قالَ : فَقُلتُ : عُثمانُ بنُ عَفّانَ ؟
قالَ : إن وَلِيَ حَمَلَ ابنَ أبي مُعَيطٍ وبَني اُمَيَّةَ عَلى رِقابِ النّاسِ ، وأعطاهُم مالَ اللّهِ ، ولَئِن وَلِيَ لَيَفعَلَنَّ وَاللّهِ ، وَلَئِن فَعَلَ لَتَسيرَنَّ العَرَبُ إلَيهِ حَتّى تَقتُلَهُ في بَيتِهِ ! ثُمَّ سَكَت .
قالَ : فَقالَ : اِمضِها ، يَابنَ عَبّاسٍ ، أ تَرى صاحِبَكُم لَها مَوضِعا ؟
قالَ : فَقُلتُ : وأينَ يَتَبَعَّدُ مِن ذلِكَ مَعَ فَضلِهِ وسابِقَتِهِ وقَرابَتِهِ وعِلمِهِ !
قالَ : هُوَ وَاللّهِ كَما ذَكَرتَ ، ولَو وَلِيَهُم تَحَمَّلَهُم عَلى مَنهَجِ الطَّريقِ ؛ فَأَخَذَ المَحَجَّةَ الواضِحَةَ ! إلّا أنَّ فيهِ خِصالاً : الدُّعابَةُ فِي المَجلِسِ ، وَاستِبدادُ الرَّأي ، والتَّبكيتُ ۱ لِلنّاسِ مَعَ حَداثَةِ السِّنِّ .
قالَ : قُلتُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، هَلَا استَحدَثتُم سِنَّهُ يَومَ الخَندَقِ إذ خَرَجَ عَمرُو بنُ عَبدِ وُدٍّ ، وقَد كُعِمَ ۲ عَنهُ الأَبطالُ وتَأَخَّرَت عَنهُ الأَشياخُ ! ويَومَ بَدرٍ إذ كانَ يَقُطُّ ۳ الأَقرانَ قَطّا ، ولا سَبَقتُموهُ بِالإِسلامِ إذ كانَ جَعَلَتهُ السّعبُ ۴ وقُرَيشٌ يَستَوفيكُم !
فَقالَ : إلَيكَ يَابنَ عَبّاسٍ ! أ تُريدُ أن تَفعَلَ بي كَما فَعَلَ أبوكَ وعَلِيٌّ بِأَبي بَكرٍ يَومَ دَخَلا عَلَيهِ ؟ !
قالَ : فَكَرِهتُ أن اُغضِبَهُ فَسَكَتُّ .
فَقالَ : وَاللّهِ ، يَابنَ عَبّاسٍ ، إنَّ عَلِيّا اِبنَ عَمِّكَ لَأَحَقُّ النّاسِ بِها ! ولكِنَّ قُرَيشا لا تَحتَمِلُهُ . وَلَئِن وَلِيَهُم لَيَأخُذَنَّهُم بِمُرِّ الحَقِّ لا يَجِدونَ عِندَهُ رُخصَةً ؛ وَلَئِن فَعَلَ لَيَنكُثُن
1.التَّبْكِيت : التَّقْرِيع والتَّوبيخ (النهاية : ج۱ ص۱۴۸) .
2.كَعَمَهُ الخوفُ فلا يَرجع : أي أمسَكَ فاهُ وسَدَّه عن الكلام ، وهو مجاز . وفي الأساس : كَعَمَهُ الخَوفُ فلا يَنْبسُ بكلمة (تاج العروس : ج۱۷ ص۶۲۳) .
3.قَطَّهُ : قَطَعَهُ عَرْضا نصفَين (النهاية : ج۴ ص۸۱) .
4.كذا في المصدر ، ويحتمل وجود سقط أو تصحيف .