141
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

مَن لَم يَعِبهُ القُرآنُ ، ولَم تُجَهِّلهُ السُّنَّةُ ، ولَم تَقعُد بِهِ السابِقَةُ . إلى مَن قَرَّبَهُ اللّهُ تَعالى إلى رَسولِهِ قَرابَتَينِ : قَرابَةَ الدّينِ ، وقَرابَةَ الرَّحِمِ . إلى مَن سَبَقَ النّاسَ إلى كُلِّ مَأثَرَةٍ . إلى مَن كَفَى اللّهُ بِهِ رَسولَهُ وَالنّاسُ مُتَخاذِلونَ ، فَقَرُبَ مِنهُ وهُم مُتَباعِدونَ ، وصَلّى مَعَهُ وهُم مُشرِكونَ ، وقاتَلَ مَعَهُ وهُم مُنهَزِمونَ ، وبارَزَ مَعَهُ وهُم مُحجِمونَ ، وصَدَّقَهُ وهُم يُكَذِّبونَ . إلى مَن لَم تُرَدَّ لَهُ رايَةٌ ۱ ولا تُكافَأُ لَهُ سابِقَةٌ ، وهُوَ يَسأَلُكُمُ النَّصرَ ، ويَدعوكُم إلَى الحَقِّ ، ويَأمُرُكُم بِالمَسيرِ إلَيهِ لِتُوازِروهُ وتَنصُروهُ عَلى قَومٍ نَكَثوا بَيعَتَهُ ، وقَتَلوا أهلَ الصَّلاحِ مِن أصحابِهِ ، ومَثَّلوا بِعُمّالِهِ ، وَانتَهَبوا بَيتَ مالِهِ ، فَاشخَصوا إلَيهِ رَحِمَكُمُ اللّهُ ، فَمُروا بِالمَعروفِ ، وَانهَوا عَنِ المُنكَرِ ، وَاحضَروا بِما يَحضَرُ بِهِ الصالِحونَ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : حَدَّثَني جابِرُ بنُ يَزيدٍ قالَ : حَدَّثَني تَميمُ بنُ حِذيَمٍ النّاجِيُّ قالَ : قَدِمَ عَلَينَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام وعَمّارُ بنُ ياسِرٍ يَستَنفِرانِ النّاسَ إلى عَلِيٍّ عليه السلام ومَعَهُما كَتابُهُ ، فَلَمّا فَرَغا مِن قِراءَةِ كِتابِهِ قامَ الحَسَنُ ـ وهُوَ فَتىً حَدَثٌ وَاللّهِ إنّي لاُرثي لَهُ مِن حَداثَةِ سِنِّهِ وصُعوبَةِ مَقامِهِ ـ فَرَماهُ النّاسُ بِأَبصارِهِم وهُم يَقولونَ : اللّهُمَّ سَدِّد مَنطِقَ ابنِ بِنتِ نَبِيِّنا ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلى عَمودٍ يُتَسانَدُ إلَيهِ ـ وكانَ عَليلاً مِن شَكوى بِهِ ـ فَقالَ :
الحَمدُ للّهِِ العَزيزِ الجَبّارِ ، الواحِدِ القَهّارِ ، الكَبيرِ المُتَعالِ «سَوَآءٌ مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَ مَن جَهَرَ بِهِ وَ مَنْ هُوَ مُسْتَخْف بِالَّيْلِ وَ سَارِب بِالنَّهَارِ »۲ أحمَدُهُ عَلى حُسنِ البَلاءِ ، وتَظاهُرِ النَّعماءِ ، وعَلى ما أحبَبنا وكَرِهنا مِن شِدَّةٍ ورَخاءٍ ، وأشهَدُ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ ، وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وأنَّ مُحَمَّدا عَبدُهُ ورَسولُهُ ، اِمتَنَّ عَلَينا بِنُبُوَّتِهِ ، وَاختَصَّهُ بِرِسالَتِهِ وأنزَلَ عَلَيهِ وَحيَهُ ، وَاصطَفاهُ عَلى جَميعِ خَلقِهِ ، وأرسَلَهُ إلَى الإِنسِ وَالجِن

1.في المصدر: «رواية»، والصواب ماأثبتناه كما في بحار الأنوار.

2.الرعد : ۱۰ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
140

النّاسَ ، وبَعَثتُ قَرَظَةَ بنَ كَعبٍ والِيا عَلَى المِصرِ ، فَاعتَزِل مَذموما مَدحورا ؛ فَإِن لَم تَفعَل فَإِنّي قَد أمَرتُهُ أن يُنابِذَكَ ؛ فَإِن نَابَذتَهُ فَظَفِرَ بِكَ أن يُقَطِّعَكَ آرابا .
فَلَمّا قَدِمَ الكِتابُ عَلى أبي موسَى اعتَزَلَ ، ودَخَلَ الحَسنُ وعَمّارٌ المَسجِدَ ، فَقالا :
أيُّهَا النّاسُ ، إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ يَقولُ : إنّي خَرَجتُ مَخرَجي هذا ظالِما أو مَظلوما ، وإنّي اُذَكِّرُ اللّهَ عَزَّوجَلَّ رَجُلاً رَعى للّهِِ حَقّاً إلّا نَفَرَ ؛ فَإِن كُنتُ مَظلوما أعانَني ، وإن كُنتُ ظالِما أخَذَ مِنّي . وَاللّهِ إنَّ طَلحَةَ وَالزُّبَيرَ لَأَوَّلُ مَن بايَعَني ، وأوَّلُ مَن غَدَرَ ، فَهَلِ استَأثَرتُ بِمالٍ أو بَدَّلتُ حُكما ؟ فَانفِروا ؛ فَمُروا بِمَعروفٍ ، وَانهَوا عَن مُنكَرٍ ۱ .

۲۱۵۱.شرح نهج البلاغة عن أبي مِخنَف عن موسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه :أقبَلنا مَعَ الحَسَنِ وعَمّارِ بنِ ياسِرٍ مِن ذي قارٍ ۲ حَتّى نَزَلنَا القادِسِيَّةَ ، فَنَزَلَ الحَسَنُ وعَمّارٌ ونَزَلنا مَعَهُما ، فَاحتَبى ۳ عَمّارٌ بِحَمائِلِ سَيفِهِ ، ثُمَّ جَعَلَ يَسأَلُ النّاسَ عَن أهلِ الكوفَةِ وعَن حالِهِم ، ثُمَّ سَمِعتُهُ يَقولُ : ما تَرَكتُ في نَفسي حَزَّةً أهَمَّ إلَيَّ مِن ألّا نَكونَ نَبَشنا عُثمانَ مِن قَبرِهِ ، ثُمَّ أحرَقناه بِالنّارِ .
قال : فَلَمّا دَخَلَ الحَسَنُ وعَمّارٌ الكوفَةَ اجتَمَعَ إلَيهِمَا النّاسُ ، فَقامَ الحَسَنُ فَاستَنفَرَ النّاسَ ، فَحَمِدَ اللّهَ وصَلّى عَلى رَسولِهِ ، ثُمَّ قالَ :
أيُّهَا النّاسُ ! إنّا جِئنا نَدعوكُم إلَى اللّهِ ، وإلى كِتابِهِ ، وسُنَّةِ رَسولِهِ ، وإلى أفقَهِ مَن تَفَقَّهَ مِنَ المُسلِمينَ ، وأعدَلِ مَن تُعدِّلونَ ، وأفَضلِ مَن تُفَضِّلونَ ، وأوفى مَن تُبايِعونَ ،

1.تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۹۹ وراجع الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۲۸ وشرح نهج البلاغة : ج۱۴ ص۱۰ ـ ۱۲ والجمل : ص۲۴۳ و ۲۴۴ .

2.ذُوقار : موضع بين الكوفة وواسط ، وهو إلى الكوفة أقرب ، فيه كان «يوم ذي قار» بين الفرس والعرب (تقويم البلدان : ص۲۹۲) .

3.الاحتباء : هو أن يضمّ الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ، ويشدّه عليها (النهاية : ج۱ ص۳۳۵) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 99637
صفحه از 670
پرینت  ارسال به