109
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

وبلبلة الهوَس بفتنة عمياء تمخّضت عنها معركة الجمل .
واختارت هذه الشرذمة البصرة بعد مداولات كثيرة ، ذلك أنّهم من جهة لم يثقوا بمعاوية ؛ فيذهبوا إلى الشام ، ومن جهة اخرى إنّهم كانوا يبتغون مدينة هي في الوقت نفسه قاعدة عسكرية ولم تكن مدينة غير الكوفة والبصرة لها هذه الخصوصيّة ، فاختاروا البصرة لميل أهل الكوفة للإمام عليّ عليه السلام ، وميل أهل البصرة إلى عثمان ، مضافا إلى نفوذ ابن عامر في البصرة لأنّه كان حاكما عليها ، وهذا ما يساعدهم في استقطاب الناس والحصول على معلومات ضروريّة تخدم موقف الحرب .

۲۱۱۰.الإمامة والسياسة :قالَ الزُّبَيرُ : الشّامُ بِهَا الرِّجالُ وَالأَموالُ ، وعَلَيها مُعاوِيَةُ ، وهُوَ ابنُ عَمِّ الرَّجُلِ ، ومَتى نَجتَمِع يُوَلِّنا عَلَيهِ .
وقالَ عَبدُ اللّهِ بنُ عامِرٍ : البَصرَةُ ؛ فَإِن غَلَبتُم عَلِيّا فَلَكُمُ الشّامُ ، وإِن غَلَبَكُم عَلِيٌّ كانَ مُعاوِيَةُ لَكُم جُنَّةً ، وهذِهِ كُتُبُ أهلِ البَصرَةِ إلَيَّ .
فَقالَ يَعلَى بنُ مُنيَةَ ۱ ـ وكانَ داهِيا ـ : أيُّهَا الشَّيخانِ ! قَدِّرا قَبلَ أن تَرحَلا أنَّ مُعاوِيَةَ قَد سَبَقَكُم إلَى الشّامِ وفيهَا الجَماعَةُ ، وأنتُم تَقدَمونَ عَلَيهِ غَدا في فُرقَةٍ ، وهُوَ ابنُ عَمِّ عُثمانَ دونَكُم ؛ أ رَأَيتُم إن دَفَعَكُم عَنِ الشّامِ ، أو قالَ : أجعَلُها شورى ، ما أنتُم صانِعونَ ؟ أ تُقاتِلونَهُ أم تَجعَلونَها شورى فَتَخرُجا مِنها ؟ وأَقبَحُ مِن ذلِكَ أن تأتِيا رَجُلاً في يَدَيهِ أمرٌ قَد سَبَقَكُما إلَيهِ ، وتُريدا أن تُخرِجاهُ مِنهُ!
فَقالَ القَومُ : فَإِلى أينَ ؟
قالَ : إلَى البَصرَةِ ۲ .

1.في المصدر : «منبه» وهو تصحيف ، والصحيح ما أثبتناه .

2.الإمامة والسياسة : ج۱ ص۷۹ وراجع تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۵۰ والكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۱۴ فوالبداية والنهاية : ج۷ ص۲۳۱ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
108

السُّفَهاءُ مِن أهلِ مِصرَ وَالعِراقِ ، وسَلّوا سُيوفَهُم وأَخافُوا النّاسَ حَتّى بايَعوهُ . ۱
وصارَ إلى مَكَّةَ عَبدُ اللّهِ بنُ أبي رَبيعَةَ ـ وكانَ عامِلَ عُثمانَ عَلى صَنعاءَ ـ فَدَخَلَها وقَدِ انكَسَرَ فَخِذُهُ ، وكانَ سَبَبُ ذلِكَ ما رَواهُ الواقِدِيُّ عَن رِجالِهِ : أنَّهُ لَمَّا اتَّصَلَ بِابنِ أبي رَبيعَةَ حَصرُ النّاسِ لِعُثمانَ أقبَلَ سَريعا لِنُصرَتِهِ ، فَلَقِيَهُ صَفوانُ بنُ اُمَيَّةَ ، وهُوَ عَلى فَرَسٍ يَجري وعَبدُ اللّه بنُ أبي رَبيعَةَ علَى بَغلَةٍ ، فَدَنا مَنهَا الفَرَسُ ، فَحادَت فَطَرَحَتِ ابنَ أبي رَبيعَةَ وكَسَرَت فَخِذَهُ ، وعَرَفَ أنَّ النّاسَ قَد قَتَلوا عُثمانَ ، فَصارَ إلى مَكَّةَ بَعدَ الظُّهرِ ، فَوَجَدَ عائِشَةَ يَومَئِذٍ بِها تَدعو إلَى الخُروجِ لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثمانَ ، فَأَمَرَ بِسَريرٍ، فَوُضِعَ لَهُ سَريرٌ فِي المَسجِدِ ، ثُمَّ حُمِلَ وَوُضِعَ عَلَيهِ وقالَ لِلنّاسِ : مَن خَرَجَ لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثمانَ فَعَلَيَّ جَهازُهُ ، فَجَهَّزَ ناسا كَثيرا ، فَحَمَلَهُم ولَم يَستَطِعِ الخُروجَ مَعَهُم لِما كانَ بِرِجلِهِ ۲ .

3 / 6

تَخطيطُ النّاكِثينَ لِلحَربِ

إنّ شورى الناكثين جديرة بالتأمّل ، فقد اجتمعوا في مكّة من أجل التخطيط لمواجهة أمير المؤمنين عليه السلام . وجلس طلحة ، والزبير ، وعائشة ، ومروان بن الحكم ، ويعلى بن منية ، وعبد اللّه بن عامر ، وعبد اللّه بن الزبير ، ونظائرهم ليعيّنوا موضع القتال ، ويرسموا خطّة الحرب ، وأساليب المواجهة .
وكان لكلّ واحدٍ من هؤلاء مواصفاته الخاصّة ؛ فطلحة والزبير كانا لاهثَين وراء السلطة ، وفي أنفسهما هوى الرئاسة والخلافة ، ومروان رجل ماكر ، مريب ، بعيد عن الدين ، وعبد اللّه بن عامر شخص موتور فَقَدَ سلطته بعد أن ملأ جيوبه بدنانير بيت المال ودراهمه ، وهكذا كان يعلى بن منية ؛ فامتزج حبّ السلطة ، ونزعة الترف ،

1.حاول الزبير بهذا الكلام الكاذب أن يوجّه أفعاله ، ولتتّضح لك هذه الاُكذوبة راجع : ج ۲ ص ۳۳۷ (أوّل من بايع) و ص ۳۴۱ (إقبال الناس على البيعة) .

2.الجمل : ص۲۲۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 100946
صفحه از 670
پرینت  ارسال به