ثُمَّ قامَ عُمَرُ فَمَشى مَعَهُ جَماعَةٌ ، حَتّى أتَوا بابَ فاطِمَةَ ، فَدَقُّوا البابَ ، فَلَمّا سَمِعَت أصواتَهُم نادَت بِأَعلى صَوتِها : يا أبَتِ يا رَسولَ اللّهِ ! ماذا لَقينا بَعدَكَ مِنِ ابنِ الخَطّابِ وَابنِ أبي قُحافَةَ ؟ ! !
فَلَمّا سَمِعَ القَومُ صَوتَها وبُكاءَهَا انصَرَفوا باكينَ ، وكادَت قُلوبُهُم تَنصَدِعُ ، وأكبادُهُم تَنفَطِرُ ، وبَقِيَ عُمَرُ ومَعَهُ قَومٌ ، فَأَخرَجوا عَلِيّا ، فَمَضَوا بِهِ إلى أبي بَكرٍ ، فَقالوا لَهُ : بايِع ، فَقالَ : إن أنَا لَم أفعَل فَمَه ؟ قالوا : إذا وَاللّهِ الَّذي لا إلهَ إلّا هُوَ نَضرِبُ عُنُقَكَ ، فَقالَ : إذا تَقتُلونَ عَبدَ اللّهِ وأخا رَسولِهِ ، قالَ عُمَرُ : أمّا عَبدُ اللّهِ فَنَعَم ، وَأمّا أخو رَسولِهِ فَلا ، وأبو بَكرٍ ساكِتٌ لا يَتَكَلَّمُ ، فَقالَ لَهُ عُمَرُ : أ لا تَأمُرُ فيهِ بِأَمرِكَ ؟ فَقالَ : لا اُكرِهُهُ عَلى شَيءٍ ما كانَت فاطِمَةُ إلى جَنبِهِ .
فَلَحِقَ عَلِيٌّ بِقَبرِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَصيحُ ويَبكي ، وَيُنادي : يَابنَ اُمِّ ! إنَّ القَومَ استَضعَفوني وكادوا يَقتُلونَني ۱۲ .
۹۶۳.تاريخ اليعقوبي عن أبي بكرـ قُبَيلَ مَوتِهِ ـ: ما آسى إلّا عَلى ثَلاثِ خِصالٍ صَنَعتُها لَيتَني لَم أكُن صَنَعتُها ، وَثَلاثٍ لَم أصنَعها لَيتَني كُنتُ صَنَعتُها ، وَثَلاثٍ لَيتَني كُنتُ سَأَلتُ رَسولَ اللّهِ عَنها .
فَأَمَّا الثَّلاثُ الَّتي صَنَعتُها فَلَيتَ أنّي لَم أكُن تَقَلَّدتُ هذَا الأَمرَ ، وقَدَّمتُ عُمَرَ بَينَ يَدَيَّ ؛ فَكُنتُ وَزيرا خَيرا مِنّي أميرا ، ولَيتَني لم اُفَتِّش بَيتَ فاطِمَةَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ واُدخِلهُ الرِّجالَ ولَو كانَ اُغلِقَ عَلى حَربٍ ، ولَيتَني لَم اُحرِقِ الفُجاءَةَ السُّلَمِيَّ ؛ إمّا أن أكونَ قَتَلتُهُ سَريحا ۳ أو أطلَقتُهُ نَجيحا ۴ .
1.إشارة إلى الآية ۱۵۰ من سورة الأعراف .
2.الإمامة والسياسة : ج۱ ص۳۰ وراجع الاحتجاج : ج۱ ص۲۰۷ ح۳۸ .
3.أمر سَريح : أي معجّل (لسان العرب : ج۲ ص۴۷۹) .
4.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۳۷ ، الخصال : ص۱۷۱ ح۲۲۸ ؛ تاريخ الطبري : ج۳ ص۴۳۰ ، تاريخ الإسلام للذهبي: ج۳ ص۱۱۷ ، الأموال : ص۱۴۴ ح۳۵۳ وفيه «وددت أنـّي لم أكن فعلت كذا وكذا ـ لخلّة ذكرها» بدل «لم اُفتّش بيت فاطمة . . . الحرب» ، العقد الفريد : ج۳ ص۲۷۹ ، تاريخ دمشق : ج۳۰ ص۴۱۸ و ۴۱۹ ، شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۴۶ ، الإمامة والسياسة : ج۱ ص۳۶ كلّها نحوه .