355
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

النّاسِ بِالكُفرِ ، مَخافَةَ الفُرقَةِ بَينَ أهلِ الإِسلامِ . فَأَبوكَ كانَ أعرَفَ بِحَقّي مِنكَ . فَإِن تَعرِف مِن حَقّي ما كانَ يَعرِفُ أبوكَ تُصِب رُشدَكَ ، وإن لَم تَفعَل فَسَيُغنِي اللّهُ عَنكَ وَالسَّلامُ ۱ .

۲۳۹۲.عنه عليه السلامـ مِن كِتابٍ لَهُ إلى مُعاوِيَةَ جَواباً ـ: أمّا بَعدُ ؛ فَإِنّا كُنّا نَحنُ وأنتُم عَلى ما ذَكَرتَ مِنَ الاُلفَةِ وَالجَماعَةِ ، فَفَرَّقَ بَينَنا وبَينَكُم أمسِ أنّا آمَنّا وكَفَرتُم ، وَاليَومَ أنَّا استَقَمنا وفُتِنتُم . وما أسلَمَ مُسلِمُكُم إلّا كَرهاً ، وبَعدَ أن كانَ أنفُ الإِسلامِ كُلُّهُ لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله حِزباً .
وذَكَرتَ أنّي قَتَلتُ طَلحَةَ وَالزُّبَيرَ ، وشَرَّدتُ بِعائِشَةَ ونَزَلتُ بَينَ المِصرَينِ ، وذلِكَ أمرٌ غِبتَ عَنهُ فَلا عَلَيكَ ، ولَا العُذرُ فيهِ إلَيكَ .
وذَكَرتَ أنَّكَ زائِري فِي المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ ، وقَدِ انقَطَعَتِ الهِجرَةُ يَومَ اُسِرَ أخوكَ ، فَإِن كانَ فيكَ عَجَلٌ فَاسْتَرْفِهْ ؛ فَإِنّي إن أزُركَ فَذلِكَ جدَيرٌ أن يَكونَ اللّهُ إنَّما بَعَثَني إلَيكَ لِلنِّقمَةِ مِنكَ ! وإن تَزُرني فَكَما قالَ أخو بَني أَسَدٍ :

مُستَقبِلينَ رِياحَ الصَّيفِ تَضرِبُهُم
بِحاصِبٍ بَينَ أغوارٍ وجُلْمودِ

وعِندِي السَّيفُ الَّذي أعضَضتُهُ بِجَدِّكَ وخالِكَ وأخيكَ في مَقامٍ واحِدٍ . وإنَّكَ وَاللّهِ ـ ما عَلِمتُ ـ الأَغلَفُ القَلبِ ، المُقارِبُ العَقلِ ، وَالأَولى أن يُقالَ لَكَ : إنَّكَ رَقيتَ سُلَّماً أطلَعَكَ مَطلَعَ سوءٍ عَلَيكَ لا لَكَ ، لِأَنَّكَ نَشَدتَ غَيرَ ضالَّتِكَ ، ورَعيتَ غَيرَ سائِمَتِكَ ، وطَلَبتَ أمراً لَستَ مِن أهلِهِ ولا في مَعدِنِهِ ، فَما أبعَدَ قَولَكَ مِن فِعلِكَ ! وقَريبٌ ما أشبَهتَ ۲ مِن أعمامٍ وأخوالٍ ! حَمَلَتهُمُ الشَّقاوَةُ وتَمَنِّي الباطِلِ عَلَى الجُحود

1.وقعة صفّين : ص۸۸ ، بحار الأنوار : ج۳۳ ص۱۱۰ ح۴۰۸ ؛ شرح نهج البلاغة : ج۱۵ ص۷۶ ، المناقب للخوارزمي : ص۲۵۲ نحوه وكلّها عن أبي ورق وراجع نهج البلاغة : الكتاب ۲۸ .

2.ما : مصدرية ؛ أي وقريب شبهك (شرح نهج البلاغة : ج۱۸ ص۲۰) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
354

طاعَةِ رَسولِهِ ، ولا أطوَعُ لِرَسولِهِ في طاعَةِ رَبِّهِ ، ولا أصبَرُ عَلَى اللَأْواءِ وَالضَّرّاءِ وحينَ البَأسِ ومَواطِنِ المَكروهِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله مِن هؤُلاءِ النَّفَرِ الَّذينَ سَمَّيتُ لَكَ . وفِي المُهاجِرينَ خَيرٌ كَثيرٌ نَعرِفُهُ ، جَزاهُمُ اللّهُ بِأَحسَنِ أعمالِهِم !
وذكَرتَ حَسَدِي الخُلَفاءَ ، وإبطائي عَنهُم ، وبَغيي عَلَيهِم ؛ فَأَمَّا البَغيُ فَمَعاذَ اللّهِ أن يَكونَ ، وأمَّا الإِبطاءُ عَنهُم وَالكَراهَةُ لِأَمرِهِم فَلَستُ أعتَذِرُ مِنهُ إلَى النّاسِ ، لِأَنَّ اللّهَ جَلَّ ذِكرُهُ لَمّا قَبَضَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه و آله قالَت قُرَيشٌ : مِنّا أميرٌ ، وقالَتِ الأَنصارُ : مِنّا أميرٌ . فَقالَت قُرَيشٌ : مِنّا مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَنَحنُ أحَقُّ بِذلِكَ الأَمرِ ، فَعَرَفَت ذلِكَ الأَنصارُ ، فَسَلَّمَت لَهُمُ الوِلايَةَ وَالسُّلطانَ . فَإِذَا استَحَقّوها بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله دونَ الأَنصارِ فَإِنَّ أولَى النّاسِ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله أحَقُّ بِها مِنهُم . وإلّا فَإِنَّ الأَنصارَ أعظَمُ العَرَبِ فيها نَصيباً ، فَلا أدري أصحابي سَلِموا مِن أن يَكونوا حَقّي أخَذوا ، أوِ الأَنصارُ ظَلَموا ، بَل عَرَفتُ أنَّ حَقّي هُوَ المَأخوذُ ، وقَد تَرَكتُهُ لَهُم ، تَجاوَزَ اللّهُ عَنهُم !
وأمّا ما ذَكَرتَ مِن أمرِ عُثمانَ وقَطيعَتي رَحِمَهُ ، وتَأليبي عَلَيهِ ؛ فَإِنَّ عُثمانَ عَمِلَ ما قد بَلَغَكَ ، فَصَنَعَ النّاسُ بِهِ ما قَد رَأَيتَ وقَد عَلِمتَ أنّي كُنتُ في عُزلَةٍ عَنهُ ، إلّا أن تتََجَنّى ، فَتَجَنَّ ما بَدا لَكَ .
وأمّا ما ذَكَرتَ مِن أمرِ قَتَلَةِ عُثمانَ ؛ فَإِنّي نَظَرتُ في هذَا الأَمرِ ، وضَرَبتُ أنفَهُ وعَينَيهِ ، فَلَم أرَ دَفعَهُم إلَيكَ ولا إلى غَيرِكَ .
ولَعَمري لَئِن لَم تَنزِع عَن غَيِّكَ وشِقاقِكَ لَتَعرِفَنَّهُم عَن قَليلٍ يَطلُبونَكَ ، ولا يُكَلِّفونَكَ أن تَطلُبَهُم في بَرٍّ ولا بَحرٍ ، ولا جَبَلٍ ولا سَهلٍ .
وقَد كانَ أبوكَ أتاني حينَ وَلَّي النّاسُ أبا بَكرٍ فَقالَ : أنتَ أحَقُّ بَعدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله بِهذَا الأَمرِ ، وأنا زَعيمٌ لَكَ بِذلِكَ عَلى مَن خالَفَ عَلَيكَ . اُبسُط يَدَكَ اُبايِعكَ ، فَلَم أفعَل وأنتَ تَعلَمُ أنَّ أباكَ قد كانَ قالَ ذلِكَ وأرادَهُ حَتّى كُنتُ أنَا الَّذي أبيَتُ ، لِقُربِ عَهد

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 101151
صفحه از 670
پرینت  ارسال به