فَقالَ عُتبَةُ بنُ أبي سُفيانَ : اِلهَوا عَن هذا ؛ كَأَنَّكُم لم تَسمَعوا نِداءَهُ ، فَقَد عَلِمتُم أنَّهُ قَتَلَ حُرَيثا ، وفَضَحَ عَمرا ، ولا أرى أحَدا يَتَحَكَّكُ ۱ بِهِ إلّا قَتَلَهُ .
فَقالَ مُعاوِيَةُ لِبُسرِ بنِ أرطاةَ :أ تَقومُ لِمُبارَزَتِهِ ؟
فَقالَ : ما أحَدٌ أحَقَّ بِها مِنكَ ، وإذ أبَيتُموهُ فَأَنا لَهُ . . . فَاستَقبَلَهُ بُسرٌ قَريبا مِنَ التَّلِّ وهُوَ مُقَنَّعٌ فِيالحَديدِ لا يُعرَفُ ، فَناداهُ : اُبرُز إلَيَّ أبا حَسَنٍ ! فَانحَدَرَ إلَيهِ عَلى تُؤَدَةٍ غَيرَ مُكتَرِثٍ ، حَتّى إذا قارَبَهُ طَعَنَهُ وهُوَ دارِعٌ ، فَأَلقاهُ عَلَى الأَرضِ ، ومَنَعَ الدِّرعُ السِّنانَ أن يَصِلَ إلَيهِ ، فَاتَّقاهُ بُسرٌ بِعَورَتِهِ وقَصَدَ أن يَكشِفَها يَستَدفِعُ بَأسَهُ ، فَانصَرَفَ عَنهُ عَِليٌّ عليه السلام مُستَدبِرا لَهُ ، فَعَرَفَهُ الأَشتَرُ حينَ سَقَطَ ، فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ هذا بُسرُ بنُ أرطاةَ ، عَدُوُّ اللّهِ وعَدُوُّكَ .
فَقالَ : دَعهُ عَلَيهِ لَعنَةُ اللّهِ ، أبَعدَ أن فَعَلَها . . . .
وقامَ بُسرٌ مِن طَعنَةِ عَلِيٍّ مُوَلِّيا ، ووَلَّت خَيلُهُ ، وناداهُ عَلِيٌّ : يا بُسرُ ، مُعاوِيَةُ كانَ أحَقَّ بِهذا مِنكَ .
فَرَجَعَ بُسرٌ إلى مُعاوِيَةَ ، فَقالَ لَهُ مُعاوِيَةُ : اِرفَع طَرفَكَ قَد أدالَ اللّهُ عَمرا مِنكَ . . . . فَكانَ بُسرٌ بَعدَ ذلِكَ إذا لَقِيَ الخَيلَ الَّتي فيها عَلِيٌّ تَنَحّى ناحِيةً . وتَحامى فُرسانُ أهلِ الشّامِ عَلِيّا ۲ .
۲۵۲۴.الفتوح :خَرَجَ رَجُلٌ مِن أصحابِ مُعاوِيَةَ يُقالُ لَهُ : المُخارِقُ بنُ عَبدِ الرَّحمنِ ـ وكانَ فارِسا بَطَلاً ـ حَتّى وَقَفَ بَينَ الجَمعَينِ ، ثُمَّ سَأَلَ النِّزالَ ، فَخَرَجَ إلَيهِ المُؤَمَّلُ بنُ عُبَيدٍ المُرادِيُّ ، فَقَتَلَهُ الشّامِيُّ . . . فَلَم يَزَل كَذلِكَ حَتّى قَتَلَ أربَعَةَ نَفَرٍ ، وَاحتَزَّ رَؤوسَهُم ،