143
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

قالَ أبو مِخنَفٍ : ولَمّا فَرَغَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام مِن خُطبَتِهِ ، قامَ بَعدَهُ عَمّارٌ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، وصَلّى عَلى رَسولِهِ ، ثُمَّ قالَ :
أيُّهَا النّاسُ ! أخو نَبِيُّكُم وابنُ عَمِّهِ يَستَنفِرُكُم لِنَصرِ دينِ اللّهِ ، وقَد بَلاكُمُ اللّهُ بِحَقِّ دينِكُم وحُرمَةِ اُمِّكُم ، فَحَقُّ دينِكُم أوجَبُ وحُرمَتُهُ أعظَمُ .
أيُّهَا النّاسُ ! عَلَيكُم بِإِمامٍ لا يُؤَدَّبُ ، وفَقيهٍ لا يُعَلَّمُ ، وصاحِبِ بَأسٍ لا يَنكُلُ ، وذي سابِقَةٍ فِي الإِسلامِ لَيسَت لِأَحَدٍ ، وإنَّكُم لَو قَد حَضَرتُموهُ بَيَّنَ لَكُم أمرَكُم إن شاءَ اللّهُ ۱ .

5 / 4

مَوقِفُ أبي موسى مِن مَندوبِيِ الإِمامِ

۲۱۵۲.تاريخ الطبري عن محمّد وطلحة :خَرَجَ أبو موسى فَلَقِيَ الحَسَنَ ، فَضَمَّهُ إلَيهِ وأقبَلَ عَلى عَمّارٍ ، فَقالَ : يا أبَا اليَقظانِ أ عَدَوتَ فيمَن عَدا عَلى أميرِ المُؤمِنينَ ؛ فَأَحلَلتَ نَفسَكَ مَعَ الفُجّارِ ! فَقالَ : لَم أفعَل، ولِمَ تَسوؤُني ۲ ؟ وقَطَعَ عَلَيهِمَا الحَسَنُ فَأَقبَلَ عَلى أبي موسى فَقالَ : يا أبا موسى ! لِمَ تُثَبِّطُ النّاسَ عَنّا ؟ فَوَاللّهِ ما أرَدنا إلَا الإِصلاحَ ، ولا مِثلُ أميرِ المُؤمِنينَ يُخافُ عَلى شَيءٍ ، فَقالَ : صَدَقتَ بِأَبي أنتَ واُمّي ، ولكِنَّ المُستَشارَ مُؤتَمَنٌ ، سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : إنَّها سَتكونُ فِتنَةٌ ؛ القاعِدُ فيها خَيرٌ مِنَ القائِمِ ، وَالقائِمُ خَيرٌ مِنَ الماشي ، وَالماشي خَيرٌ مِنَ الرّاكِبِ ، قَد جَعَلَنَا اللّهُ عَزَّوجَلَّ إخوانا ، وحَرَّمَ عَلَينا أموالَنا ودِماءَنا وقالَ : «يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأْكُلُواْ أَمْوَ لَكُم بَيْنَكُم بِالْبَـطِـلِ . . . وَلَا تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا»۳ ، وقالَ عَزَّوجَلَّ :

1.شرح نهج البلاغة : ج۱۴ ص۱۱ وراجع الإمامة والسياسة : ج۱ ص۸۶ و ۸۷ وبحار الأنوار : ج۳۲ ص۸۸ .

2.هكذا في المصدر، وفي الكامل : «ولَم يَسُؤني»، والظاهر أنّه الصواب.

3.النساء : ۲۹ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
142

حينَ عُبِدَتِ الأَوثانُ ، واُطيعَ الشَّيطانُ ، وجُحِدَ الرَّحمنُ ، فَصَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وعَلى آلِهِ ، وجَزاهُ أفضَلَ ما جَزَى المُسلِمينَ .
أمّا بَعدُ ؛ فَإِنّي لا أقولُ لَكُم إلّا ما تَعرِفونَ ؛ إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عَليَّ بنَ أبي طالِبٍ أرشَدَ اللّهُ أمرَهُ ، وأعَزَّ نَصرَهُ ، بَعَثني إلَيكُم يَدعوكُم إلَى الصَّوابِ ، وإلَى العَمَلِ بِالكِتابِ ، وَالجِهادِ في سَبيلِ اللّهِ ، وإن كانَ في عاجِلِ ذلِكَ ما تَكرَهونَ ؛ فَإِنَّ في آجِلِهِ ما تُحِبّونَ إن شاءَ اللّهُ ، ولَقَد عَلِمتُم أنَّ عَلِيّا صَلّى مَعَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَحدَهُ ، وأنَّهُ يَومَ صَدَّقَ بِهِ لَفي عاشِرَةٍ مِن سِنِّهِ ، ثُمَّ شَهِدَ مَعَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله جَميعَ مشَاهِدِهِ ، وكانَ مِنِ اجتِهادِهِ في مَرضاةِ اللّهِ وطاعَةِ رَسولِهِ وآثارِهِ الحَسَنَةِ فِي الإِسلامِ ما قَد بَلَغَكُم ، ولَم يَزَل رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله راضِيا عَنهُ حَتّى غَمَّضَهُ بِيَدِهِ ، وغَسَّلَهُ وحدَهُ ، وَالمَلائِكَةُ أعوانُهُ ، وَالفَضلُ ابنُ عَمِّهِ يَنقُلُ إلَيهِ الماءَ ، ثُمَّ أدخَلَهُ حُفرَتَهُ ، وأوصاهُ بِقَضاءِ دَينِهِ وعِداتِهِ وغَيرِ ذلِكَ مِن اُمورِهِ ، كُلُّ ذلِكَ مِن مَنِّ اللّهِ عَلَيهِ ، ثُمَّ وَاللّهِ ما دَعا إلى نَفسِهِ ، ولَقَد تَداكَّ النّاسُ عَلَيهِ تَداكَّ الإِبِلِ الهيمِ عِندَ وُرودِها ، فَبايَعوهُ طائِعينَ ، ثُمَّ نَكَثَ مِنهُم ناكِثونَ بِلا حَدَثٍ أحدَثَهُ ، ولا خِلافٍ أتاهُ ، حَسَدا لَهُ وبَغيا عَلَيهِ .
فَعَلَيكُم عِبادَ اللّهِ بَتَقوىَ اللّهِ وطاعَتِهِ ، وَالجِدِّ وَالصَّبرِ وَالاِستِعانَةِ بِاللّهِ ، وَالخُفوفِ إلى ما دَعاكُم إلَيهِ أميرُ المُؤمِنينَ ، عَصَمَنَا اللّهُ وإيّاكُم بِما عَصَمَ بِهِ أولِياءَهُ وأهلَ طاعَتِهِ ، وألهَمَنا وإيّاكُم تَقواهُ ، وأعانَنا وإيّاكُم عَلى جِهادِ أعدائِهِ ، وأستَغفِرُ اللّهَ العَظيمَ لي ولَكُم . ثُمَّ مَضى إلَى الرُّحبَةِ ۱ فَهَيَّأَ مَنزِلاً لِأَبيهِ أميرِ المُؤمِنينَ .
قالَ جابِرٌ : فَقُلتُ لِتَميمٍ : كَيفَ أطاقَ هذَا الغُلامُ ما قَد قَصَصتَهُ مِن كَلامِهِ ؟ فَقالَ : ولَما سَقَطَ عَنّي مِن قَولِهِ أكثَرُ ، ولَقَد حَفِظتُ بَعضَ ما سَمِعتُ .

1.الرُّحْبَة : محلّة بالكوفة (مجمع البحرين : ج۲ ص۶۸۴) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 99562
صفحه از 670
پرینت  ارسال به