وما ألومُ اليَومَ مَن كَفَّ عَنّا وعَن غَيرِنا ، ولكنَّ المُليمَ الَّذي يُقاتِلُنا !
ثُمَّ مَرَّ بِعَبدِ اللّهِ بنِ المُغيرَةِ بنِ الأخنَسِ فَقالَ : أمّا هذا فَقُتِلَ أبوهُ يَومَ قُتِلَ عُثمانُ فِي الدّارِ ، فَخَرَجَ مُغضَبا لِمَقتَلِ أبيهِ ، وهُوَ غُلامٌ حَدَثٌ حُيِّنَ لِقَتلِهِ .
ثُمَّ مَرَّ بِعَبدِ اللّهِ بنِ أبي عُثمانَ بنِ الأَخنَسِ بنِ شُرَيقٍ ، فَقالَ : أمّا هذا فَإِنّي أنظُرُ إلَيهِ وقَد أخَذَ القَومُ السُّيوفُ هارِبا يَعدو مِنَ الصَفِّ ، فَنَهنَهتُ ۱ عَنهُ ، فَلَم يَسمَع مَن نَهنَهتُ حَتّى قَتَلَهُ . وكانَ هذا مِمّا خَفِيَ عَلى فِتيانِ قُرَيشٍ ، أغمارٌ ۲ لا عِلمَ لَهُم بِالحَربِ ، خُدِعوا وَاستُزِلّوا ، فَلَمّا وَقَفوا وَقَعوا فَقُتِلوا .
ثُمَّ مَشى قَليلاً فَمَرَّ بِكَعبِ بنِ سورٍ ۳ فَقالَ : هذَا الَّذي خَرَجَ عَلَينا في عُنُقِهِ المُصحَفُ ، يَزعُمُ أنَّهُ ناصِرُ اُمِّهِ ! يَدعُو النّاسَ إلى ما فِيهِ وهُوَ لا يَعلَمُ ما فيهِ ، ثُمَّ استَفتَحَ وخابَ كُلُّ جَبّارٍ عَنيدٍ ۴ . أما إنَّهُ دَعَا اللّهَ أن يَقتُلَني ، فَقَتَلَهُ اللّهُ . أجلِسوا كَعبَ بنَ سورٍ . فَاُجلِسَ ، فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ : يا كَعبُ ، قَد وَجَدتُ ما وَعَدَني رَبّي حَقّا ، فَهَل وَجَدتَ ما وَعَدَكَ رَبُّكَ حَقّا ؟ ثُمَّ قالَ : أضجِعوا كَعبا .
ومَرَّ عَلى طَلحَةَ بنِ عُبَيدِ اللّهِ فَقالَ : هذَا النّاكِثُ بَيعَتي ، وَالمُنِشِئُ الفِتنَةَ فِي الاُمَّةِ ، وَالمُجلِبُ عَلَيَّ ، الدّاعي إلى قَتلي وقَتلِ عِترَتي ، أجلِسوا طَلحَةَ . فَاُجلِسَ ، فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ : يا طَلحَةَ بنَ عُبيدِ اللّهِ ، قَد وَجَدتُ ما وَعَدَني رَبّي حَقّا ، فَهَل وَجَدتَ ما وَعَدَ رَبُّكَ حَقّا ؟ ثُمَّ قالَ : أضجِعوا طَلحَةَ ، وسارَ .
1.نهنهتَ : إذا صحتَ به لتكفّه (مجمع البحرين : ج۳ ص۱۸۴۱) .
2.أغمار : جمع غمر : الذي لم يجرّب الاُمور (المحيط في اللغة : ج۵ ص۸۱) .
3.كعب بن سور من بني لقيط ، قتل يوم الجمل ، كان يخرج بين الصفّين معه المصحف يدعو إلى ما فيه ، فجاءه سهم غرب فقتله ، ولّاه عمر بن الخطّاب قضاء البصرة بعد أبي مريم ( الجرح والتعديل : ج۷ ص۱۶۲ الرقم ۹۱۲) .
4.إشارة إلى الآية ۱۵ من سورة إبراهيم .