عَلى ما تُريدُ ، فَدَع عَنكَ ما لَستَ مُدرِكَهُ . ثُمَّ قَرَأَ : «الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُواْ»۱ ـ إلى آخِرِ الآيَتَينِ ـ سيروا إلى أميرِ المُؤمِنينَ وسَيِّدِ المُسلِمينَ ، وَانفِروا إلَيهِ أجمَعينَ؛ تُصيبُوا الحَقَّ .
فَقامَ القَعقاعُ بنُ عَمرٍو فَقالَ : إنّي لَكُم ناصِحٌ ، وعَلَيكُم شَفيقٌ ، اُحِبُّ أن تَرشُدوا ، ولَأَقولَنَّ لَكُم قَولاً هُوَ الحَقُّ ؛ أمّا ما قالَ الأَميرُ فَهُوَ الأَمرُ لَو أنَّ إلَيهِ سَبيلاً ، وأمّا ما قالَ زَيدٌ فَزَيدٌ فِي الأَمرِ فَلا تَستَنصِحوهُ ؛ فَإِنَّهُ لا يُنتَزَعُ أحدٌ مِنَ الفِتنَةِ طَعَنَ فيها وَجَرى إلَيها . وَالقَولُ الَّذي هُوَ القَولُ: إنَّهُ لابُدَّ مِن إمارَةٍ تُنَظِّمُ النّاسَ ، وتَزَعُ الظّالِمَ ، وتُعِزُّ المَظلومَ ، وهذا عَلِيٌّ يَلي بِما وَلِيَ ، وقَد أنصَفَ فِي الدُّعاءِ ، وإنَّما يَدعو إلَى الإِصلاحِ ، فَانفِروا وكونوا مِن هذَا الأَمرِ بِمَرأى ومَسمَعٍ .
وقالَ سَيحانُ : أيُّهَا النّاسُ ! إنَّهُ لابُدَّ لِهذَا الأَمرِ وهؤُلاءِ النّاسِ مِن والٍ ؛ يَدفَعُ الظّالِمَ ، ويُعِزُّ المَظلومَ ، ويَجمَعُ النّاسَ ، وهذا واليكُم يَدعوكُم لِيُنظَرَ فيما بَينَهُ وبَينَ صاحِبَيهِ ، وهُوَ المَأمونُ عَلَى الاُمَّةِ ، الفَقيهُ فِي الدّينِ ؛ فَمَن نَهَضَ إلَيهِ فَإِنّا سائِرونَ مَعَهُ ۲ .
۲۱۵۳.شرح نهج البلاغة عن أبي مِخنَف :لَمّا سَمِعَ أبو موسى خُطبَةَ الحَسَنِ وعَمّارٍ قامَ فَصَعِدَ المِنبَرَ ، وقالَ : الحَمدُ للّهِِ الَّذي أكرَمَنا بِمُحَمَّدٍ ؛ فَجَمَعَنا بَعدَ الفُرقَةِ ، وجَعَلَنا إخوانا مُتَحابّينَ بَعدَ العَداوَةِ ، وحَرَّمَ عَلَينا دِماءَنا وأموالَنا ، قالَ اللّهُ سُبحانَهُ : «وَلَا تَأْكُلُواْ أَمْوَ لَكُم بَيْنَكُم بِالْبَـطِـلِ»۳ ، وقالَ تَعالى : «وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَــلِدًا فِيهَا»۴ ، فَاتَّقُوا اللّهَ عِبادَ اللّهِ ، وضَعوا أسلِحَتَكُم وكُفّوا عَن قِتالِ إخوانِكُم .