55
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2

تَكَلَّمَ ـ فَقالَ عليه السلام : الحِلمُ زَينٌ ، وَالتَّقوى دينٌ ، وَالحُجَّةُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله ، وَالطَّريقُ الصِّراطُ .
أيُّهَا النّاسُ ، رَحِمَكُمُ اللّهُ ، شُقّوا مُتَلاطِماتِ أمواجِ الفِتَنِ بِحَيازيمِ ۱ سُفُنِ النَّجاةِ ، وعَرِّجوا عَن سَبيلِ المُنافَرَةِ ، وحُطّوا تيجانَ المُفاخَرَةِ . أفلَحَ مَن نَهَضَ بِجَناحٍ ، أوِ استَسلَمَ فَأَراحَ . ماءٌ آجِنٌ ۲ ، ولُقمَةٌ يَغَصُّ بِها آكِلُها ، ومُجتَنِي الثَّمَرَةِ في غَيرِ وَقتِها كَالزّارِعِ في غَيرِ أرضِهِ ، وَاللّهِ لَو أقولُ لَتَداخَلَت أضلاعٌ كَتَداخُلِ أسنانِ دَوّارَةِ الرّاحي ، وإن أسكُت يَقولوا : جَزَعَ ابنُ أبي طالِبٍ مِنَ المَوتِ . هَيهاتَ ! بَعدَ اللَّتَيّا وَالَّتي ، وَاللّهِ لَعَلِيٌّ آنَسُ بِالمَوتِ مِنَ الطِّفلِ بِثَديِ اُمِّهِ ، لكِنِّي اندَمَجتُ عَلى مَكنونِ عِلمٍ لَو بُحتُ بِهِ لَاضطَرَبتُمُ اضطِرابَ الأَرشِيَةِ ۳ فِي الطَّوِيِّ ۴ البَعيدَةِ .
ثُمَّ نَهَضَ عليه السلام . فَقالَ أبو سُفيانَ : لِشَيءٍ ما فارَقَنَا ابنُ أبي طالِبٍ ! ۵

۹۸۲.العقد الفريد عن مالك بن دينار :تُوُفِّيَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وأبو سُفيانَ غائِبٌ في مَسعاةٍ أخرَجَهُ فيها رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَلَمَّا انصَرَفَ لَقِيَ رَجُلاً في بَعضِ طَريقِهِ مُقبِلاً مِنَ المَدينَةِ ، فَقالَ لَهُ : ماتَ مُحَمَّدٌ ؟ قالَ :نَعَم . قالَ : فَمَن قامَ مَقامَهُ ؟ قالَ : أبو بَكرٍ . قالَ أبو سُفيانَ : فَما فَعَلَ المُستَضعَفانِ ؛ عَلِيٌّ وَالعَبّاسُ ؟ ! قالَ : جالِسَينِ . قالَ : أما وَاللّهِ ، لَئِن بَقيتُ لَهُما لَأَرفَعَنَّ مِن أعقابِهِما . ثُمَّ قالَ : إنّي أرى غيرَةً لا يُطفِئُها إلّا دَمٌ .
فَلَمّا قَدِمَ المَدينَةَ جَعَلَ يَطوفُ في أزِقَّتِها ويَقولُ :
بَني هاشِمٍ لا تَطمَعِ النّاسُ فيكُمُ
ولا سيِّما تَيمُ بنُ مُرَّةَ أو عَدِيٌّ

فَمَا الأَمرُ إلّا فيكُمُ وإلَيكُمُ
ولَيسَ لَها إلّا أبو حَسَنٍ عَلِيٌّ

فَقالَ عُمَرُ لِأَبي بَكرٍ : إنَّ هذا قَد قَدِمَ ، وهُوَ فاعِلٌ شَرّا ، وقَد كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله يَستَألِفُهُ عَلَى الإِسلامِ ، فَدَع لَهُ ما بِيَدِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ . فَفَعَلَ ، فَرَضِيَ أبو سُفيانَ ، وبايَعَهُ ۶ .

1.الحيازيم : جمع الحيزوم ، وهو الصدر وقيل وسطه (النهاية : ج۱ ص۴۶۷) .

2.الآجن : الماء المتغيّر الطعم واللون (النهاية : ج۱ ص۲۶) .

3.الرشاء : الحبل الَّذي يتوصّل به إلى الماء ، وجمعه أرشية (مجمع البحرين : ج۲ ص۷۰۳) .

4.الطَّوِيّ : البئر المطويّة بالحجارة (لسان العرب : ج۱۵ ص۱۹) .

5.نزهة الناظر : ص۵۵ ح۳۹ ، نهج البلاغة : الخطبة ۵ وفي صدرها «ومن خطبة له عليه السلام لمّا قبض رسول اللّه صلى الله عليه و آله وخاطبه العبّاس وأبو سفيان بن حرب في أن يبايعا له بالخلافة» ؛ مطالب السؤول : ص۵۸ وفيهما من «أيّها النّاس» إلى «البعيدة» ، تذكرة الخواصّ : ص۱۲۸ عن ابن عبّاس وكلّها نحوه ، شرح نهج البلاغة : ج۱ ص۲۱۳ وفيه من «أيّها النّاس . . .» .

6.العقد الفريد : ج۳ ص۲۷۱ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2
54

الخِلافَةُ بِالتَّمويهِ ، ونَحنُ أهلُها دونَكُم ، وصاحِبُنا أولى بِها مِنكُم ! !
وقامَ عُتبَةُ بنُ أبي لَهَبٍ فَقالَ :


ما كُنتُ أحسَبُ أنَّ الأَمرَ مُنصَرِفٌ
عَن هاشِمٍ ثُمَّ مِنها عَن أبِي الحَسَنِ

عَن أوَّلِ النّاسِ إيمانا وسابِقَةً
وأعلَمِ النّاسِ بِالقُرآنِ والسُّنَنِ

وآخِرِ النّاسِ عَهدا بِالنَّبِيِّ ومَن
جِبريلُ عَونٌ لَهُ فِي الغُسلِ وَالكَفَنِ

مَن فيهِ ما فيهِمُ لا يَمتَرونَ بِهِ
ولَيسَ فِي القَومِ ما فيهِ مِنَ الحَسَنِ

فَبَعَثَ إلَيهِ عَلِيُّ ، فَنَهاهُ ۱ .

۹۸۱.نُزهَة الناظر :لَمّا قُبِضَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، اجتَمَعَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام وعَمُّهُ العَبّاسُ ومَواليهِما في دورِ الأَنصارِ ؛ لإِجالَةِ الرَّأيِ ، فَبَدَرَهُما أبو سُفيانَ وَالزُّبَيرُ ، وعَرَضا نُفوسَهُما عَلَيهِما ، وبَذَلا مِن نُفوسِهمَا المُساعَدَةَ وَالمُعاضَدَةَ لَهُما .
فَقالَ العَبّاسُ : قَد سَمِعنا مَقالَتَكُما ، فَلا لِقِلَّةٍ نَستَعينُ بِكُما ، ولا لِظِنَّةٍ ۲ نَترُكُ رَأيَكُما ، لكِن لِالتِماسِ الحَقِّ ، فَأَمهِلا ؛ نُراجِعِ الفِكَرَ ، فَإِن يَكُن لَنا مِنَ الإِثمِ مَخرَجٌ يَصِرَّ بِنا وبِهِمُ الأَمرُ صَريرَ الجُندَبِ ۳ ، ونَمُدَّ أكُفّا إلَى المَجدِ لا نَقبِضُها أو نَبلُغ المَدى ، وإن تَكُنِ الاُخرى فَلا لِقِلَّةٍ فِي العَدَدِ ، ولا لِوَهنٍ فِي الأَيدي ، وَاللّهِ لَولا أنَّ الإِسلامَ قَيَّدَ الفَتكَ لَتَدَكدَكَت جَنادِلُ صخرٍ ، يُسمَعُ اصطِكاكُها مِن مَحَلِّ الأَبيلِ ۴ .
قالَ : فَحَلَّ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام حِبوَتَهُ ۵ ، وجَثا عَلى رُكبَتَيهِ ـ وكَذا كانَ يَفعَلُ إذا

1.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۲۴ .

2.الظِّنّة : التُّهمَة (لسان العرب : ج۱۳ ص۲۷۳) .

3.الجُندَب : ضرب من الجراد ، وقيل: هو الَّذي يَصِرّ في الحرّ (النهاية : ج۱ ص۳۰۶) .

4.الأبيل بوزن الأمير : الراهب . وسمّي به لتأبله عن النساء وترك غِشيانهنّ والفعل منه أبَلَ يأبُلُ أبالة ؛ إذا تنسّك وترهّب (لسان العرب : ج۱۱ ص۷) . ولعلّ المراد به أنّه يُسمع من المكان القاصي كمحلّ عبادة الراهب .

5.الحِبْوَة والحُبْوَة : الثوب الَّذي يحتبى به ، يقال : حل حِبوَته وحُبوَته (لسان العرب : ج۱۴ ص۱۶۱) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 91693
صفحه از 600
پرینت  ارسال به