425
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2

انحِطاطا للّهِِ سُبحانَهُ عَن تَناوُلِ ما هُوَ أحَقُّ بِهِ مِنَ العَظَمَةِ وَالكِبرِياءِ . ورُبَّمَا استَحلَى النّاسُ الثَّناءَ بَعدَ البَلاءِ .
فَلا تُثنوا عَلَيَّ بِجَميلِ ثَناءٍ ، لِاءِخراجي نَفسي إلَى اللّهِ وإلَيكُم مِنَ البَقِيَّةِ في حُقوقٍ لَم أفرُغ مِن أدائِها ، وفَرائِضَ لابُدَّ مِن إمضائِها ؛ فَلا تُكَلِّموني بِما تُكَلَّمُ بِهِ الجَبابِرَةُ ، ولا تَتَحَفَّظوا مِنّي بِما يُتَحَفَّظُ بِهِ عِندَ أهلِ البادِرَةِ ۱ ، ولا تُخالِطوني بِالمُصانَعَةِ ، ولا تَظُنّوا بِي استِثقالاً في حَقٍّ قيلَ لي ، ولَا التِماسَ إعظامٍ لِنَفسي لِما لا يَصلُحُ لي ؛ فَإِنَّهُ مَنِ استَثقَلَ الحَقَّ أن يُقالَ لَهُ ، أو العَدلَ أن يُعرَضَ عَلَيهِ ، كانَ العَمَلُ بِهِما أثقَلَ عَلَيهِ .
فَلا تَكُفّوا عَنّي مَقالَةٍ بِحَقٍّ ، أو مَشورَةٍ بِعَدلٍ ؛ فَإِنّي لَستُ في نَفسي بِفَوقِ ما أن اُخطِئَ ، ولا آمَنُ ذلِكَ مِن فِعلي ، إلّا أن يَكفِيَ اللّهُ مِن نَفسي ما هُوَ أملَكُ بِهِ مِنّي ، فَإِنَّما أنَا وأنتُم عَبيدٌ مَملوكونَ لِرَبٍّ لا رَبَّ غَيرُهُ ، يَملِكُ مِنّا ما لا نَملِكُ مِن أنفُسِنا ، وأخرَجَنا مِمّا كُنّا فيهِ إلى ما صَلَحنا عَلَيهِ ، فَأَبدَلَنا بَعدَ الضَّلالَةِ بِالهُدى ، وأعطانَا البَصيرَةَ بَعدَ العَمى ۲ .

4 / 6

الاِلتِزامُ بِالحَقِّ في مَعرِفَةِ الرِّجالِ

۱۴۳۹.الأمالي للمفيد عن الأَصبغَ بن نُباتة :دَخَلَ الحارِثُ الهَمدانِيُّ عَلى أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام في نَفَرٍ مِنَ الشّيعَةِ وكُنتُ فيهِم ، فَجَعَلَ الحارِثُ يَتَأَوَّدُ في مِشيَتِهِ ، ويَخبِطُ ۳ الأَرضَ بِمِحجَنِهِ ۴ ، وكانَ مَريضا ، فَأَقبَلَ عَلَيهِ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ـ وكانَت لَه

1.البادِرة : الحِدّة ؛ وهو ما يَبدر من حِدّة الرجل عند غضبه من قول أو فعل (لسان العرب : ج۴ ص۴۸) .

2.الكافي : ج۸ ص۳۵۵ ح۵۵۰ عن جابر عن الإمام الباقر عليه السلام ، نهج البلاغة : الخطبة ۲۱۶ وفيه «التقيّة» بدل «البقيّة» .

3.الخبط : الضرب (المصباح المنير : ص۱۶۳) .

4.المِحْجَن : عصا مُعقّفة الرأس كالصولجان ، والميم زائدة (النهاية : ج۱ ص۳۴۷) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2
424

4 / 5

النَّقدُ بَدَلُ الإِطراءِ

۱۴۳۷.الإمام عليّ عليه السلامـ في عَهدِهِ إلى مالِكٍ الأَشتَرِ بَعدَ ذِكرِ خَصائِصِ البِطانَةِ الصّالِحَةِ ـ: فَاتَّخِذ اُولئِكَ خاصَّةً لِخَلَواتِكَ وحَفَلاتِكَ ، ثُمَّ ليَكُن آثَرُهُم عِندَكَ أقوَلَهُم بِمُرِّ الحَقِّ لَكَ ، وأقَلَّهُم مُساعَدَةً فيما يَكونُ مِنكَ مِمّا كَرِهَ اللّهُ لِأَولِيائِهِ ، واقِعا ذلِكَ مِن هَواكَ حَيثُ وَقَعَ . وَالصَق بِأَهلِ الوَرَعِ وَالصِّدقِ ، ثُمَّ رُضهُم عَلى ألّا يُطروكَ ولا يَبجَحوكَ ۱ بِباطِلٍ لَم تَفعَلهُ ؛ فَإِنَّ كَثرَةَ الإِطراءِ تُحدِثُ الزَّهوَ ، وتُدني مِنَ العِزَّةِ ۲ .

۱۴۳۸.عنه عليه السلامـ في جَوابِ مَن قالَ : أنتَ أميرُنا ونَحنُ رَعِيَّتُكَ ، بِكَ أخرَجَنَا اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الذُّلِّ ، وبِإِعزازِكَ أطلَقَ عِبادَهُ مِنَ الغُلِّ ، فَاختَر عَلَينا وأمضِ اختِيارَكَ ، وَائتَمِر فَأَمضِ ائتِمارَكَ ؛ فَإِنَّكَ القائِلُ المُصَدَّقُ ، وَالحاكِمُ المُوَفَّقُ والمَلِكُ المُخَوَّلُ ، لا نَستَحِلُّ في شَيءٍ مَعصِيَتَكَ ، ولا نَقيسُ عِلما بِعِلمِكَ ، يَعظُمُ عِندَنا في ذلِكَ خَطَرُكَ ويَجِلُّ عَنهُ في أنفُسِنا فَضلُكَ ـ: إنَّ مِن حَقِّ مَن عَظُمَ جَلالُ اللّهِ في نَفسِهِ ، وَجَلَّ مَوضِعُهُ مِن قَلبِهِ أن يَصغُرَ عِندَهُ ـ لِعِظَمِ ذلِكَ ـ كُلُّ ما سِواهُ ، وإنَّ أحَقَّ مَن كانَ كَذلِكَ لَمَن عَظُمَت نِعمَةُ اللّهِ عَلَيهِ ، ولَطُفَ إحسانُهُ إلَيهِ ، فَإِنَّهُ لَم تَعظُم نِعمَةُ اللّهِ عَلى أحَدٍ إلّا زادَ حَقُّ اللّهِ عَلَيهِ عِظَما .
وإنَّ مِن أسخَفِ حالاتِ الوُلاةِ عِندَ صالِحِ النّاسِ أن يُظَنَّ بِهِم حُبُّ الفَخرِ ، ويوضَعَ أمرُهُم عَلَى الكِبرِ ، وقَد كَرِهتُ أن يَكونَ جالَ في ظَنَّكُم أنّي اُحِبُّ الإِطراءَ ، وَاستِماعَ الثَّناءِ ، ولَستُ ـ بِحَمدِ اللّهِ ـ كَذلِكَ ، ولَو كُنتُ اُحِبُّ أن يُقالَ ذلِكَ لَتَرَكتُه

1.يَبْجَحوك أو كما في شرح النهج : «يُبَجِّحوك» أي لا يجعلوك ممّن يبجَح ، أي يفخر بباطل لم يفعله كما يبجِّح أصحابُ الاُمراء الاُمراء (شرح نهج البلاغة : ج۱۷ ص۴۵) .

2.نهج البلاغة : الكتاب ۵۳ ، تحف العقول : ص۱۲۹ نحوه ، بحار الأنوار : ج۳۳ ص۶۰۲ ح۷۴۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 91464
صفحه از 600
پرینت  ارسال به