351
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

4 / 12

أجوِبَةُ الإِمامِ عَنِ الرَّسائِلِ بِما لا مَزيدَ عَلَيهِ

۲۳۹۰.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن كِتابٍ لَهُ إلى مُعاوِيَةَ ـ: مِن عَلِيٍّ إلى مُعاوِيَةَ بنِ صَخرٍ :
أمّا بَعدُ ؛ فَقَد أتاني كِتابُ امرِئٍ لَيسَ لَهُ نَظَرٌ يَهديهِ ، ولا قائِدٌ يُرشِدُهُ ، دَعاهُ الهَوى فَأَجابَهُ ، وقادَهُ فَاتَّبَعَهُ .
زَعَمتَ أنَّهُ أفسَدَ عَلَيكَ بَيعَتي خَطيئَتي في عُثمانَ . ولَعَمري ما كُنتُ إلّا رَجُلاً مِنَ المُهاجِرينَ ؛ اُورِدتُ كَما اُورِدوا ، واُصدِرتُ كَما اُصدِروا . وما كانَ اللّهُ لِيَجمَعَهُم عَلى ضَلالَةٍ ، ولا لِيَضرِبَهُم بِالعَمى ، وما أمَرتُ فَيَلزَمَني خَطيئَةُ الآمِرِ ، ولا قَتَلتُ فَيَجِبَ عَلَيَّ القِصاصُ .
وأمّا قَولُكَ إنَّ أهلَ الشّامِ هُمُ الحُكّامُ عَلى أهلِ الحِجازِ ، فَهاتِ رَجُلاً مِن قُرَيشِ الشّامِ يُقبَلُ فِي الشّورى أو تَحِلُّ لَهُ الخِلافَةُ . فَإِن زَعَمتَ ذلِكَ كَذَّبَكَ المُهاجِرونَ وَالأَنصارُ ، وإلّا أتَيتُكَ بِهِ مِن قُرَيشِ الحِجازِ .
وأمّا قَولُكَ : اِدفَع إلَينا قَتَلَةَ عُثمانَ ، فَما أنتَ وعُثمانَ ؟ إنَّما أنتَ رَجُلٌ مِن بَني اُمَيَّةَ ، وبَنو عُثمانَ أولى بِذلِكَ مِنكَ . فَإِن زَعَمتَ أنَّكَ أقوى عَلى دَمِ أبيهِم مِنهُم فَادخُل في طاعَتي ، ثُمَّ حاكِمِ القَومَ إلَيَّ أحمِلكَ وإيّاهُم عَلَى المَحَجَّةِ .
وأمّا تَمييزُكَ بَينَ الشّامِ وَالبَصرَةِ وبَينَ طَلحَةَ وَالزُّبَيرِ فَلَعَمري مَا الأَمرُ فيما هُناكَ إلّا واحِدٌ ؛ لِأَنَّها بَيعَةٌ عامَّةٌ لا يُثَنّى فيهَا النَّظَرُ ، ولا يُستَأنَفُ فيهَا الخِيارُ .
وأمّا وَلوعُكَ بي في أمرِ عُثمانَ فَما قُلتَ ذلِكَ عَن حَقِّ العِيانِ ، ولا يَقينِ الخُبرِ . وأمّا فَضلي فِي الإِسلامِ وقَرابَتي مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله وشَرَفي في قُرَيشٍ فَلَعَمري لَوِ استَطَعتَ دَفعَ ذلِكَ لَدَفَعتَهُ ۱ .

1.وقعة صفّين : ص۵۷ ، بحار الأنوار : ج۳۲ ص۳۷۹ ؛ شرح نهج البلاغة : ج۳ ص۸۹ نحوه وراجع فالمناقب للخوارزمي : ص۲۰۴ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
350

مِنها ، تَرى ابنَ عَمِّكَ كانَ بِهذِهِ لَو رَآهُ راضِياً أم كانَ يَكونُ عَلَيكَ ساخِطاً ، ولَكَ عَنهُ زاجِراً ! أن تُؤذِيَ أهلَهُ ، وتُشَرِّدَ بِحَليلَتِهِ ، وتَسفِكَ دِماءَ أهلِ مِلَّتِهِ .
ثُمَّ تَركُكَ دارَ الهِجرَةِ الَّتي قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَنها : «إنَّ المَدينَةَ لَتَنفي خَبَثَها كَما يَنفِي الكيرُ خَبَثَ الحَديدِ» فَلَعَمري لَقَد صَحَّ وَعدُهُ ، وصَدَقَ قَولُهُ ، ولَقَد نَفَت خَبَثَها ، وطَرَدَت عَنها مَن لَيسَ بِأَهلٍ أن يَستَوطِنَها ، فَأَقَمتَ بَينَ المِصرَينِ ، وبَعُدتَ عَن بَرَكَةِ الحَرَمَينِ ، ورَضِيتَ بِالكوفَةِ بَدَلاً مِنَ المَدينَةِ ، وبِمُجاوَرَةِ الخَوَرنَقِ وَالحَيرَةِ عِوَضا عَن مُجاوَرَةِ خاتَمِ النُّبُوَّةِ ، ومِن قَبلِ ذلِكَ ما عِبتَ خَليفَتَي رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله أيّامَ حَياتِهِما ، فَقَعَدتَ عَنهُما ، وألَّبتَ عَلَيهِما ، وَامتَنَعتَ مِن بَيعَتِهِما ، ورُمتَ أمراً لم يَرَكَ اللّهُ تَعالى لَهُ أهلاً ، ورَقيتَ سُلَّماً وَعراً وحاوَلتَ مَقاماً دَحضاً ، وَادَّعَيتَ ما لَم تَجِد عَلَيهِ ناصِرا
ولَعَمري لَو وَليتَها حينَئِذٍ لَمَا ازدادَت إلّا فَساداً وَاضطِراباً ، ولا أعقَبَت وِلايَتُكَها إلَا انتِشارا وَارتِدادا ؛ لِأَنَّكَ الشّامِخُ بِأَنفِهِ ، الذّاهِبُ بِنَفسِهِ ، المُستَطيلُ عَلَى النّاسِ بِلِسانِهِ ويَدِهِ ، وها أنَا سائِرٌ إلَيكَ في جَمعٍ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ تَحُفُّهُم سُيوفٌ شامِيَّةٌ ، ورِماحٌ قَحطانِيَّةٌ ، حَتّى يُحاكِموكَ إلَى اللّهِ .
فَانظُر لِنَفسِكَ ولِلمُسلِمينَ ، وَادفَع إلَيَّ قَتَلَةَ عُثمانَ ؛ فَإِنَّهُم خاصَّتُكَ وخُلَصاؤُكَ وَالمُحدِقونَ بِكَ ، فَإِن أبَيتَ إلّا سُلوكَ سَبيلِ اللَّجاجِ وَالإِصرارَ عَلَى الغَيِّ وَالضَّلالِ فَاعلَم أنَّ هذِهِ الآيَةَ إنَّما نَزَلَت فيكَ وفي أهلِ العِراقِ مَعَكَ : «وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَـئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَ قَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ»۱ . ۲

1.النحل : ۱۱۲ .

2.شرح نهج البلاغة : ج۱۷ ص۲۵۱ ؛ بحار الأنوار : ج۳۳ ص۸۹ ح۴۰۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 100965
صفحه از 670
پرینت  ارسال به