485
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

نَمَّقتَها بِضَلالِكَ ، وأمضَيتَها بِسوءِ رَأيِكَ ، وكِتابُ امرِئٍ لَيسَ لَهُ بَصَرٌ يَهديهِ ، ولا قائِدٌ يُرشِدُهُ ، دَعاهُ الهَوى فَأَجابَهُ ، وقادَهُ الضَّلالُ فَاتَّبَعَهُ ؛ فَهَجَرَ لاغِطا ، وضَلَّ خابِطا ، فَأَمّا أمرُكَ لي بِالتَّقوى فَأَرجو أن أكونَ مِن أهلِها ، وأستَعيذُ بِاللّهِ مِن أن أكونَ مِن الَّذينَ إذا اُمِروا بِها أخَذَتهُمُ العِزَّةُ بِالإِثمِ ، وأمّا تَحذيرُكَ إيّايَ أن يُحبَطَ عَمَلي وسابِقَتي فِي الإِسلامِ ، فَلَعَمري لَو كُنتُ الباغِيَ عَلَيكَ لَكانَ لَكَ أن تُحَذِّرَني ذلِكَ ، ولكِنّي وَجَدتُ اللّهَ تَعالى يَقولُ : «فَقَـتِلُواْ الَّتِى تَبْغِى حَتَّى تَفِىءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ»۱ فَنَظَرنا إلى الفِئَتَينِ ؛ أمَّا الفِئَةُ الباغِيَةُ فَوَجَدناها الفِئَةَ الَّتي أنتَ فيها ؛ لِأَنَّ بَيعَتي بِالمَدينَةِ لَزِمَتكَ وأنتَ بِالشّامِ ، كَما لَزِمَتكَ بَيعَةُ عُثمانِ بِالمَدينَةِ وأنتَ أميرٌ لِعُمَرَ عَلَى الشّامِ ، وكَما لَزِمَت يَزيدَ أخاكَ بَيعَةُ عُمَرَ وهُوَ أميرٌ لِأَبي بَكرٍ عَلَى الشّامٍ . وأمّا شَقُّ عَصا هذِهِ الاُمَّةِ فَأَنَا أحَقُّ أن أنهاكَ عَنهُ ، فَأَمّا تَخويفُكَ لي مِن قَتلِ أهلِ البَغيِ فَإِنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله أمَرَني بِقِتالِهِم وقَتلِهِم ، وقالَ لِأَصحابِهِ : «إنَّ فيكُم مَن يُقاتِلُ عَلى تَأويلِ القُرآنِ كَما قاتَلتُ عَلى تَنزيلِهِ» وأشارَ إلَيَّ ، وأنا أولى مَنِ اتَّبَعَ أمرَهُ . وأمّا قَولُكَ : إنَّ بَيعَتي لَم تَصِحَّ لِأَنَّ أهلَ الشّامِ لَم يَدخُلوا فيها ، كَيفَ وإنَّما هِيَ بَيعَةٌ واحِدَةٌ تَلزَمُ الحاضِرَ واَلغائِبَ ، لا يُثَنّى فيهَا النَّظَرُ ، ولا يُستَأنَفُ فيهَا الخِيارُ ، الخارِجُ مِنها طاعِنٌ ، وَالمُرَوِّي فيها مُداهِنٌ ۲ ، فَاربَع عَلى ظَلعِكَ ، وَانزِع سِربالَ ۳ غَيِّكَ ، وَاترُك ما لا جَدوى لَهُ عَلَيكَ ، فَلَيسَ لَكَ عِندي إلَا السَّيفُ ، حَتّى تَفيءَ إلى أمرِ اللّهِ صاغِرا ، وتَدخُلَ فِي البَيعَةِ راغِما . وَالسَّلامُ ۴ .

1.الحجرات : ۹ .

2.المُرَوِّي : الذي يرتئي ويُبطئ عن الطاعة ويُفكّر ، وأصله من الرويّة . والمداهن : المنافق (شرح نهج البلاغة : ج۱۴ ص۴۴) .

3.السِّربال : القميص (النهاية : ج۲ ص۳۵۷) .

4.شرح نهج البلاغة : ج۱۴ ص۴۳ ؛ بحار الأنوار : ج۳۳ ص۸۱ وراجع العقد الفريد : ج۳ ص۳۲۹ والإمامة والسياسة : ج۱ ص۱۱۳ ونهج البلاغة : الكتاب ۷ ووقعة صفّين : ص۲۹ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
484

أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّ اللّهَ تَعالى يَقولُ في مُحكَمِ كِتابِهِ : « وَ لَقَدْ أُوحِىَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَـئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَـسِرِينَ »۱ وإنّي اُحَذِّرُكَ اللّهَ أن تُحبِطَ عَمَلَكَ وسابِقَتَكَ بِشَقِّ عَصا هذِهِ الاُمَّةِ ، وتَفريقِ جَماعَتِها ، فَاتَّقِ اللّهَ ، وَاذكُر مَوقِفَ القِيامَةِ ، وأَقلِع عَمّا أسرَفتَ فيهِ مِنَ الخَوضِ في دِماءِ المُسلِمينَ ، وإنّي سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : «لَو تَمالَأَ أهلُ صَنعاءَ وعَدَنَ عَلى قَتلِ رَجُلٍ واحِدٍ مِنَ المُسلِمينَ لَأَكَبَّهُمُ اللّهُ عَلى مَناخِرِهِم فِي النّارِ» فَكَيفَ يَكونُ حالُ مَن قَتَلَ أعلامَ المُسلِمينَ وساداتِ المُهاجِرينَ ، بَلْهَ ۲ ما طَحَنَت رَحا حَربِهِ مِن أهلِ القُرآنِ وذِي العِبادَةِ وَالإِيمانِ ؛ مِن شَيخٍ كَبيرٍ ، وشابٍّ غَريرٍ ۳ ، كُلُّهُم بِاللّهِ تَعالى مُؤمِنٌ ، ولَهُ مُخلِصٌ ، وبِرَسولِهِ مُقِرٌّ عارِفٌ ، فَإِن كُنتَ أبا حَسَنٍ إنَّما تُحارِبُ عَلَى الإِمرَةِ وَالخِلافَةِ ، فَلَعَمري لَو صَحَّت خِلافَتُكَ لَكُنتَ قَريبا مِن أن تُعذَرَ في حَربِ المُسلِمينَ ، ولكِنَّها ما صَحَّت لَكَ ، أنّى بِصِحَّتِها وأهلُ الشّامِ لَم يَدخُلوا فيها ، ولَم يَرتَضوا بِها ؟ وخَفِ اللّهَ وسَطَواتِهِ ، وَاتَّقِ بَأسَهُ ونَكالَهُ ، وَاغمِد سَيفَكَ عَنِ النّاسِ ، فَقَد وَاللّهِ أكَلَتهُمُ الحَربُ ، فَلَم يَبقَ مِنهُم إلّا كَالثَّمَدِ ۴ في قَرارَةِ الغَديرِ ، وَاللّهُ المُستَعانُ ۵ .

9 / 20

جَوابُ الإِمامِ عَنهُ

۲۵۴۵.شرح نهج البلاغةـ في ذِكرِ كِتابِ الإِمام عليه السلام إلى مُعاوِيَةَ ـ: مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيٍّ أميرِ المُؤمِنينَ إلى مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ : أمّا بَعدُ ؛ فَقَد أتَتني مِنكَ مَوعِظَةٌ مُوَصَّلَةٌ ورِسالَةٌ مُحَبَّرَةٌ ،

1.الزمر : ۶۵ .

2.بَلْهَ : مِن أسماء الأفعال بمعنى دَعْ واتْرُكْ (النهاية : ج۱ ص۱۵۵) .

3.وَجْهٌ غَرِير : حَسَن . والغَرير : الشابّ الذي لا تجربة له (لسان العرب : ج۵ ص۱۶) .

4.الثَّمَد : الماء القليل (النهاية : ج۱ ص۲۲۱) .

5.شرح نهج البلاغة : ج۱۴ ص۴۲ ؛ بحار الأنوار : ج۳۳ ص۸۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 99482
صفحه از 670
پرینت  ارسال به