131
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

حَسَنا كانَ مِنكَ ، وإِن كانَ غَيرَ ذلِكَ كانَ مِنّي ؟ قالَ : لا ، أنَا أتَكَلّمُ . ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلى صَدري ـ وكانَ شَثنَ ۱ الكَفَّينِ ـ فَآلَمَني ، ثُمَّ قامَ فَأَخَذتُ بِثَوبِهِ فَقُلتُ : نَشَدتُكَ اللّهَ وَالرَّحِمَ ! قالَ : لا تَنشُدني . ثُمَّ خَرَجَ فَاجتَمَعوا عَلَيهِ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأَثنى عَلَيه، ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ ، فَإِنَّ اللّهَ تَعالى بَعَثَ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله ولَيسَ فِي العَرَبِ أحَدٌ يَقرَأُ كِتابا ولا يَدَّعي نُبُوَّةً ، فَساقَ النّاسَ إلى مَنجاتِهِم ، أمَ وَاللّهِ ما زِلتُ في ساقَتِها ؛ ما غَيَّرتُ ولا خُنتُ حَتّى تَوَلَّت بِحَذافيرِها .
ما لي ولِقُرَيشٍ ؟ أمَ وَاللّهِ لَقَد قَاتَلتُهُم كافِرينَ ، ولَاُقاتِلَنَّهُم مَفتونينَ ، وإِنَّ مَسيري هذا عَن عَهدٍ إلَيَّ فيهِ ، أمَ وَاللّهِ : لَأَبقُرَنَّ الباطِلَ حَتّى يَخرُجَ الحَقُّ مِن خاصِرَتِهِ . ما تَنقَمُ مِنّا قُرَيشٌ إلّا أنَّ اللّهَ اختارَنا عَلَيهِم فَأَدخَلناهُم في حَيِّزِنا، وأَنشَدَ :

أدَمتَ۲لَعَمري شُربَكَ المَحضَ خالِصا
وأَكلَكَ بِالزُّبدِ المُقَشَّرَةَ البُجرا

ونَحنُ وَهَبناكَ العَلاءَ ولَم تَكُن
عَلِيّا وحُطنا حَولَكَ الجُردَ وَالسُّمرا۳

4 / 7

كِتابُ الإِمامِ إلى والِي البَصرَةِ

۲۱۳۹.الإمام عليّ عليه السلامـ فِي كِتابِهِ إِلى عُثمانَ لَمّا بَلَغَهُ مُشارَفَةُ القَومِ البَصرَةَ ـ: مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيٍّ أميرِ المُؤمِنينَ إلى عُثمانَ بنِ حُنَيفٍ ، أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّ البُغاةَ عاهَدُوا اللّهَ ثُمَّ نَكَثوا وتَوَجَّهوا إلى مِصرِكَ ، وساقَهُمُ الشَّيطانُ لِطَلَبِ ما لا يَرضَى اللّهُ بِهِ ، وَاللّهُ أشَدُّ بَأسا وأَشَدُّ تَنكيلاً . فَإِذا قَدِموا عَلَيكَ فَادعُهُم إلَى الطّاعَةِ وَالرُّجوعِ إلَى الوَفاءِ بِالعَهدِ وَالميثاقِ الَّذي فَارَقونا عَلَيهِ ، فَإِن أجابوا فَأَحسِن جِوارَهُم ما داموا عِندَكَ ، وإن أبَوا

1.الشَّثَن بالتحريك : مصدر شَثِنَت كفّه بالكسر ؛ أي خَشُنَت وغَلُظَت (لسان العرب : ج۱۳ ص۲۳۲) .

2.في المصدر : «ذنب» وهو كما ترى !

3.الإرشاد : ج۱ ص۲۴۷ ، نهج البلاغة : الخطبة ۳۳ وفيه من «قال ابن عبّاس . . .» وراجع شرح المائة كلمة : ص۲۲۸ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
130

تَمحيصِ سَيِّئاتِهِم ، وَالعَفوِ عَن هَفَواتِهِم .
فَما بالُ طَلحَةَ وَالزُّبَيرِ ، ولَيسا مِن هذَا الأَمرِ بِسَبيلٍ ! لَم يَصبِرا عَلَيَّ حَولاً ولا شَهرا حَتّى وَثَبا ومَرَقا ، ونازَعاني أمرا لَم يَجعَلِ اللّهُ لَهُما إلَيهِ سَبيلاً ، بَعدَ أن بايَعا طائِعَينِ غَيرَ مكرَهَينِ ، يَرتَضِعانِ اُمّا قَد فَطَمَت ، ويُحيِيانِ بِدعَةً قَد اُميتَت . أ دَمَ عُثمانَ زَعَما ! وَاللّهِ مَا التَّبِعَةُ إلّا عِندَهُم وفيهِم ، وإِنَّ أعظَمَ حُجَّتِهِم لَعَلى أنفُسِهِم ، وأَنَا راضٍ بِحُجَّةِ اللّهِ عَلَيهِم وعَمَلِهِ فيهِم ، فَإِن فاءا وأَنابا فَحَظَّهُما أحرَزا ، وأَنفُسَهُما غَنِما ، وأَعظِم بِها غَنيمَةً ! وإِن أبَيا أعطَيتُهُما حَدَّ السَّيفِ ، وكَفى بِهِ ناصِرا لِحَقٍّ، وشافِيا لِباطِلٍ !
ثُمَّ نَزَلَ ۱ .

4 / 6

نُزولُ الإِمامِ بِالرَّبَذَةِ

۲۱۳۸.الإرشاد :لَمّا تَوَجَّهَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام إلَى البَصرَةِ نَزَلَ الرَّبَذَةَ ۲ ، فَلَقِيَهُ بِها آخِرُ الحاجّ، فَاجتَمَعوا لِيَسمَعوا مِن كَلامِهِ وهُوَ في خِبائِهِ ، قالَ ابنُ عَبّاسٍ : فَأَتَيتُهُ فوََجَدتُهُ يَخصِفُ نَعلاً ، فَقُلتُ لَهُ : نَحنُ إلى أن تُصلِحَ أمرَنا أحوَجُ مِنّا إلى ما تَصنَعُ ! فَلَم يُكَلِّمني حَتّى فَرَغَ مِن نَعلِهِ ، ثُمَّ ضَمَّها إلى صاحِبَتِها ثُمَّ قالَ لي : قَوِّمَها ؟ فَقُلتُ : لَيسَ لَها قيمَةٌ . قالَ : عَلى ذاكَ ! قُلتُ : كِسرُ دِرهَمٍ ! قالَ : وَاللّهِ لَهُما أحَبُّ إلَيَّ مِن أمرِكُم هذا، إلّا أن اُقيمَ حَقّا أو أدفَعَ باطِلاً .
قُلتُ : إنَّ الحاجَّ قَد اِجتَمَعوا لِيَسمَعوا مِن كَلامِكَ ، فَتَأذَنُ لي أن أتَكَلَّمَ ؛ فَإِن كان

1.شرح نهج البلاغة : ج۱ ص۳۰۸ ؛ بحار الأنوار : ج۳۲ ص۶۲ .

2.الرَّبَذَة : من قرى المدينة على ثلاثة أيّام ، قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز . إذا رحلت من فيد تريد مكّة ، وبهذا الموضع قبر أبي ذرّ الغفاري رحمه الله(معجم البلدان : ج۳ ص۲۴) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 100989
صفحه از 670
پرینت  ارسال به