387
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

يَابنَ عَبّاسٍ ! أ تَعرِفُ هذَا المَوضِعَ ؟
فَقالَ : لا يا أميرَ المُؤمِنينَ ! ما أعرِفُهُ .
فَقالَ : أما إنَّكَ لَو عَرَفتَهُ كَمَعرِفَتي لَم تَكُن تُجاوِزُهُ حَتّى تَبكِيَ لِبُكائي .
قالَ : ثُمَّ بَكى عَلِيٌّ رضى الله عنه بُكاءً شَديدا ، حَتَّى اخضَلَّت لِحَيتُهُ بِدُموعِهِ وسالَتِ الدُّموعُ عَلى صَدرِهِ ، ثُمَّ جَعَلَ يَقولُ :
أوّاه ! مالي ولِالِ أبي سُفيانَ ! ثُمَّ التَفَتَ إلَى الحُسَينِ رضى الله عنه فَقالَ : اِصبِر أبا عَبدِ اللّهِ ! فَلَقَد لَقِيَ أبوكَ مِنهُم مِثلَ الَّذي تَلقى مِن بَعدي .
قالَ : ثُمَّ جَعَلَ عَلِيٌّ رضى الله عنه يَجولُ في أرضِ كَربَلاءَ كَأَنَّهُ يَطلُبُ شَيئا ، ثُمَّ نَزَلَ ودَعا بِماءٍ فَتَوَضَّأَ وُضوءَ الصَّلاةِ ، ثُمَّ قامَ فَصَلّى ما شاءَ أن يُصَلِّيَ وَالنّاسُ قَد نَزَلوا هُنالِكَ مِن قُربِ نِيْنَوى ۱ إلى شاطِئِ الفُراتِ . قالَ : ثُمَّ خَفَقَ بِرَأسِهِ خَفَقَةً فَنامَ وَانتَبَهَ فَزِعا فَقالَ :
يَابنَ عَبّاسٍ ! أ لا اُحَدِّثُكَ بِما رَأَيتُ السّاعَةَ في مَنامي ؟
فَقالَ : بَلى يا أميرَ المُؤمِنينَ !
فَقالَ : رَأَيتُ رِجالاً بيضَ الوُجوهِ ، في أيديهِم أعلامٌ بيضٌ ، وهُم مُتَقَلِّدونَ بُسُيوفٍ لَهُم ، فَخَطّوا حَولَ هذِهِ الأَرضِ خَطَّةً ، ثُمَّ رَأَيتُ هذِهِ النَّخيلَ وقَد ضَرَبَت بِسَعفِهَا الأَرضَ ، ورَأَيتُ نَهرا يَجري بِالدَّمِ العَبيطِ ، ورَأَيتُ ابنِي الحُسَينَ وقَد غَرِقَ في ذلِكَ الدَّمِ وهُوَ يَستَغيثُ فَلا يُغاثُ ، ثُمَّ إنّي رَأَيتُ اُولئِكَ الرِّجالَ البيضَ الوُجوهِ الَّذينَ نَزَلوا مِنَ السَّماءِ وهُم يُنادونَ : صَبرا آلَ الرَّسولِ صَبرا ! فَإِنَّكُم تُقتَلونَ عَلى أيدي أشرارِ النّاسِ ، وهذِهِ الجَنَّةُ مُشتاقَةٌ إلَيكَ يا أبا عَبدِ اللّهِ ! ثُمَّ تَقَدَّموا إلَيَّ فَعَزَّوني وقالوا : أبشِر

1.نِيْنَوى : ناحية بسواد الكوفة إلى جانب نهر دجلة ، منها كربلاء التي قتل بها الحسين عليه السلام (راجع معجم البلدان : ج۵ ص۳۳۹) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
386

العَصرَ خارِجا مِنها .
فَحَرَّكَ دابَّتَهُ وحَرَّكَ النّاسُ دَوابَّهُم في أثَرِهِ ، فَلَمّا جازَ جِسرَ الصَّراةِ نَزَلَ فَصَلّى بِالنّاسِ العَصرَ .
[و] عَن عَبدِ خَيرٍ : كُنتُ مَعَ عَلِيٍّ أسيرُ في أرضِ بابِلَ . وحَضَرَتِ الصَّلاةُ صَلاةُ العَصرِ . فَجَعَلنا لا نَأتِي مَكانا إلّا رَأَيناهُ أفيَحَ ۱ مِنَ الآخَرِ ، حَتّى أتَينا عَلى مَكانٍ أحسَنَ ما رَأَينا ، وقَد كادَتِ الشَّمسُ أن تَغيبَ . فَنَزَلَ عَلِيٌّ ونَزَلتُ مَعَهُ ، فَدَعَا اللّهَ فَرَجَعَتِ الشَّمسُ كَمِقدارِها مِن صَلاةِ العَصرِ ، فَصَلَّينَا العَصرَ ، ثُمَّ غابَتِ الشَّمسُ ۲ .

راجع : ج 6 ص 397 (ردّ الشمس أيّام إمارة الإمام) .

6 / 4

بُكاءُ الإِمامِ لَمّا وَصَلَ إلى كَربَلاءَ

۲۴۲۳.وقعة صفّين عن الحسن بن كثير عن أبيه :إنَّ عَلِيّا أتى كَربَلاءَ فَوَقَفَ بِها ، فَقيلَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، هذِهِ كَربَلاءُ .
قالَ : ذاتُ كَربٍ وبَلاءٍ .
ثُمَّ أومَأَ بِيَدِهِ إلى مَكانٍ فَقالَ : هاهُنا مَوضِعُ رِحالِهِم ، ومُناخُ رِكابِهِم .
وأومَأَ بِيَدِهِ إلى مَوضِعٍ آخَرَ فَقالَ : هاهُنا مُهَراقُ دِمائِهِم ۳ .

۲۴۲۴.الفتوح :سارَ [عَلِيٌّ عليه السلام ] حَتّى نَزَلَ بِدَيرِ كَعبٍ فَأَقامَ هُنالِكَ باقِيَ يَومِهِ ولَيلَتِهِ . وأصبَحَ سائِرا حَتّى نَزَلَ بِكَربَلاءَ ، ثُمَّ نَظَرَ إلى شاطِئِ الفُراتِ وأبصَرَ هُنالِكَ نَخيلاً فَقالَ :

1.كلّ موضع واسع يقال له : أفيَح (النهاية : ج۳ ص۴۸۴) .

2.وقعة صفّين : ص۱۳۵ وراجع تهذيب التهذيب : ج۳ ص۲۳۷ الرقم ۴۱۴۴ .

3.وقعة صفّين : ص۱۴۲ ، بحار الأنوار : ج۳۲ ص۴۲۰ و ج ۴۱ ص۳۳۹ ح۵۸ ؛ شرح نهج البلاغة : ج۳ ص۱۷۱ وراجع الإرشاد : ج۱ ص۳۳۲ وخصائص الأئمّة عليهم السلام : ص۴۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 100932
صفحه از 670
پرینت  ارسال به