُذَيلٍ خاصَّةً عَلَيهِ لاِجلِ صاحِبِهِم عَبدِ اللّهِ بنِ مَسعودٍ ، وهاجَت بَنو مَخزومٍ لِأَجلِ صاحِبِهِم عَمّارِ بنِ ياسِرٍ ، وكَذلِكَ غِفارٌ لِأَجلِ صاحِبِهِم أبي ذَرٍّ .
ثُمَّ إنَّ عَلِيّا أخَذَ الكِتابَ وأقبَلَ حَتّى دَخَلَ عَلى عُثمانَ ، فَقالَ لَهُ : ويَحَكَ ! لا أدري عَلى ماذا أنزِلُ ! استَعتَبَكَ القَومُ فَأَعتَبتَهُم بِزَعمِكَ وضَمِنتَني ثُمَّ أحقَرتَني ، وكَتَبتَ فيهِم هذَا الكِتابَ !
فَنَظَرَ عُثمانُ فِي الكِتابِ ثُمَّ قالَ : ما أعرِفُ شَيئا مِن هذا ! !
فَقالَ عَلِيٌّ : الغُلامُ غُلامُكَ أم لا ؟
قالَ عُثمانُ : بَل هُوَ وَاللّهِ غُلامي ، وَالبَعيرُ بَعيري ، وهذَا الخاتَمُ خاتَمي ، وَالخَطُّ خَطُّ كاتِبي .
قال عَلِيٌّ رضى الله عنه : فَيَخرُجُ غُلامُكَ عَلى بَعيرِكَ بِكِتابٍ وأنتَ لا تَعلَمُ بِهِ ؟
فَقالَ عُثمانُ : حَيَّرتُكَ يا أبَا الحَسَنِ ! وقَد يُشبِهُ الخَطُّ الخَطَّ وقَد تَختمُ عَلَى الخاتَمِ ، ولا وَاللّهِ ما كَتَبتُ هذَا الكِتابَ ، ولا أمَرتُ بِهِ ، ولا وَجَّهتُ هذَا الغُلامَ إلى مِصرَ .
فَقالَ عَلِيٌّ : لا عَلَيكَ ، فَمَن نَتَّهِمُ ؟ قالَ : أتَّهِمُكَ وأتَّهِمُ كاتِبي !
قالَ عَلِيٌّ : بَل هُوَ فِعلُكَ وأمرُكَ . ثُمَّ خَرَجَ مِن عِندَهُ مُغضَبا ۱ .

۱۲۱۷.تاريخ المدينة عن هارون بن عنترة عن أبيه :لَمّا كانَ مِن أمرِ عُثمانَ ما كانَ ، قَدِمَ قَومٌ مِن مِصرَ مَعَهُم صَحيفَةٌ صَغيرَةُ الطَيِّ ، فَأَتَوا عَلِيّا رضى الله عنه فَقالوا : إنَّ هذَا الرَّجُلَ قَد غَيَّرَ وبَدَّلَ ،

1.الفتوح : ج۲ ص۴۱۰ ؛ الأمالي للطوسي : ص۷۱۲ ح۱۵۱۷ عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري نحوه وراجع تاريخ المدينة : ج۴ ص۱۱۵۸ ـ ۱۱۶۰ والإمامة والسياسة : ج۱ ص۵۵ والجمل : ص۱۳۹ ـ ۱۴۱ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2
224

قالَ مُحَمَّدُ بنُ أبي بَكرٍ : أ فَمَعَكَ كِتابٌ ؟
قالَ : لا .
فَقالَ أهلُ مِصرَ : لَو فَتَّشناهُ أيُّهَا الأَميرُ ؛ فَإِنَّنا نَخافُ أن يَكونَ صاحِبُهُ قد كَتَبَ فينا بِشَيءٍ ، فَفَتَّشوا رَحلَهُ ومَتاعَهُ ونَزَعوا ثِيابَهُ حَتّى عَرَّوهُ فَلَم يَجِدوا مَعَهُ شَيئا ، وكانَت عَلى راحِلَتِهِ إداوَةٌ ۱ فيها ماءٌ ، فَحَرَّكوها فَإِذا فيها شَيءٌ يَتَقَلقَلُ ، فَحَرَّكوهُ لِيَخرُجَ فَلَم يَخرُج .
فَقالَ كنانةُ بنُ بَشرٍ التَّجيبي : وَاللّهِ ! إنَّ نَفسي لَتُحَدِّثُني أنَّ في هذِهِ الإِداوَةِ كِتابا .
فَقالَ أصحابُهُ : وَيحَكَ ! ويَكونُ كِتابٌ في ماءٍ ؟
قالَ : إنَّ النّاسَ لَهُم حِيَلٌ ، فَشَقَّوُا الإِداوَةَ فَإِذا فيها قارورَةٌ مَختومَةٌ بِشَمعٍ ، وفي جَوفِ القارورَةِ كِتابٌ ، فَكَسَرُوا القارورَةَ وأخرَجوا الكِتابَ ، فَقَرأَهُ مُحَمَّدُ بنُ أبي بَكرٍ فَإِذا فيهِ :
بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، مِن عَبدِ اللّهِ عُثمانَ أميرِ المُؤمِنينَ إلى عَبدِ اللّهِ بنِ سَعدٍ ، أمّا بَعدُ ، فَإِذا قَدِمَ عَليكَ عَمرُو بنُ يَزيدَ بنِ وَرقاءَ فَاضرِب عُنُقَهُ صبرا ، وأمّا عَلقَمَةُ بنُ عُدَيس البلوي ، وكنانَةُ بنُ بشرٍ التَّجيبي ، وعُروَةُ بنُ سَهمٍ اللَّيثيُّ ، فَاقطَع أيدِيَهُم وأرجُلَهُم مِن خِلافٍ ودَعهُم يَتَشَحَّطونَ في دِمائِهِم حَتّى يَموتوا ، فَإِذا ماتوا فَاصلبهم عَلى جُذوعِ النَّخلِ ، وأمّا مُحَمَّدُ بنُ أبي بَكرٍ فَلا يُقبَلُ مِنهُ كِتابُهُ وشُدَّ يَدَكَ بِهِ ، وَاحتَل في قَتلِهِ ، وقَرَّ عَلى عَمَلِكَ حَتّى يَأتِيَكَ أمري إن شاءَ اللّهُ تَعالى .
فَلَمّا قَرأَ مُحَمَّدُ بنُ أبي بَكرٍ الكِتابَ رَجَعَ إلَى المَدينَةِ هُوَ ومَن مَعَهُ ، ثُمَّ جَمَعَ أصحابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله وقَرَأَ عَلَيهِمُ الكِتابَ وأخبَرَهُم بِقِصَّةِ الكِتابِ .

1.الإداوة : إناء صغير من جلد يُتّخذ للماء كالسطيحة ونحوها (النهاية : ج۱ ص۳۳) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 91645
صفحه از 600
پرینت  ارسال به