95
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2

قالَ : فَقُلتُ : عُثمانُ بنُ عَفّانَ ؟
قالَ : إن وَلِيَ حَمَلَ ابنَ أبي مُعَيطٍ وبَني اُمَيَّةَ عَلى رِقابِ النّاسِ ، وأعطاهُم مالَ اللّهِ ، ولَئِن وَلِيَ لَيَفعَلَنَّ وَاللّهِ ، وَلَئِن فَعَلَ لَتَسيرَنَّ العَرَبُ إلَيهِ حَتّى تَقتُلَهُ في بَيتِهِ ! ثُمَّ سَكَت .
قالَ : فَقالَ : اِمضِها ، يَابنَ عَبّاسٍ ، أ تَرى صاحِبَكُم لَها مَوضِعا ؟
قالَ : فَقُلتُ : وأينَ يَتَبَعَّدُ مِن ذلِكَ مَعَ فَضلِهِ وسابِقَتِهِ وقَرابَتِهِ وعِلمِهِ !
قالَ : هُوَ وَاللّهِ كَما ذَكَرتَ ، ولَو وَلِيَهُم تَحَمَّلَهُم عَلى مَنهَجِ الطَّريقِ ؛ فَأَخَذَ المَحَجَّةَ الواضِحَةَ ! إلّا أنَّ فيهِ خِصالاً : الدُّعابَةُ فِي المَجلِسِ ، وَاستِبدادُ الرَّأي ، والتَّبكيتُ ۱ لِلنّاسِ مَعَ حَداثَةِ السِّنِّ .
قالَ : قُلتُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، هَلَا استَحدَثتُم سِنَّهُ يَومَ الخَندَقِ إذ خَرَجَ عَمرُو بنُ عَبدِ وُدٍّ ، وقَد كُعِمَ ۲ عَنهُ الأَبطالُ وتَأَخَّرَت عَنهُ الأَشياخُ ! ويَومَ بَدرٍ إذ كانَ يَقُطُّ ۳ الأَقرانَ قَطّا ، ولا سَبَقتُموهُ بِالإِسلامِ إذ كانَ جَعَلَتهُ السّعبُ ۴ وقُرَيشٌ يَستَوفيكُم !
فَقالَ : إلَيكَ يَابنَ عَبّاسٍ ! أ تُريدُ أن تَفعَلَ بي كَما فَعَلَ أبوكَ وعَلِيٌّ بِأَبي بَكرٍ يَومَ دَخَلا عَلَيهِ ؟ !
قالَ : فَكَرِهتُ أن اُغضِبَهُ فَسَكَتُّ .
فَقالَ : وَاللّهِ ، يَابنَ عَبّاسٍ ، إنَّ عَلِيّا اِبنَ عَمِّكَ لَأَحَقُّ النّاسِ بِها ! ولكِنَّ قُرَيشا لا تَحتَمِلُهُ . وَلَئِن وَلِيَهُم لَيَأخُذَنَّهُم بِمُرِّ الحَقِّ لا يَجِدونَ عِندَهُ رُخصَةً ؛ وَلَئِن فَعَلَ لَيَنكُثُن

1.التَّبْكِيت : التَّقْرِيع والتَّوبيخ (النهاية : ج۱ ص۱۴۸) .

2.كَعَمَهُ الخوفُ فلا يَرجع : أي أمسَكَ فاهُ وسَدَّه عن الكلام ، وهو مجاز . وفي الأساس : كَعَمَهُ الخَوفُ فلا يَنْبسُ بكلمة (تاج العروس : ج۱۷ ص۶۲۳) .

3.قَطَّهُ : قَطَعَهُ عَرْضا نصفَين (النهاية : ج۴ ص۸۱) .

4.كذا في المصدر ، ويحتمل وجود سقط أو تصحيف .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2
94

فَقُلتُ لَهُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، ما أخرَجَكَ إلى هذَا الأَمرِ ؟ !
قالَ : أمرُ اللّهِ يَابنَ عَبّاسٍ !
قالَ : [قُلتُ :] ۱ إن شِئتَ أخبَرتُكَ بِما في نَفسِكَ .
قالَ : غُص غَوّاصُ ۲ ، إن كُنتَ لَتَقول فَتُحسِنُ !
قالَ : [قُلتُ :]ذَكَرتَ هذَا الأَمرَ بِعَينِهِ وإلى مَن تُصَيِّرُهُ .
قالَ : صَدَقتَ !
قالَ : فَقُلتُ لَهُ : أينَ أنتَ عَن عَبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ ؟
فَقالَ :ذاكَ رَجُلٌ مُمسِكٌ ، وهذَا الأَمرُ لا يَصلَحُ إلّا لِمُعطٍ في غَيرِ سَرَفٍ ، ومانِعٍ في غَيرِ إقتارٍ .
قالَ : فَقُلتُ : سَعدُ بنُ أبي وَقّاصٍ ؟
قالَ : مُؤمِنٌ ضَعيفٌ .
قالَ : فَقُلتُ : طَلحَةُ بنُ عَبدِ اللّهِ ۳ ؟
قالَ : ذاكَ رَجُلٌ يُناوِلُ لِلشَّرَفِ وَالمَديحِ ، يُعطي مالَهُ حَتّى يَصِلَ إلى مالِ غَيرِهِ ، وفيهِ بَأوٌ ۴ وكِبرٌ .
قالَ : فَقُلتُ : فَالزُّبَيرُ بنُ العَوّامِ ؛ فَهُوَ فارِسُ الإِسلامِ ؟
قالَ : ذاكَ يَومٌ إنسانٌ ويَومٌ شَيطانٌ ، وعِفَّةُ نَفسٍ ، إن كانَ لَيُكادِحُ عَلى المِكيَلةِ مِن بُكرَةٍ إلَى الظُّهرِ حَتّى يَفوتَهُ الصَّلاةُ !

1.ما بين المعقوفين في هذا المورد والَّذي يليه إضافة يقتضيها السياق .

2.أي يا غَوّاصُ ، وهو مجاز (اُنظر تاج العروس : ج۹ ص۳۱۹) .

3.كذا في المصدر ، والصحيح : «عبيد اللّه » .

4.البَأْو : الكِبْر والتعظيم (النهاية : ج۱ ص۹۱) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 2
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 109371
صفحه از 600
پرینت  ارسال به