39
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2

فَماذا قالَت قُرَيشٌ؟
قالوا : اِحتَجَّت بِأَنَّها شَجَرَةُ الرَّسولِ صلى الله عليه و آله ، فَقالَ عليه السلام : اِحتَجّوا بِالشَّجَرَةِ ، وأضاعُوا الثَّمَرَةَ ۱ !
3 ـ الشعر الَّذي نقله الشريف الرضيّ في نهج البلاغة وفي خصائص الأئمّة ، ويشتمل على مضمون كلام الإمام عليّ عليه السلام يدلّ على أنّ المهاجرين استدلّوا بالقرابة ، وإنّ الإمام قد استدلّ في مقابلهم بالأقربيّة :


وإن كُنتَ بِالقُربى حَجَجتَ خَصيمَهُم
فَغَيرُكَ أولى بِالنَّبِيِّ وأقرَبُ۲

4 ـ قال عليّ عليه السلام عند تسليطه الأضواء على واقعة السقيفة:
قالَت قُرَيشٌ : مِنّا أميرٌ . وقالَتِ الأَنصارُ : مِنّا أميرٌ . فَقالَت قُرَيشٌ : مِنّا مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَنَحنُ أحَقُّ بِذلِكَ الأَمرِ . فَعَرَفَت ذلِكَ الأَنصارُ ، فَسَلَّمَت لَهُمُ الوِلايَةَ وَالسُّلطانَ . فَإِذَا استَحَقّوها بِمُحَمَّدٍّ صلى الله عليه و آله دونَ الأَنصارِ ، فَإِنَّ أولَى النّاسِ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله أحَقُّ بِها مِنهُم ۳ .
وفي هذا الصدد أيضا جاء في الكتاب 28 من نهج البلاغة : لَمَّا احتَجَّ المُهاجِرونَ عَلىَ الأنصارِ يَومَ السَّقيفَةِ بِرَسُولِ اللّهِ عليه السلام فَلَجوا ۴ عَلَيهِم ، فَاِن يَكُنِ الفَلَجُ بِهِ فَالحَقُّ لَنا دونَكُم .
وخلاصة القول في ضوء المبنى الصحيح للإمامة ؛ وهو أنّ الإمامة منصب إلهي يتحقّق بالنصّ ولا يستقي مشروعيّته من الشعب ، وعدم صحّة حمل القول الأول على الجدال بالَّتي هي أحسن ، فيكون القول الثالث : «أ تَكونُ الخِلافَةُ بِالصَّحابَةِ وَالقَرابَةِ وَلا تَكونُ بِالقَرابَةِ وَالنَّصِّ؟» هو الصحيح . علما بأنّ القول الأوّل يمكن

1.نهج البلاغة : الخطبة ۶۷ ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص۸۶ .

2.راجع : نهج البلاغة : ذيل الحكمة ۱۹۰ ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص ۱۱۱ .

3.وقعة صفّين : ص۹۱ ؛ شرح نهج البلاغة : ج۱۵ ص۷۸ .

4.فَلَجَ أصحابه : إذا غلبهم (النهاية : ج۳ ص۴۸۶) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2
38

الإمامة ، ويؤكّد عليه . إلّا أنّ لحن الكلام يوحي بأنّه يريد القول بأنّ الحقائق قد انقلبت ولم يعدُ أحد يقبل هذه الحقيقة . ولذا لجأ إلى اُسلوب الجدال بالَّتي هي أحسن مع أصحاب السقيفة ، قائلاً : إذا كانت الصحبة شرطا في الخلافة ، فلماذا لا تُضاف إليها القرابة مع رسول اللّه ؟ بمعنى أنّ صحبة رسول اللّه صلى الله عليه و آله إذا اجتمع معها عنصر القرابة منه ، يكون من تجتمعان فيه أولى بالخلافة من غيره ۱ .
وهذا الاستدلال لا يصمد أمام النقد لأسباب متعدّدة ، هي :
1 ـ عند ما احتجّ الأنصار يوم السقيفة بصحبتهم لرسول اللّه صلى الله عليه و آله لنيل الخلافة ، احتجّ عليهم المهاجرون ـ وعلى رأسهم أبو بكر وعمر ـ بأنّ صحبة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وحدها لا تكفي ، ولابدّ من شرط القرابة أيضا.
فَقالَ عُمَرُ : ... وَاللّهِ لا تَرضَى العَرَبُ أن يُؤَمِّروكُم ونَبِيُّها مِن غَيرِكُم ، ولكِنَّ العَرَبَ لا تَمتَنِعُ أن تُوَلِّيَ أمرَها مَن كانَتِ النُّبُوَّةُ فيهِم ووَلِيَّ اُمورِهِم مِنهُم ، ولَنا بِذلِكَ عَلى مَن أبى مِنَ العَرَبِ الحُجَّةُ الظّاهِرَةُ وَالسُّلطانُ المُبينُ . مَن ذا مُنازِعُنا سُلطانَهُ وإمارَتَهُ ـ ونَحنُ أولِياؤُهُ وعَشيرَتُهُ ـ إلَا مُدلٍ بِباطِلٍ ، أو مُتَجانِفٌ لِاءِثمٍ .
واستند أبو بكر أيضا في ذلك المقام إلى قرابته من رسول اللّه لإثبات أهليّته للخلافة فقال :
فهم أوّل من عبَد اللّه في هذه الأرض وآمن باللّه وبالرسول ، وهم أولياؤه وعشيرته ، وأحقّ النّاس بهذا الأمر من بعده ، ولا ينازعهم ذلك إلّا ظالم ۲ .
2 ـ بعد أحداث السقيفة سأل الإمام عليّ عليه السلام مَن حضروها عن ماهيّة استدلال الجانبين ، ودعاهم إلى النظر في قول من احتجّ بأنّ قريش شجرة الرسول صلى الله عليه و آله قائلاً :

1.مصادر نهج البلاغة وأسانيده : ج۴ ص۱۵۲ ، تصنيف نهج البلاغة : ص۴۱۳ .

2.تاريخ الطبري : ج۳ ص۲۲۰ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۱۳ ، الإمامة والسياسة : ج۱ ص۲۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 91737
صفحه از 600
پرینت  ارسال به