123
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

فَقالَ مَحَمَّدُ بنُ أبي بَكرٍ : ما يُريدونَ يا أميرَ المُؤمِنينَ ؟ فَتَبَسَّمَ عليه السلام وقالَ : يَطلُبونَ بِدَمِ عُثمانَ ! فَقالَ مُحَمَّدٌ : وَاللّهِ ، ما قَتَلَ عُثمانَ غَيرُهُم ! ثَمَّ قالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : أشيروا عَلَيَّ بِما أسمَعُ مِنكُمُ القَولَ فيهِ .
فَقالَ عَمّارُ بنُ ياسِرٍ : الرَّأيُ المَسيرُ إلَى الكوفَةِ ؛ فَإِنَّ أهلَها لَنا شيعَةٌ ، وقَدِ انطَلَقَ هؤُلاءِ القَومُ إلَى البَصرَةِ .
وقالَ ابنُ عَبّاسٍ : الرَّأيُ عِندي يا أميرَ المُؤمِنينَ أن تُقَدِّمَ رَجُلاً إلَى الكوفَةِ فَيُبايِعونَ لَكَ ، وتَكتُبَ إلَى الأَشعَرِيِّ أن يُبايِعَ لَكَ ، ثُمَّ بَعدَهُ المَسيرُ حَتّى نَلحَقَ بِالكوفَةِ ، وتُعاجِلَ القَومَ قَبلَ أن يَدخُلُوا البَصرَةَ ، وتَكتُبَ إلى اُمِّ سَلَمَةَ فَتَخَرُجَ مَعَكَ ؛ فَإِنَّها لَكَ قُوَّةٌ .
فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : بَل أسيرُ بِنَفسي ومَن مَعِيَ فِي اتِّباعِ الطَّريقِ وَراءَ القَومِ ، فَإِن أدرَكتُهُم فِي الطَّريقِ أخَذتُهُم ، وإن فاتوني كَتَبتُ إلَى الكوفَةِ وَاستَمدَدتُ الجُنودَ مِنَ الأَمصارِ وسِرتُ إلَيهِم . وأَمّا اُمُّ سَلَمَةَ فَإِنّي لا أرى إخراجَها مِن بَيتِها كَما رَأَى الرَّجُلانِ إخراجَ عائِشَةَ .
فَبَينَما هُم في ذلِكَ إذ دَخَلَ عَلَيهِم اُسامَةُ بنُ زَيدِ بنِ حارِثَةَ وقالَ لِأَميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام : فِداكَ أبي واُمّي ! لا تَسِر سَيرا واحِدا ، وَانطَلِق إلى يَنْبُعَ ، وخَلِّف عَلَى المَدينَةِ رَجُلاً ، وأقِم بِما لَكَ ؛ فَإِنَّ العَرَبَ لَهُم جَولَةٌ ثُمَّ يَصيرونَ إلَيكَ .
فَقالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ : إنَّ هذَا القَولَ مِنكَ يا اُسامَةُ إن كانَ عَلى غَيرِ غِلٍّ في صَدرِكَ فَقَد أخطَأتَ وَجهَ الرَّأيِ فيهِ ، لَيسَ هذا بِرَأيِ بَصيرٍ ، يَكونُ وَاللّهِ كَهَيئَةِ الضَّبُعِ في مغَارَتِها . فَقالَ اُسامَةُ : فَمَا الرَّأيُ ؟ قالَ : ما أشَرتُ بِهِ ، أو ما رَآهُ أميرُ المُؤمِنينَ لِنَفسِهِ .
ثُمَّ نادى أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام فِي النّاسِ : تَجَهَّزوا لِلمَسيرِ ؛ فَإِنَّ طَلحَةَ وَالزُّبَيرَ قَد نَكَثَا البَيعَةَ ، ونَقَضَا العَهدَ ، وأَخرَجا عائِشَةَ مِن بَيتِها يُريدانِ البَصرَةَ لِاءِثارَةِ الفِتنَةِ ، وسَفك


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
122

البغاة ، وقد اشترك في الحوار المذكور : عبد اللّه بن عبّاس ، ومحمّد بن أبي بكر ، وعمّار بن ياسر ، وسهل بن حُنيف ، واقترح عبد اللّه بن عبّاس عليه أن يأخذ معه اُمّ سلمة أيضا ، فرفض صلوات اللّه عليه ذلك ، وقال : «فَإِنّي لا أرى إخراجَها مِن بَيتِها كَما رَأَى الرَّجُلانِ إخراجَ عائِشَةَ» ۱ . ولِمَ ذاك ؟ ذاك لأنّه عليه السلام لم يفكّر إلّا بالحقّ ، لا بالنصر كيفما كان .

۲۱۲۶.تاريخ الطبري عن محمّد وطلحة :كَتَبَ [عَلِيٌّ عليه السلام ] إلى قَيسِ بنِ سَعدٍ أن يَندُبَ النّاسَ إلَى الشّامِ ، وإلى عُثمانَ بنِ حُنَيفٍ ، وإلى أبي موسى مِثلَ ذلِكَ ، وأقبَلَ عَلَى التَّهَيُّؤِ وَالتَّجَهُّزِ ، وخَطَبَ أهلَ المَدينَةِ ، فَدَعاهُم إلَى النُهوضِ في قِتالِ أهلِ الفُرقَةِ وقالَ : . . . اِنهَضوا إلى هؤُلاءِ القَومِ الَّذينَ يُريدونَ يِفَرِّقونَ جَماعَتَكُم ؛ لَعَلَّ اللّهَ يُصلِحُ بِكُم ما أفسَدَ أهلُ الآفاقِ ، وتَقضونَ الَّذي عَلَيكُم .
فَبَينا هُم كَذلِكَ إذ جاءَ الخَبَرُ عَن أهلِ مَكَّةَ بِنَحوٍ آخَرَ وتَمامٍ عَلى خِلافٍ ۲ ، فَقامَ فيهِم بِذلِكَ فَقالَ : . . . ألا وإنَّ طَلحَةَ وَالزُّبَيرَ واُمَّ المُؤمِنينَ قَد تَمالَؤوا عَلى سُخطِ إمارَتي ، ودَعَوُا النّاسَ إلَى الإِصلاحِ ، وسَأَصبِرُ ما لَم أخَف عَلى جَماعَتِكُم ، وأكُفُّ إن كَفّوا ، وأقتَصِرُ عَلى ما بَلَغَني عَنهُم . ۳

۲۱۲۷.الجمل :ولَمَّا اجتَمَعَ القَومُ عَلى ما ذَكَرناهُ مِن شِقاقِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام وَالتَّأَهُّبِ لِلمَسيرِ إلَى البَصرَةِ ، وَاتَّصَلَ الخَبَرُ إلَيهِ ، وجاءَهُ كِتابٌ بِخَبَرِ القَومِ ، دَعَا ابنَ عَبّاسٍ ، ومُحَمَّدَ بنَ أبي بَكرٍ ، وعَمّارَ بنَ ياسِرٍ ، وسَهلَ بنَ حُنَيفٍ ، وأَخبَرَهُم بِالكِتابِ وبِما عَلَيهِ القَومُ مِنَ المَسيرِ .

1.الجمل : ص۲۳۹ .

2.كذا في المصدر، وفي الكامل: «وأنّهم على الخِلافِ».

3.تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۴۵ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۱۱ و ۳۱۲ وراجع الإمامة والسياسة : ج۱ ص۷۴ والبداية والنهاية : ج۷ ص۲۳۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 99524
صفحه از 670
پرینت  ارسال به