353
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

ونَصيحَتِهِم للّهِِ ورَسولِهِ ـ أن يَكونَ نَصيبُنا في ذلكَ الأَوفَرَ .
إنَّ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله لَمّا دَعا إلَى الإِيمانِ بِاللّهِ وَالتَّوحيدِ كُنّا ـ أهلَ البَيتِ ـ أوَّلَ مَن آمَنَ بِهِ ، وصَدَّقَ بِما جاءَ بِهِ ، فَلَبِثنا أحوالاً مُجَرَّمَةً ، وما يَعبُدُ اللّهَ في رَبعٍ ساكِنٍ مِنَ العَرَبِ غَيرُنا ، فَأَرادَ قَومُنا قَتلَ نَبِيِّنا ، واجتِياحَ أصلِنا ، وهَمُّوا بِنَا الهُمومَ ، وفَعَلوا بِنَا الأَفاعيلَ ؛ فَمَنَعونَا المِيرةَ ، وأمسَكوا عَنَّا العَذبَ ، وأحلَسونَا الخَوفَ ۱ ، وجَعَلوا عَلَينَا الأَرصادَ وَالعُيونَ ، وَاضطَرّونا إلى جَبَلٍ وَعِرٍ ، وأوقَدوا لَنا نارَ الحَربِ ، وكَتَبوا عَلَينا بَينَهُم كِتاباً لا يُؤاكِلونا ولا يُشارِبونا ولا يُناكِحونا ولا يُبايِعونا ولا نَأمَنُ فيهِم حَتّى نَدفَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله فَيَقتُلوهُ ويُمَثِّلوا بِهِ . فَلَم نَكُن نَأمَنُ فيهِم إلّا مِن مَوسِمٍ إلى مَوسِمٍ ، فَعَزَمَ اللّهُ لَنا عَلى مَنعِهِ ، وَالذَّبِّ عَن حَوزَتِهِ ، وَالرَّميِ مِن وَراءِ حُرمَتِهِ ، وَالقِيامِ بِأَسيافِنا دونَهُ ، في ساعاتِ الخَوفِ بِاللَّيلِ وَالنَّهارِ ، فَمُؤمِنُنا يَرجو بِذلِكَ الثَّوابَ ، وكافِرُنا يُحامي بِهِ عَنِ الأَصلِ .
فَأَمّا مَن أسلَمَ مِن قُرَيشٍ بَعدُ فَإِنَّهُم مِمّا نَحنُ فيهِ أخلِياءُ ؛ فَمِنهُم حَليفٌ مَمنوعٌ ، أو ذو عَشيرَةٍ تُدافِعُ عَنهُ ؛ فَلا يَبغيهِ أحَدٌ بِمِثلِ ما بَغانا بِهِ قَومُنا مِنَ التَّلَفِ ، فَهُم مِنَ القَتلِ بِمَكانِ نَجوَةٍ وأمنٍ . فَكانَ ذلِكَ ما شاءَ اللّهُ أن يَكونَ .
ثُمَّ أمَرَ اللّهُ رَسولَهُ بِالهِجرَةِ ، وأذِنَ لَهُ بَعدَ ذلِكَ في قِتالِ المُشرِكينَ ، فَكانَ إذَا احمَرَّ البَأسُ ودُعِيَت نِزالَ أقامَ أهلَ بَيتِهِ فَاستَقدَموا ، فَوَقى بِهِم أصحابَهُ حَرَّ الأَسِنَّةِ والسُّيوفِ ، فَقُتِلَ عُبَيدَةُ يَومَ بَدرٍ ، وحَمزَةُ يَومَ اُحُدٍ ، وجَعفَرٌ وزَيدٌ يَومَ مَؤتَةَ ، وأرادَ للّهِِ مَن لَو شِئتُ ذَكَرتُ اسمَهُ مِثلَ الَّذي أرادوا مِنَ الشَّهادَةِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله غَيرَ مَرَّةٍ ، إلّا أنَّ آجالَهُم عُجِّلَت ، ومَنِيَّتَهُ اُخِّرَت . وَاللّهُ مولِي الإِحسانِ إلَيهِم ، وَالمَنّانُ عَلَيهِم بِما قَد أسلَفوا مِنَ الصّالِحاتِ . فَما سَمِعتُ بِأَحَدٍ ولا رَأَيتُ فيهِم مَن هُوَ أنصَحُ للّهِِ فى ¨

1.أي ألزموناه ولم يفارقنا (انظر النهاية : ج۱ ص۴۲۴) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
352

۲۳۹۱.عنه عليه السلامـ مِن كِتابٍ لَهُ إلى مُعاوِيَةَ ـ: مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيٍّ أميرِ المُؤمِنينَ إلى مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ :
أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّ أخا خَولانَ قَدِمَ عَلَيَّ بِكِتابٍ مِنكَ تَذكُرُ فيهِ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله ، وما أنعَمَ اللّهُ عَلَيهِ بِهِ مِنَ الهُدى وَالوَحيِ . وَالحَمدُ للّهِِ الَّذي صَدَقَهُ الوَعدَ ، وتَمَّمَ لَهُ النَّصرَ ، ومَكَّنَ لَهُ فِي البِلادِ ، وأظهَرَهُ عَلى أهلِ العِداءِ وَالشَّنَآنِ مِن قَومِهِ الَّذينَ وَثَبوا بِهِ ، وشَنِفوا لَهُ ، وأظهَروا لَهُ التَّكذيبَ ، وبارَزوهُ بِالعَداوَةِ ، وظاهَروا عَلى إخراجِهِ وعَلى إخراجِ أصحابِهِ وأهلِهِ ، وألَّبوا عَلَيهِ العَرَبَ ، وجامَعوهُم عَلى حَربِهِ ، وجَهَدوا في أمرِهِ كُلَّ الجَهدِ ، وقَلَّبوا لَهُ الاُمورَ حَتّى ظَهَرَ أمرُ اللّهِ وهُم كارِهونَ .
وكانَ أشَدَّ النّاسِ عَلَيهِ ألبَةً اُسرَتُهُ ، وَالأَدنى فَالأَدنى مِن قَومِهِ إلّا مَن عَصَمَهُ اللّهُ .
يَا بنَ هِندٍ ! فَلَقَد خَبَّأَ لَنَا الدَّهرُ مِنكَ عَجَباً ! ولَقَد قَدِمتَ فَأَفحَشتَ ؛ إذ طَفِقتَ تُخبِرُنا عَن بَلاءِ اللّهِ تَعالى في نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله وفينا ، فَكُنتَ في ذلِكَ كَجالِبِ التَّمرِ إلى هَجَرَ ، أو كَداعي مُسَدِّدِهِ إلَى النِّضالِ .
وذَكَرتَ أنَّ اللّهَ اجتَبى لَهُ مِنَ المُسلِمينَ أعواناً أيَّدَهُ اللّهُ بِهِم ، فَكانوا في مَنازِلِهِم عِندَهُ عَلى قَدرِ فَضائِلِهِم فِي الإِسلامِ ، فَكانَ أفضَلَهُم ـ زَعمتَ ـ فِي الإِسلامِ ، وأنصَحَهُم للّهِِ ورَسولِهِ الخَليفَةُ ، وخَليفَةُ الخَليفَةِ . ولَعَمري إنَّ مَكانَهُما مِنَ الإِسلامِ لَعَظيمٌ ، وإنَّ المُصابَ بِهِما لَجُرحٌ فِي الإِسلامِ شَديدٌ . رَحِمَهُمَا اللّهُ وجَزاهُما بِأَحسَنِ الجَزاءِ .
وذَكَرتَ أنَّ عُثمانَ كانَ فِي الفَضلِ ثالِثاً ؛ فَإِن يَكُن عُثمانُ مُحسِناً فَسَيَجزيهِ اللّهُ بِإِحسانِهِ ، وإن يَكُ مُسيئاً فَسَيَلقى رَبّاً غَفوراً لا يَتَعاظَمُهُ ذَنبٌ أن يَغفِرَهُ .
ولَعَمرُ اللّهِ إنّي لَأَرجو ـ إذا أعطَى اللّهُ النّاسَ عَلى قَدرِ فَضائِلِهِم فِي الإِسلام

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 101163
صفحه از 670
پرینت  ارسال به