349
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

إلى عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ :
أمّا بَعدُ ؛ فَإِنّا بَني عَبدِ مَنافٍ لَم نَزَل نَنزِعُ مِن قَليبٍ واحِدٍ ، ونَجري في حَلبَةٍ واحِدَةٍ لَيسَ لِبَعضِنا عَلى بَعضٍ فَضلٌ ، ولا لِقائِمِنا عَلى قاعِدِنا فَخرٌ ، كَلِمَتُنا مُؤتَلِفَةٌ ، واُلفَتُنا جامُعَةٌ ، ودارُنا واحِدَةٌ ، يَجمَعُنا كَرَمُ العِرقِ ، ويَحوينا شَرَفُ النِّجارِ ۱ ، ويَحنو قَوِيُّنا عَلى ضَعيفِنا ، ويُواسي غَنِيُّنا فَقيرَنا ، قَد خَلَصَت قُلوبُنا مِن وَغَلِ الحَسَدِ ۲ ، وطَهُرَت أنفُسُنا مِن خُبثِ النِّيَّةِ .
فَلَم نَزَل كَذلِكَ حَتّى كانَ مِنكَ ما كانَ مِنَ الإِدهانِ في أمرِ ابنِ عَمِّكَ والحَسَدِ لَهُ ونُصرَةِ النّاسِ عَلَيهِ ، حَتّى قُتِلَ بِمَشهَدٍ مِنكَ لا تَدفَعُ عَنهُ بِلِسانٍ ولا يَدٍ ، فَلَيتَكَ أظهَرتَ نَصرَهُ حَيثُ أسرَرتَ خَبَرَهُ ۳ ، فَكُنتَ كَالمُتَعَلِّقِ بَينَ النّاسِ بِعُذرٍ وإن ضَعُفَ ، وَالمُتَبَرِّئِ مِن دَمِهِ بِدَفعٍ وإن وَهُنَ ولكِنَّكَ جَلَستَ في دارِكَ تَدُسُّ إلَيهِ الدَّواهِيَ ، وتُرسِلُ إلَيهِ الأَفاعِيَ ، حَتّى إذا قَضَيتَ وَطَرَكَ مِنهُ أظهَرتَ شَماتَةً ، وأبدَيتَ طَلاقَةً ، وحَسَرتَ لِلأَمرِ عَن ساعِدِكَ ، وشَمَّرتَ عَن ساقِكَ ، ودَعَوتَ النّاسَ إلى نَفسِكَ ، وأكرَهتَ أعيانَ المُسلِمينَ عَلى بَيعَتِكَ .
ثُمَّ كانَ مِنكَ بَعدَ ما كانَ مِن قَتلِكَ شَيخَيِ المُسلِمينَ أبي مُحَمَّدٍ طَلحَةَ ، وأبي عَبدِ اللّهِ الزُّبَيرِ ، وهُما مِنَ المَوعودينَ بِالجَنَّةِ وَالمُبَشَّرِ قاتِلُ أحَدِهِما بِالنّارِ فِي الآخِرَةِ .
هذا إلى تَشريدِكَ بِاُمِّ المُؤمِنينَ عائِشَةَ ، وإحلالِها مَحَلَّ الهونِ مُبتَذَلَةً بَينَ أيدِي الأَعرابِ وفَسَقَةِ أهلِ الكوفَةِ ، فَمِن بَينِ مُشهِرٍ لَها ، وبَينَ شامِتٍ بِها ، وبَينَ ساخِر

1.أي الأصل والحسب (لسان العرب : ج۵ ص۱۹۳) .

2.في بحار الأنوار : «دَغَلِ الحسد» .

3.في بحار الأنوار : «حيث أشهرت ختره» .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
348

وأنتَ كارِهٌ .
ثُمَّ لَم تَكُن لِأَحَدٍ مِنهُم بِأَعظَمَ حَسَداً مِنكَ لِابنِ عَمِّكَ عُثمانَ ، وكانَ أحَقَّهُم ألّا تَفعَلَ بِهِ ذلِكَ في قَرابَتِهِ وصِهرِهِ ؛ فَقَطَعتَ رَحِمَهُ ، وقَبَّحتَ مَحاسِنَهُ ، وألَّبتَ النّاسَ عَلَيهِ ، وبَطَنتَ وظَهَرتَ ، حَتّى ضُرِبَت إلَيهِ آباطُ الإِبِلِ ، وقِيدَت إلَيهِ الخَيلُ العِرابُ ، وحُمِلَ عَلَيهِ السِّلاحُ في حَرَمِ رَسولِ اللّهِ ، فَقُتِلَ مَعَكَ فِي المَحَلَّةِ وأنتَ تَسمَعُ في دارِهِ الهائِعَةَ ، لا تَردَعُ الظَّنَّ وَالتُّهَمَةَ عَن نَفسِكَ فيهِ بِقَولٍ ولا فِعلٍ .
فَاُقسِمُ صادِقاً أن لَو قُمتَ فيما كانَ مِن أمرِهِ مَقاماً واحِداً تُنَهنِهُ النّاسَ عَنهُ ما عَدَلَ بِكَ مَن قِبَلَنا مِنَ النّاسِ أحَداً ، ولَمَحا ذلِكَ عِندَهُم ما كانوا يَعرِفونَكَ بِهِ مِنَ المُجانَبَةِ لِعُثمانَ والبَغيِ عَلَيهِ .
واُخرى أنتَ بِها عِندَ أنصارِ عُثمانَ ظَنينٌ ۱ : إيواؤُكَ ؛ قَتَلَةُ عُثمانَ ، فَهُم عَضُدُكَ وأنصارُكَ ويَدُكَ وبِطانَتُكَ . وقَد ذُكِرَ لي أنَّكَ تَنَصَّلُ مِن دَمِهِ ، فَإِن كُنتَ صادِقاً فَأَمكِنّا مِن قَتَلَتِهِ نَقتُلَهُم بِهِ ، ونَحنُ أسرَعُ النّاسِ إلَيكَ . وإلّا فَإِنَّهُ فَلَيسَ لَكَ ولا لِأَصحابِكَ إلَا السَّيفُ .
وَالَّذي لا إلهَ إلّا هُوَ لَنَطلُبَنَّ قَتَلَةَ عُثمانَ فِي الجِبالِ وَالرِّمالِ ، وَالبَرِّ وَالبَحرِ ، حَتّى يَقتُلَهُمُ اللّهُ ، أو لَتَلحَقَنَّ أرواحُنا بِاللّهِ . وَالسَّلامُ ۲ .

۲۳۸۹.شرح نهج البلاغةـ في ذِكرِ كِتابٍ كَتَبَهُ مُعاوِيَةُ إلَى الإِمامِ عليه السلام ـ: مِن مُعاوِيَةَ ابنِ أبي سُفيان

1.ظنين : أي متّهم في دينه، فعيل بمعنى مفعول؛ من الظِّنَّة : التهمة (النهاية : ج۳ ص۱۶۳) .

2.وقعة صفّين : ص۸۵ ، بحار الأنوار : ج۳۳ ص۱۰۸ ح۴۰۸ ؛ شرح نهج البلاغة : ج۱۵ ص۷۳ ، المناقب للخوارزمي : ص۲۵۰ نحوه .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 101059
صفحه از 670
پرینت  ارسال به