423
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

إنَّ صاحِبَنا مَن قَد عَرَفتَ وعَرَفَ المُسلِمونَ فَضلَهُ ، ولا أظُنُّهُ يَخفى عَلَيكَ ، إنَّ أهلَ الدّينِ وَالفَضلِ لَن يَعدِلوا بِعَلِيٍّ ، ولَن يُمَيِّلوا بَينَكَ وبَينَهُ ، فَاتَّقِ اللّهَ يا مُعاوِيَةُ ولا تُخالِف عَلِيّا ، فَإِنّا وَاللّهِ ما رَأَينا رَجُلاً قَطُّ أعمَلَ بِالتَّقوى ولا أزهَدَ فِي الدُّنيا ولا أجمَعَ لِخِصالِ الخَيرِ كُلِّها مِنهُ .
فَحَمِدَ اللّهَ مُعاوِيَةُ وأثنى عَلَيهِ ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ ، فَإِنَّكُم دَعوتُم إلَى الطّاعَةِ وَالجَماعَةِ ، فَأَمَّا الجَماعَةُ الَّتي دَعَوتُم إلَيها فَمَعَنا هِيَ . وأمَّا الطّاعَةُ لِصاحِبِكُم فَإِنّا لا نَراها ، إنَّ صاحِبَكُم قَتَلَ خَليفَتَنا وفَرَّقَ جَماعَتَنا وآوى ثَأرَنا وقَتَلَتَنا ، وصاحِبَكُم يَزعُمُ أنَّهُ لَم يَقتُلهُ فَنَحنُ لا نَرُدُّ ذلِكَ عَلَيهِ ، أرَأَيتُم قَتَلَةَ صاحِبِنا ؟أ لَستُم تَعلَمونَ أنَّهُم أصحابُ صاحِبِكُم ؟ فَليَدفَعهُم إلَينا فَلنَقتُلهُم بِهِ ، ثُمَّ نَحنُ نُجيبُكُم إلَى الطّاعَةِ وَالجَماعَةِ .
فَقالَ لَهُ شَبَثٌ : أ يَسُرُّكَ يا مُعاوِيَةُ أنَّكَ اُمِكنتَ مِن عَمّارٍ تَقتُلُهُ ؟
فَقالَ مُعاوِيَةُ : وما يَمنَعُني مِن ذلِكَ ؟ ! وَاللّهِ لَو اُمكِنتُ مِنِ ابنِ سُمَيَّةَ ما قَتَلتُهُ بِعُثمانَ ولكِن كُنتُ قاتِلَهُ بِناتِلٍ مَولى عُثمانَ .
فَقالَ لَهُ شَبَثٌ : وإلهِ الأَرضِ وإلهِ السَّماءِ ما عَدَلتَ مُعتَدِلاً ، لا وَالَّذي لا إلهَ إلّا هُوَ لا تَصِلُ إلى عَمّارٍ حَتّى تُندَرَ الهامُ عَن كَواهِِل الأَقوامِ ، وتَضيقَ الأَرضُ الفَضاءُ عَلَيكَ بِرُحبِها .
فَقالَ لَهُ مُعاوِيَةُ : إنَّهُ لَو قَد كانَ ذلِكَ كانَتِ الأَرضُ عَلَيكَ أضيَقَ .
وتَفَرَّقَ القَومُ عَن مُعاوِيَةَ ، فَلَمَّا انصَرَفوا بَعَثَ مُعاوِيَةَ إلى زِيادِ بنِ خَصَفَةَ التَّيمِيِّ فَخَلا بِهِ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ وقالَ : أمّا بَعدُ يا أخا رَبيعَةَ فَإِنَّ عَلِيّا قَطَعَ أرحامَنا وآوى قَتَلَةَ صاحِبِنا ، وإنّي أسأَلُكَ النَّصرَ عَلَيهِ بِاُسرَتِكَ وعَشيرَتِكَ ، ثُمَّ لَكَ عَهدُ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ وميثاقُهُ أن أوَلِّيَكَ إذا ظَهَرتُ أيَّ المِصرَينِ أحبَبتَ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
422

۲۴۵۸.تاريخ الطبري عن المحلّ بن خليفة الطائي :لَمّا تَوادَعَ عَلِيٌّ ومُعاوِيَةُ يَومَ صِفّينَ اختَلَفَ فيما بَينَهُمَا الرُّسُلُ رَجاءَ الصُّلحِ ، فَبَعَثَ عَلِيٌّ عَدِيَّ بنَ حاتِمٍ ويَزيدَ بنَ قَيسٍ الأَرحَبِيَّ وشَبَثَ بنَ رِبعِيٍّ وزِيادَ بنَ خَصَفَةَ إلى مُعاوِيَةَ .
فَلَمّا دَخَلوا حَمِدَ اللّهَ عَدِيُّ بنُ حاتِمٍ ثُمَّ قالَ : أمّا بَعدُ ، فَإِنّا أتَيناكَ نَدعوكَ إلى أمرٍ يَجمَعُ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ بِهِ كَلِمَتَنا واُمَتَّنا ، ويَحِقنُ بِهِ الدِّماءَ ويُؤَمِّنُ بِهِ السُّبُلَ ويُصلِحُ بِهِ ذاتَ البَينِ . إنَّ ابنَ عَمِّكَ سَيِّدُ المُسلِمينَ أفضَلُها سابِقَةً وأحسنُها فِي الإِسلامِ أثَرا ، وقَدِ استَجمَعَ لَهُ النّاسُ ، وقَد أرشَدَهُمُ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ بِالَّذي رَأَوا ، فَلَم يَبقَ أحَدٌ غَيرُكَ وغَيرُ مَن مَعَكَ ، فَانتَهِ يا مُعاوِيَةُ لا يُصبِكَ اللّهُ وأصحابَكَ بِيَومٍ مِثلَ يَومِ الجَمَلِ .
فَقالَ مُعاوِيَةُ : كَأَنَّكَ إنَّما جِئتَ مُتَهَدِّدا لَم تَأتِ مُصلِحا ، هَيهاتَ يا عَدِيُّ ! كَلّا وَاللّهِ ، إنّي لَابنُ حَربٍ ما يُقَعقَعُ لي بِالشِّنانِ ۱ ، أما وَاللّهِ إنَّكَ لَمِنَ المُجلِبينَ عَلَى ابنِ عَفّانَ ، وإنَّكَ لَمِن قَتَلَتِهِ ، وإنّي لَأَرجو أن تَكونَ مِمَّن يَقتُلُ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ بِهِ ، هَيهاتَ يا عَدِيَّ ابنَ حاتِمٍ ! قَد حَلَبتَ بِالسّاعِدِ الأَشَدِّ .
فَقالَ لَهُ شَبَثُ بنُ رِبعِيٍّ وزيادُ بنُ خَصَفَةَ ـ وتَنازعَا جَوابا واحِدا ـ : أتَيناكَ فيما يُصلِحُنا وإياكَ ، فَأَقبَلتَ تَضرِبُ لَنَا الأَمثالَ ، دَع مالا يُنتَفَعُ بِهِ مِنَ القَولِ وَالفِعلِ ، وأجِبنا فيما يَعُمُّنا وإيّاكَ نَفعُهُ .
وتَكَلَّمَ يَزيدُ بنُ قَيسٍ فَقالَ : إنّا لَم نَأتِكَ إلّا لِنُبَلِّغَكَ ما بُعِثنا بِهِ إلَيكَ ، ولِنُؤَدِّيَ عَنكَ ما سَمِعنا مِنكَ ، ونَحنُ عَلى ذلِكَ لَم نَدَع أن نَنصَحَ لَكَ ، وأن نَذكُرَ ما ظَنَنّا أنَّ لَنا عَلَيكَ بِهِ حُجَّةً ، وأنَّكَ راجِعٌ بِهِ إلَى الأُلفَةِ وَالجَماعَةِ .

1.قال الميداني : القعقعة : تحريك الشيء اليابس الصلب مع صوت مثل السلاح وغيره . والشِّنان : جمع شَنّ ؛ وهو القربة البالية ، وهم يحرّكونها إذا أرادوا حثّ السير لتفزع فتسرع . يُضرب لمن لا يتّضع لما ينزل به من حوادث الدهر ، ولا يروعه ما لا حقيقة له (مجمع الأمثال : ج۳ ص۲۳۸ الرقم ۳۷۵۴) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 101133
صفحه از 670
پرینت  ارسال به