201
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

8 / 6

اِعتِزالُ شابَّينِ مِنَ الحَربِ

۲۲۰۴.تاريخ الطبري عن القاسم بن محمّد :خَرَجَ غُلامٌ شابٌّ مِن بَني سَعدٍ إلى طَلحَةَ وَالزُّبَيرِ ، فَقالَ : أمّا أنتَ يا زُبَيرُ فَحَوارِيُّ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وأمّا أنتَ يا طَلحَةُ فَوَقَيتَ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِيَدِكَ ، وأرى اُمَّكُما مَعَكُما فَهَل جِئتُما بِنِسائِكُما ؟ قالا : لا ، قالَ : فَما أنَا مِنكُما في شَيءٍ ، وَاعتُزِلَ . وقال السَّعدِيُّ في ذلِكَ :

صُنتُم حَلائِلَكُم وقُدتُم اُمَّكُمُ
هذا لَعَمرُكَ قِلَّةُ الإِنصافِ

اُمِرَت بِجَرِّ ذُيولِها في بَيتِها
فَهَوَت تَشُقُّ البيدَ بِالإيجافِ۱

غَرَضا يُقاتِلُ دونَها أبناؤُها
بِالنَّبلِ وَالخَطِّيِّ وَالأَسيافِ

هُتِكَت بِطَلحَةَ وَالزُّبَيرِ سُتورُها
هذَا المُخَبَّرُ عَنهُمُ وَالكافي

وأقبَلَ غُلامٌ مِن جُهَينَةَ عَلى مُحَمَّدِ بنِ طَلحَةَ ـ وكانَ مُحَمَّدٌ رَجُلاً عابِدا ـ فَقالَ : أخبِرني عَن قَتَلَةِ عُثمانَ !
فَقالَ : نَعَم ، دَمُ عُثمانَ ثَلاثَةُ أثلاثٍ ، ثُلُثٌ عَلى صاحِبَةِ الهَودَجِ ـ يَعني عائِشَةَ ـ وثُلُثٌ عَلى صاحِبِ الجَمَلِ الأَحمَرِ ـ يَعني طَلحَةَ ـ وثُلُثٌ عَلى عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ .
وضَحِكَ الغُلامُ وقالَ : أ لا أراني عَلى ضَلالٍ ؟ ! ولَحِقَ بِعَلِيٍّ ، وقالَ في ذلِكَ شِعرا :

سَأَلتُ ابنَ طَلحَةَ عَن هالِكِ
بِجَوفِ المَدينَةِ لَم يُقبَرِ

فَقالَ : ثَلاثَةُ رَهطٍ هُمُ
أماتُوا ابنَ عَفّانَ وَاستَعبَرِ

فَثُلثٌ عَلى تِلكَ في خِدرِها
وثُلثٌ عَلى راكِبِ الأَحمَرِ

وثُلثٌ عَلَى ابنِ أبي طالِبِ
ونَحنُ بِدَوِّيَّةٍ قَرقَرِ

فَقُلتُ : صَدَقتَ عَلَى الأَوَّلَي
ـنِ وأخطَأتَ فِي الثّالِثِ الأَزهَرِ۲

1.الإيجاف : سُرْعَة السَّيْر ، وقد أَوْجَفَ دَابَّتَه يُوجِفُها إيجافاً ، إذا حَثَّها (النهاية : ج۵ ص۱۵۷) .

2.تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۶۵ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۱۸ وفيه إلى «والكافي» وراجع تاريخ المدينة : ج۴ ص۱۱۷۳ والإمامة والسياسة : ج۱ ص۸۴ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
200

ورَوى مُحَمَّدُ بنُ موسى عن مُحَمَّدِ بنِ إبراهيمَ عَن أبيهِ قالَ : سَمِعتُ مُعاذَ بنَ عُبَيدِ اللّهِ التّميمِيَّ ـ وكانَ قَد حَضَرَ الجَمَلَ ـ يَقولُ : لَمَّا التَقَينا وَاصطَفَفنا نادى مُنادي عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام : يا مَعاشِرَ قُرَيشٍ ! اِتَّقُوا اللّهَ عَلى أنفُسِكُم ، فَإِنّي أعلَمُ أنَّكُم قَد خَرَجتُم وظَنَنتُم أنَّ الأَمرَ لا يَبلُغُ إلى هذا ، فَاللّهَ اللّهَ في أنفُسِكُم ! فَإِنَّ السَّيفَ لَيسَ لَهُ بُقيا ، فَإِن أحبَبتُم فَانصَرِفوا حَتّى نُحاكِمَ هؤُلاءِ القَومَ ، وإن أحبَبتُم فَإِلَيَّ فَإِنَّكُم آمِنونَ بِأَمانِ اللّهِ .
فَاستَحيَينا أشَدَّ الحَياءِ وأبصَرنا ما نَحنُ فيهِ ، ولكِنَّ الحِفاظَ ۱ حَمَلَنا عَلَى الصَّبرِ مَعَ عائِشَةَ حَتّى قُتِلَ مَن قُتِلَ مِنّا ، فَوَاللّهِ ، لَقَد رَأَيتُ أصحابَ عَلِيٍّ عليه السلام وقَد وَصَلوا إلَى الجَمَلِ وصاحَ مِنهُم صائِحٌ : اِعقِروهُ ، فَعَقَروهُ فَوَقَعَ ، فَنادى عَلِيٌّ عليه السلام : «مَن طَرَحَ السِّلاحَ فَهُوَ آمِنٌ ، ومَن دَخَلَ بَيتَهُ فَهُوَ آمِنٌ» . فَوَاللّهِ ما رَأَيتُ أكرَمَ عَفوا مِنهُ .
ورَوى سُلَيمانُ بنُ عَبدِ اللّهِ بنِ عُوَيمرٍ الأَسلَمِيُّ قالَ : قالَ ابنُ الزُّبَيرِ : إنّي لَواقِفٌ في يَمينِ رَجُلٍ مِن قُرَيشٍ إذ صاحَ صائِحٌ : يا مَعشَرَ قُرَيشٍ ! اُحذِّرُكُمُ الرَّجُلَينِ : جُندُباً العامِرِيَّ وَالأَشتَرَ النَّخَعِيَّ . قالَ: وسَمِعتُ عَمّاراً يَقولُ لِأَصحابِنا : ما تُريدونَ وما تَطلُبونَ ؟ فَنادَيناهُ : نَطلُبُ بِدَمِ عُثمانَ ، فَإِن خَلَّيتُم بَينَنا وبَينَ قَتَلَتِهِ رَجَعنا عَنكُم . فَقالَ عَمّارٌ : لَو سَأَلتُمونا ـ أن تَرجِعوا عَنّا ـ بِئسَ الفَحلُ ؛ فإنّه ألأَمُ الغَنَمِ فَحلاً وشَرُّها لحَماً ما أعطَيناكُموهُ . ثُمَّ التَحَمَ القِتالُ ونادَيناهُم : مَكِّنونا مِن قَتَلَةِ عُثمانَ ونَرجِعُ عَنكُم . فَنادانا عَمّارٌ : قَد فَعَلنا ، هذِهِ عائِشَةُ وطَلحَةُ وَالزُّبَيرُ قَتَلوهُ عَطَشاً ، فَابدَؤوا بِهِم ، فَإِذا فَرَغتُم مِنهُم تَعالَوا إلَينا نَبذُل لَكُمُ الحَقَّ . فَأَسكَتَ وَاللّهِ أصحابَ الجَمَلِ كُلَّهُم ۲ .

1.الحِفَاظ : الذبُّ عن المحارم والمنع لها عند الحروب ، والاسم الحفيظة . والحفاظ : المحافظة على العهد (لسان العرب : ج۷ ص۴۴۲) .

2.الجمل : ص۳۶۴ وراجع تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۸۳ وأنساب الأشراف : ج۳ ص۵۷ والأخبار الطوال : فص ۱۵۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 99620
صفحه از 670
پرینت  ارسال به