النّاسَ ، وبَعَثتُ قَرَظَةَ بنَ كَعبٍ والِيا عَلَى المِصرِ ، فَاعتَزِل مَذموما مَدحورا ؛ فَإِن لَم تَفعَل فَإِنّي قَد أمَرتُهُ أن يُنابِذَكَ ؛ فَإِن نَابَذتَهُ فَظَفِرَ بِكَ أن يُقَطِّعَكَ آرابا .
فَلَمّا قَدِمَ الكِتابُ عَلى أبي موسَى اعتَزَلَ ، ودَخَلَ الحَسنُ وعَمّارٌ المَسجِدَ ، فَقالا :
أيُّهَا النّاسُ ، إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ يَقولُ : إنّي خَرَجتُ مَخرَجي هذا ظالِما أو مَظلوما ، وإنّي اُذَكِّرُ اللّهَ عَزَّوجَلَّ رَجُلاً رَعى للّهِِ حَقّاً إلّا نَفَرَ ؛ فَإِن كُنتُ مَظلوما أعانَني ، وإن كُنتُ ظالِما أخَذَ مِنّي . وَاللّهِ إنَّ طَلحَةَ وَالزُّبَيرَ لَأَوَّلُ مَن بايَعَني ، وأوَّلُ مَن غَدَرَ ، فَهَلِ استَأثَرتُ بِمالٍ أو بَدَّلتُ حُكما ؟ فَانفِروا ؛ فَمُروا بِمَعروفٍ ، وَانهَوا عَن مُنكَرٍ ۱ .
۲۱۵۱.شرح نهج البلاغة عن أبي مِخنَف عن موسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه :أقبَلنا مَعَ الحَسَنِ وعَمّارِ بنِ ياسِرٍ مِن ذي قارٍ ۲ حَتّى نَزَلنَا القادِسِيَّةَ ، فَنَزَلَ الحَسَنُ وعَمّارٌ ونَزَلنا مَعَهُما ، فَاحتَبى ۳ عَمّارٌ بِحَمائِلِ سَيفِهِ ، ثُمَّ جَعَلَ يَسأَلُ النّاسَ عَن أهلِ الكوفَةِ وعَن حالِهِم ، ثُمَّ سَمِعتُهُ يَقولُ : ما تَرَكتُ في نَفسي حَزَّةً أهَمَّ إلَيَّ مِن ألّا نَكونَ نَبَشنا عُثمانَ مِن قَبرِهِ ، ثُمَّ أحرَقناه بِالنّارِ .
قال : فَلَمّا دَخَلَ الحَسَنُ وعَمّارٌ الكوفَةَ اجتَمَعَ إلَيهِمَا النّاسُ ، فَقامَ الحَسَنُ فَاستَنفَرَ النّاسَ ، فَحَمِدَ اللّهَ وصَلّى عَلى رَسولِهِ ، ثُمَّ قالَ :
أيُّهَا النّاسُ ! إنّا جِئنا نَدعوكُم إلَى اللّهِ ، وإلى كِتابِهِ ، وسُنَّةِ رَسولِهِ ، وإلى أفقَهِ مَن تَفَقَّهَ مِنَ المُسلِمينَ ، وأعدَلِ مَن تُعدِّلونَ ، وأفَضلِ مَن تُفَضِّلونَ ، وأوفى مَن تُبايِعونَ ،
1.تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۹۹ وراجع الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۲۸ وشرح نهج البلاغة : ج۱۴ ص۱۰ ـ ۱۲ والجمل : ص۲۴۳ و ۲۴۴ .
2.ذُوقار : موضع بين الكوفة وواسط ، وهو إلى الكوفة أقرب ، فيه كان «يوم ذي قار» بين الفرس والعرب (تقويم البلدان : ص۲۹۲) .
3.الاحتباء : هو أن يضمّ الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ، ويشدّه عليها (النهاية : ج۱ ص۳۳۵) .