295
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

بِكُفرِهِ ومُظهِرا لِشِركِهِ :

لَيتَ أشياخي بِبَدرٍ شَهِدوا
جَزَعَ الخَزرَجِ مِن وَقعِ الأَسَل

قَد قَتَلنَا القَرمَ مِن ساداتِكُم
وعَدَلنا مَيلَ بَدرٍ فَاعتَدَل

فَأَهلّوا وَاستَهَلّوا فَرَحاً
ثُمَّ قالوا يا يَزيدُ لا تُسَل

لَستُ مِن خِندِفَ إن لَم أنتَقِم
مِن بَني أحمَدَ ما كانَ فَعَل

وَلِعَتَ هاشِمُ بِالمُلكِ فَلا
خَبَرٌ جاءَ ولا وَحيٌ نَزَل

هذا هُوَ المُروقُ مِنَ الدّينِ، وقَولُ مَن لا يَرجِعُ إلَى اللّهِ ولا إلى دينِهِ ولا إلى كِتابِهِ ولا إلى رَسولِهِ ، ولا يُؤمِنُ بِاللّهِ ولا بِما جاءَ مِن عِندِ اللّهِ .
ثُمَّ مِن أغلَظِ مَا انتَهَكَ وأعظَمِ ما اختَرَمَ سَفكُهُ دَمَ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ وَابنِ فاطِمَةَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، مَعَ مَوقِعِهِ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَمكانِهِ مِنهُ ، ومَنزِلَتِهِ مِنَ الدّينِ وَالفَضلِ ، وشَهادَةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله لَهُ ولِأَخيهِ بِسيادَةِ شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ ، اجتراءً عَلَى اللّهِ ، وكُفرا بِدينِهِ ، وعَداوَةً لِرَسولِهِ ، ومُجاهَدَةً لِعِترَتِهِ ، وَاستِهانَةً بِحُرمَتِهِ ، فَكَأَنّما يَقتُلُ بِهِ وبِأَهلِ بَيتِهِ قَوما مِن كُفّارِ أهلِ التُّركِ وَالدَّيلَم ، لا يَخافُ مِنَ اللّهِ نَقِمَةً ، ولا يَرقُبُ مِنهُ سَطوَةً ، فَبَتَرَ اللّهُ عُمرَهُ ، وَاجتَثَّ أصلَهُ وفَرعَهُ ، وسَلَبَهُ ما تَحتَ يَدِهِ ، وأعَدَّ لَهُ مِن عَذابِهِ وعُقوبَتِهِ مَا استَحَقَّهُ مِنَ اللّهِ بِمَعصِيَتِهِ . . . ۱ .

1.تاريخ الطبري : ج۱۰ ص۵۴ . قال الطبري بعد نقل هذا الكتاب : إنّ عبيد اللّه بن سليمان أحضر يوسف بن يعقوب القاضي وأمره أن يعمل الحيلة في إبطال ما عزم عليه المعتضد ، فمضى يوسف بن يعقوب فكلّم المعتضد في ذلك ، وقال له : يا أمير المؤمنين ! إنّي أخاف أن تضطرب العامّة ، ويكون منها عند سماعها هذا الكتاب حركة . فقال : إن تحرّكت العامّة أو نطقت وضعت سيفي فيها ، فقال : يا أمير المؤمنين ، فما تصنع بالطالبيّين الذين هم في كلّ ناحية يخرجون ، ويميل إليهم كثير من الناس ، لقرابتهم من الرسول ومآثرهم وفي هذا الكتاب إطراؤهم ؟ أو كما قال ، وإذا سمع الناس هذا كانوا إليهم أميل ، وكانوا هم أبسط ألسنةً ، وأثبت حجّةً منهم اليوم . فأمسك المعتضد فلم يردّ عليه جوابا ولم يأمر من الكتاب بعده بشيء (تاريخ الطبري : ج۱۰ ص۶۳) ، وقال ابن الأثير : كان عبيد اللّه ـ الذي سعى في عدم قراءة هذا الكتاب ـ من المنحرفة عن عليّ عليه السلام (الكامل في التاريخ : ج۴ ص۵۸۵) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
294

عَزَّ وجَلَّ يَقولُ : «وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَــلِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا »۱ .
ومِمَّا استَحَقَّ بِهِ اللَّعنَةَ مِنَ اللّهِ ورَسولِهِ ادِّعاؤُهُ زِيادَ بنَ سُمَيَّةَ جُرأَةً عَلَى اللّهِ ! وَاللّهُ يَقولُ : «ادْعُوهُمْ لِأَبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ»۲ ، ورَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : «مَلعونٌ مَنِ ادَّعى إلى غَيرِ أبيهِ ، أوِ انتَمى إلى غَيرِ مَواليهِ» ، ويَقولُ : «الوَلَدُ لِلفِراشِ ولِلعاهِرِ الحَجَرُ» . فَخالَفَ حُكمَ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ ، وسُنَّةَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله جِهارا ، وجَعَلَ الوَلَدَ لِغَيرِ الفِراشِ، وَالعاهِرَ لا يَضُرُّهُ عَهرُهُ ، فَأَدخَلَ بِهذِهِ الدَّعوَةِ مِن مَحارِمِ اللّهِ ومَحارِمِ رَسولِهِ في اُمِّ حَبيبَةَ زَوجَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله وفي غَيرِها مِن سُفورِ وُجوهٍ ما قَد حَرَّمَهُ اللّهُ ، وأثبَتَ بِها قُربى قَد باعَدَهَا اللّهُ ، وأباحَ بِها ما قَد حَظَرَهُ اللّهُ ، مِمّا لَم يَدخُل عَلَى الإِسلامِ خَلَلٌ مِثلُه، ولَم يُنِلِ الدّينَ تَبديلٌ شِبهُهُ .
ومِنهُ إيثارُهُ بِدينِ اللّهِ ، ودُعاؤُهُ عِبادَ اللّهِ إلَى ابنِهِ يَزيدَ المُتَكَبِّرِ الخِمّيرِ ، صاحِبِ الدُّيوكِ والفُهودِ والقُرودِ ، وأخذُهُ البَيعَةَ لَهُ عَلى خِيارِ المُسلِمينَ بِالقَهرِ وَالسَّطوَةِ وَالتَّوعيدِ وَالإِخافَةِ وَالتَّهَدُّدِ وَالرَّهبَةِ ، وهُوَ يَعلَمُ سَفَهَهُ ، ويَطَّلِعُ عَلى خُبثِهِ ورَهَقِهِ ۳ ، ويُعايِنُ سَكَرانَهُ وفُجورَهُ وكُفرَهُ !
فَلَمّا تَمَكَّنَ مِنهُ ما مَكَّنَهُ مِنهُ ، ووَطَّأَهُ لَهُ ، وعَصَى اللّهَ ورَسولَهُ فيهِ ، طَلَبَ بِثَأراتِ المُشرِكينَ وطَوائِلِهِم عِندَ المُسلِمينَ ، فَأَوقَعَ بِأَهلِ الحَرَّةِ الوَقيعَةَ الَّتي لَم يَكُن فِي الإِسلامِ أشنَعُ مِنها ولا أفحَشُ مِمّا ارتَكَبَ مِنَ الصّالِحينَ فيها ، وشَفى بِذلِكَ عَبَدَ ۴ نَفسِهِ وغَليلِهِ ، وظَنَّ أن قَدِ انتَقَمَ مِن أولِياءِ اللّهِ ، وبَلَغَ النَّوى لِأَعداءِ اللّهِ ، فَقالَ مُجاهِرا

1.النساء : ۹۳ .

2.الأحزاب : ۵ .

3.الرَّهَقُ: غِشيانُ المَحارِمِ (المصباح المنير: ص۲۴۲).

4.يقال عَبِد يعبَدُ عَبَدا : أي غَضِب غَضَبَ أنَفَة (النهاية : ج۳ ص۱۷۰) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 99709
صفحه از 670
پرینت  ارسال به