43
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2

1 / 10

اِمتِناعُ الإِمامِ مِنَ البَيعَةِ

۹۶۴.الردّة :أرسَلَ أبو بَكرٍ إلى عَلِيٍّ فَدَعاهُ ، فَأَقبَلَ وَالنّاسُ حُضورٌ ، فَسَلَّمَ وجَلَسَ ، ثُمَّ أقبَلَ عَلَى النّاسِ ، فَقالَ : لِمَ دَعَوتَني ؟ فَقالَ لَهُ عُمَرُ : دَعَوناكَ لِلبَيعَةِ الَّتي قَدِ اجتَمَعَ عَلَيهَا المُسلِمونَ ، فَقالَ عَلِيٌّ : يا هؤُلاءِ ، إنَّما أخَذتُم هذَا الأَمرَ مِنَ الأَنصارِ بِالحُجَّةِ عَلَيهِم وَالقَرابَةِ لِأَبي بَكرٍ ؛ لِأَنَّكُم زَعَمتُم أنَّ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله مِنكُم ، فَأَعطَوكُمُ المَقادَةَ ، وَسَلَّموا إلَيكُمُ الأَمرَ ، وأنَا أحتَجُّ عَلَيكُم بِالَّذِي احتَجَجتُم بِهِ عَلَى الأَنصارِ ، نَحنُ أولى بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله حَيّا ومَيِّتا ؛ لِأَنّا أهلُ بَيتِهِ ، وأقرَبُ الخَلقِ إلَيهِ ، فَإِن كُنتُم تَخافونَ اللّهَ فَأَنصِفونا ، وَاعرِفوا لَنا في هذَا الأَمرِ ما عَرَفَتهُ لَكُمُ الأَنصارُ .
فَقالَ لَهُ عُمَرُ : إنَّكَ أيُّهَا الرَّجُلُ لَستَ بِمَتروكٍ أو تُبايِعُ كَما بايَعَ غَيرُكَ . فَقالَ عَلِيٌّ رضى الله عنه : إذا لا أقبَلُ مِنكَ وَلا اُبايِعُ مَن أنَا أحَقُّ بِالبَيعَةِ مِنهُ . فَقالَ لَهُ أبو عُبَيدَةَ بنُ الجَرّاحِ : وَاللّهِ يا أبَا الحَسَنِ ، إنَّكَ لَحَقيقٌ لِهذَا الأَمرِ لِفَضلِكَ وسابِقَتِكَ وقَرابَتِكَ ، غَيرَ أنَّ النّاسَ قَد بايَعوا ورَضوا بِهذَا الشَّيخِ ، فَارضَ بِما رَضِيَ بِهِ المُسلِمونَ .
فَقالَ لَهُ عليّ كَرَّمَ اللّهُ وَجهَهُ : يا أبا عُبَيدَةَ ، أنتَ أمينُ هذِهِ الاُمَّةِ ! ! فَاتَّقِ اللّهَ في نَفسِكَ ؛ فَإِنَّ هذَا اليَومَ لَهُ ما بَعدَهُ مِنَ الأَيّامِ ، ولَيسَ يَنبَغي لَكُم أن تُخرِجوا سُلطانَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله مِن دارِهِ وقَعرِ بَيتِهِ إلى دورِكُم وقُعورِ بُيوتِكُم ؛ فَفي بُيوتِنا نَزَلَ القُرآنُ ، ونَحنُ مَعدِنُ العِلمِ وَالفِقهِ وَالدّينِ وَالسُّنَّةِ وَالفَرائِضِ ، ونَحنُ أعلَمُ بِاُمورِ الخَلقِ مِنكُم ؛ فَلا تَتَّبِعُوا الهَوى فَيَكونَ نَصيبُكُمُ الأَخَسَّ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2
42

ثُمَّ قامَ عُمَرُ فَمَشى مَعَهُ جَماعَةٌ ، حَتّى أتَوا بابَ فاطِمَةَ ، فَدَقُّوا البابَ ، فَلَمّا سَمِعَت أصواتَهُم نادَت بِأَعلى صَوتِها : يا أبَتِ يا رَسولَ اللّهِ ! ماذا لَقينا بَعدَكَ مِنِ ابنِ الخَطّابِ وَابنِ أبي قُحافَةَ ؟ ! !
فَلَمّا سَمِعَ القَومُ صَوتَها وبُكاءَهَا انصَرَفوا باكينَ ، وكادَت قُلوبُهُم تَنصَدِعُ ، وأكبادُهُم تَنفَطِرُ ، وبَقِيَ عُمَرُ ومَعَهُ قَومٌ ، فَأَخرَجوا عَلِيّا ، فَمَضَوا بِهِ إلى أبي بَكرٍ ، فَقالوا لَهُ : بايِع ، فَقالَ : إن أنَا لَم أفعَل فَمَه ؟ قالوا : إذا وَاللّهِ الَّذي لا إلهَ إلّا هُوَ نَضرِبُ عُنُقَكَ ، فَقالَ : إذا تَقتُلونَ عَبدَ اللّهِ وأخا رَسولِهِ ، قالَ عُمَرُ : أمّا عَبدُ اللّهِ فَنَعَم ، وَأمّا أخو رَسولِهِ فَلا ، وأبو بَكرٍ ساكِتٌ لا يَتَكَلَّمُ ، فَقالَ لَهُ عُمَرُ : أ لا تَأمُرُ فيهِ بِأَمرِكَ ؟ فَقالَ : لا اُكرِهُهُ عَلى شَيءٍ ما كانَت فاطِمَةُ إلى جَنبِهِ .
فَلَحِقَ عَلِيٌّ بِقَبرِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَصيحُ ويَبكي ، وَيُنادي : يَابنَ اُمِّ ! إنَّ القَومَ استَضعَفوني وكادوا يَقتُلونَني ۱۲ .

۹۶۳.تاريخ اليعقوبي عن أبي بكرـ قُبَيلَ مَوتِهِ ـ: ما آسى إلّا عَلى ثَلاثِ خِصالٍ صَنَعتُها لَيتَني لَم أكُن صَنَعتُها ، وَثَلاثٍ لَم أصنَعها لَيتَني كُنتُ صَنَعتُها ، وَثَلاثٍ لَيتَني كُنتُ سَأَلتُ رَسولَ اللّهِ عَنها .
فَأَمَّا الثَّلاثُ الَّتي صَنَعتُها فَلَيتَ أنّي لَم أكُن تَقَلَّدتُ هذَا الأَمرَ ، وقَدَّمتُ عُمَرَ بَينَ يَدَيَّ ؛ فَكُنتُ وَزيرا خَيرا مِنّي أميرا ، ولَيتَني لم اُفَتِّش بَيتَ فاطِمَةَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ واُدخِلهُ الرِّجالَ ولَو كانَ اُغلِقَ عَلى حَربٍ ، ولَيتَني لَم اُحرِقِ الفُجاءَةَ السُّلَمِيَّ ؛ إمّا أن أكونَ قَتَلتُهُ سَريحا ۳ أو أطلَقتُهُ نَجيحا ۴ .

1.إشارة إلى الآية ۱۵۰ من سورة الأعراف .

2.الإمامة والسياسة : ج۱ ص۳۰ وراجع الاحتجاج : ج۱ ص۲۰۷ ح۳۸ .

3.أمر سَريح : أي معجّل (لسان العرب : ج۲ ص۴۷۹) .

4.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۳۷ ، الخصال : ص۱۷۱ ح۲۲۸ ؛ تاريخ الطبري : ج۳ ص۴۳۰ ، تاريخ الإسلام للذهبي: ج۳ ص۱۱۷ ، الأموال : ص۱۴۴ ح۳۵۳ وفيه «وددت أنـّي لم أكن فعلت كذا وكذا ـ لخلّة ذكرها» بدل «لم اُفتّش بيت فاطمة . . . الحرب» ، العقد الفريد : ج۳ ص۲۷۹ ، تاريخ دمشق : ج۳۰ ص۴۱۸ و ۴۱۹ ، شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۴۶ ، الإمامة والسياسة : ج۱ ص۳۶ كلّها نحوه .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 91543
صفحه از 600
پرینت  ارسال به