وأنتَ كارِهٌ .
ثُمَّ لَم تَكُن لِأَحَدٍ مِنهُم بِأَعظَمَ حَسَداً مِنكَ لِابنِ عَمِّكَ عُثمانَ ، وكانَ أحَقَّهُم ألّا تَفعَلَ بِهِ ذلِكَ في قَرابَتِهِ وصِهرِهِ ؛ فَقَطَعتَ رَحِمَهُ ، وقَبَّحتَ مَحاسِنَهُ ، وألَّبتَ النّاسَ عَلَيهِ ، وبَطَنتَ وظَهَرتَ ، حَتّى ضُرِبَت إلَيهِ آباطُ الإِبِلِ ، وقِيدَت إلَيهِ الخَيلُ العِرابُ ، وحُمِلَ عَلَيهِ السِّلاحُ في حَرَمِ رَسولِ اللّهِ ، فَقُتِلَ مَعَكَ فِي المَحَلَّةِ وأنتَ تَسمَعُ في دارِهِ الهائِعَةَ ، لا تَردَعُ الظَّنَّ وَالتُّهَمَةَ عَن نَفسِكَ فيهِ بِقَولٍ ولا فِعلٍ .
فَاُقسِمُ صادِقاً أن لَو قُمتَ فيما كانَ مِن أمرِهِ مَقاماً واحِداً تُنَهنِهُ النّاسَ عَنهُ ما عَدَلَ بِكَ مَن قِبَلَنا مِنَ النّاسِ أحَداً ، ولَمَحا ذلِكَ عِندَهُم ما كانوا يَعرِفونَكَ بِهِ مِنَ المُجانَبَةِ لِعُثمانَ والبَغيِ عَلَيهِ .
واُخرى أنتَ بِها عِندَ أنصارِ عُثمانَ ظَنينٌ ۱ : إيواؤُكَ ؛ قَتَلَةُ عُثمانَ ، فَهُم عَضُدُكَ وأنصارُكَ ويَدُكَ وبِطانَتُكَ . وقَد ذُكِرَ لي أنَّكَ تَنَصَّلُ مِن دَمِهِ ، فَإِن كُنتَ صادِقاً فَأَمكِنّا مِن قَتَلَتِهِ نَقتُلَهُم بِهِ ، ونَحنُ أسرَعُ النّاسِ إلَيكَ . وإلّا فَإِنَّهُ فَلَيسَ لَكَ ولا لِأَصحابِكَ إلَا السَّيفُ .
وَالَّذي لا إلهَ إلّا هُوَ لَنَطلُبَنَّ قَتَلَةَ عُثمانَ فِي الجِبالِ وَالرِّمالِ ، وَالبَرِّ وَالبَحرِ ، حَتّى يَقتُلَهُمُ اللّهُ ، أو لَتَلحَقَنَّ أرواحُنا بِاللّهِ . وَالسَّلامُ ۲ .
۲۳۸۹.شرح نهج البلاغةـ في ذِكرِ كِتابٍ كَتَبَهُ مُعاوِيَةُ إلَى الإِمامِ عليه السلام ـ: مِن مُعاوِيَةَ ابنِ أبي سُفيان