425
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

فَقامَ وقال لَهُ : وَاللّهِ لَتَرَيَنّي بِحَيثُ تَكرَهُ .
فَقالَ عَلِيٌّ : وما أنتَ ولَو أجلَبتَ بِخَيلِكَ ورَجِلِكَ لا أبقَى اللّهُ عَلَيكَ إن أبقَيتَ عَلَيَّ ، أحُقرَةً وسوءًا ؟ ! اِذهَب فَصَوِّب وصَعِّد ما بَدا لَكَ .
و قالَ شُرَحبيلُ بنُ السِّمطِ : إنّي إن كَلَّمتُكَ فَلَعَمري ما كَلامي إلّا مِثلُ كَلامِ صاحِبي قَبلُ ، فَهَل عِندَكَ جَوابٌ غَيرَ الَّذي أجَبتَهُ بِهِ ؟
فَقالَ عَلِيٌّ : نَعَم لَكَ ولِصاحِبِكَ جَوابٌ غَيرَ الَّذي أجَبتُهُ بِهِ .
فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ ، فَإِنَّ اللّهَ جَلَّ ثَناؤُهُ بَعَثَ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله بِالحَقِّ فَأَنقَذَ بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ وَانتاشَ ۱ بِهِ مِنَ الهَلَكَةِ وجَمَعَ بِهِ مِنَ الفُرقَةِ ، ثُمَّ قَبَضَهُ اللّهُ إلَيهِ وقَد أدّى ما عَلَيهِ صلى الله عليه و آله ثُمَّ استَخلَفَ النّاسُ أبا بَكرٍ وَاستَخلَفَ أبو بَكرٍ عُمَرَ فَأَحسَنَا السّيرَةَ وعَدَلا فِي الأُمَّةِ ، وقَد وَجَدنا عَلَيهِما أن تَوَلَّيا عَلَينا ونَحنُ آلُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَغَفَرنا ذلِكَ لَهُما ، ووَلِيَ عُثمانُ فَعَمِلَ بِأَشياءَ عابَها النّاسُ عَلَيهِ ، فَساروا إلَيهِ فَقَتَلوهُ ، ثُمَّ أتانِي النّاسُ وأنا مُعتَزِلٌ أمورَهُم فَقالوا لي : بايِع فَأَبَيتُ عَلَيهِم ، فَقالوا لي : بايِع فَإِنَّ الأُمَّةَ لا تَرضى إلّا بِكَ وإنّا نَخافُ إن لَم تَفعَل أن يَفتَرِقَ النّاسُ ، فَبايَعتُهُم فَلَم يَرُعني إلّا شِقاقُ رَجُلَينِ قَد بايَعاني ، وخِلافُ مُعاوِيَةَ الَّذي لَم يَجعَلِ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ لَهُ سابِقَةً فِي الدّينِ ولا سَلَفَ صِدقٍ فِي الإِسلامِ ، طَليقٌ ابنُ طَليقٍ ، حِزبٌ مِن هذِهِ الأَحزابِ ، لَم يَزَل للّهِِ عَزَّ وجَلَّ ولِرَسولِهِ صلى الله عليه و آله ولِلمُسلِمينَ عَدُوّا هُوَ وأبوهُ حَتّى دَخَلا فِي الإِسلامِ كارِهينَ .
فَلا غَروَ إلّا خِلافُكُم مَعَهُ وَانقِيادُكُم لَهُ وتَدَعونَ آلَ نَبِيِّكُمُ صلى الله عليه و آله الَّذينَ لا يَنبَغي لَكُم شِقاقُهُم ولا خِلافُهُم ولا أن تَعدِلوا بِهِم مِنَ النّاسِ أحَدا ، ألا إنّي أدعوكُم إلى كِتابِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ وسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله وإماتَةِ الباطِلِ وإحياءِ مَعالِمِ الدّينِ ، أقولُ قَولي هذا

1.نَتَشْتُ الشيءَ بالمِنْتاشِ : أي استخرجتُه (لسان العرب : ج۶ ص۳۵۰) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
424

قالَ أبومِخنَفٍ : فَحَدَّثَني سَعدٌ أبُو المُجاهِدِ عَنِ المُحِلِّ بنِ خَليفَةَ ، قالَ : سَمِعتُ زِيادَ بنَ خَصَفَةَ يُحَدِّثُ بِهذَا الحَديثِ .
قالَ : فَلَمّا قَضى مُعاوِيَةُ كَلامَهُ ، حَمِدتُ اللّهَ عَزَّ وجَلَّ وأثنَيتُ عَلَيهِ ، ثُمَّ قُلتُ : أمّا بَعدُ ، فَإِنّي عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبّي وبِما أنعَمَ عَلَيَّ فَلَن أكونَ ظَهيرا لِلمُجرِمينَ ، ثُمَّ قُمتُ .
فَقالَ مُعاوِيَةُ لِعَمرِو بنِ العاصِ ـ وكانَ إلى جَنبِهِ جالِسا ـ : لَيسَ يُكَلِّمُ رَجُلٌ مِنّا رَجُلاً مِنهُم فَيُجيبَ إلى خَيرٍ ، مالَهُم عَضَبَهُمُ ۱ اللّهُ بِشَرٍّ ! ما قُلوبُهُم إلّا كَقَلبِ رَجُلٍ واحِدٍ ۲ .

7 / 9

مُناقَشاتُ وَفدِ مُعاوِيَةَ

۲۴۵۹.تاريخ الطبري عن عبد الرحمن بن عبيد أبي الكنود :إنَّ مُعاوِيَةَ بَعَثَ إلى عَلِيٍّ حَبيبَ بنَ مَسلَمَةَ الفِهرِيَّ وشُرَحبيلَ بنَ السِّمطِ ومَعنَ بنَ يَزيدَ بنِ الأَخنَسِ ، فَدَخَلوا عَلَيهِ وأنَا عِندَهُ ، فَحَمِدَ اللّهَ حَبيبٌ وأثنى عَلَيهِ ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ ، فَإِنَّ عُثمانَ بنَ عفّانَ كانَ خَليفَةً مَهدِيّا يَعمَلُ بِكِتابِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ ويُنيبُ إلى أمرِ اللّهِ تَعالى ، فَاستَثقَلتُم حَياتَهُ وَاستَبطَأتُم وَفاتَهُ فَعَدَوتُم عَلَيهِ فَقَتَلتُموهُ ، فَادفَع إلَينا قَتَلَةَ عُثمانَ ـ إن زَعَمتَ أنَّكَ لَم تَقتُلهُ ـ نَقتُلهُم بِهِ ، ثُمَّ اعتَزِل أمرَ النّاسِ فَيَكونَ أمرُهُم شورى بَينَهُم ، يُوَلِّي النّاسُ أمرَهُم مَن أجمَعَ عَلَيهِ رَأيُهُم .
فَقالَ لَهُ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ : وما أنتَ لا أمَّ لَكَ وَالعَزلَ وهذَا الأَمرَ ، اسكُت فَإِنَّكَ لَستَ هُناكَ ولا بِأَهلٍ لَهُ .

1.العَضب: القطع، وتدعو العرب على الرجل فتقول : ماله عضبه اللّه ، يدعون عليه بقطع يديه ورجليه (تاج العروس : ج۲ ص۲۴۱) .

2.تاريخ الطبري : ج۵ ص۵ ؛ وقعة صفّين : ص۱۹۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 100962
صفحه از 670
پرینت  ارسال به