541
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

في غيرِ مَوضِعِ غَيرَةٍ فَإِنَّ ذلِكَ يَدعُو الصَّحيحَةَ إلَى السَّقَمِ وَالبَريئَةَ إلَى الرِّيَبِ . وَاجعَل لِكُلِّ إنسانٍ مِن خَدَمِكَ عَمَلاً تَأخُذُهُ بِهِ فَإِنَّهُ أحرى أن لا يَتَواكَلوا في خِدمَتِكَ . وأكرِم عَشيرَتَكَ فَإِنَّهُم جَناحُكَ الَّذي بِهِ تَطيرُ ، وأصلُكَ الَّذي إلَيهِ تَصيرُ ، ويَدُكَ الَّتي بِها تَصولُ . أستَودِعُ اللّهَ دينَكَ ودُنياكَ ، وَأَسالَهُ خَيرَ القَضاءِ لَكَ فَي العاجِلَةِ وَالآجِلَةِ وَالدُّنيا وَالآخِرَةِ ، وَالسَّلامُ ۱ .

13 / 3

بَدءُ تَدَفُّقِ الاِعتِراضِ

۲۶۰۴.تاريخ الطبري عن جندب الأزديـ في بَيانِ مَسيرِ الإِمامِ عليه السلام مِن صِفّينَ إلَى الكوفَةِ ـ: ثُمَّ مَضى عَلِيٌّ غَيرَ بَعيدٍ ، فَلَقِيَهُ عَبدُ اللّهِ بنُ وَديعَةَ الأَنصارِيُّ ، فَدَنا مِنهُ ، وسَلَّمَ عَلَيهِ وسايَرَهُ .
فَقالَ لَهُ : ما سَمِعتَ النّاسَ يَقولونَ في أمرِنا ؟
قالَ : مِنهُم المُعجَبُ بِهِ ، ومِنهُمُ الكارِهُ لَهُ ، كَما قالَ عَزَّ وجَلَّ : «وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ»۲ .
فَقالَ لَهُ : فَما قَولُ ذَوِي الرَّأيِ فيهِ ؟
قالَ : أمّا قَولُهُم فيهِ فَيَقولونَ : إنَّ عَلِيّا كانَ لَهُ جَمعٌ عَظيمٌ فَفَرَّقَهُ ، وكانَ لَهُ حِصنٌ حَصينٌ فَهَدَمَهُ ، فَحَتّى مَتى يَبني ما هَدَمَ ، وحَتّى مَتى يَجمَعُ ما فَرَّقَ ! فَلَو أنَّهُ كانَ مَضى بِمَن أطاعَهُ ـ إذ عَصاهُ مَن عَصاهُ ـ فَقاتَلَ حَتّى يَظفَرَ أو يَهلِكَ إذا كانَ ذلِكَ الحَزمَ .
فَقالَ عَلِيٌّ : أنَا هَدَمتُ أم هُم هَدَموا ! أنا فَرَّقتُ أم هُم فَرَّقوا ! أمّا قَولُهُم : إنَّهُ لَو

1.كشف المحجّة : ص۲۲۰ عن عمر بن أبي المقدام ، نهج البلاغة : الكتاب ۳۱ ، تحف العقول : ص۶۸ نحوه .

2.هود : ۱۱۸ و ۱۱۹ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
540

ونَفعِكَ . ولَيسَ جَزاءُ مَن سَرَّكَ أن تَسوءَهُ .
وَاعلَم يا بُنَيَّ ، أنَّ الرِّزقَ رِزقانِ : رِزقٌ تَطلُبُهُ ، ورِزقٌ يَطلُبُكَ فَإِن أنتَ لَم تَأتِهِ أتاكَ . ما أقبَحَ الخُضوعَ عِندَ الحاجَةِ وَالجَفاءَ عِندَ الغِنى ! إنّ لَكَ مِن دُنياكَ ما أصلَحتَ بِهِ مَثواكَ . وإن جَزِعتَ عَلى ما تَفَلَّتَ مِن يَدَيكَ فَاجزَع عَلى كُلِّ ما لَم يَصِل إلَيكَ . اِستَدِلَّ عَلى ما لَم يَكُن بِما قَد كانَ ، فَإِنَّ الاُمورَ أشباهٌ . ولا تَكونَنَّ مِمَّن لا تَنفَعُهُ العِظَةُ إلّا إذا بالَغتَ في إيلامِهِ ، فَإِنَّ العاقِلَ يَتَّعِظُ بِالآدابِ وَالبَهائِمَ لا تَتَّعِظُ إلّا بِالضَّربِ . اِطرَح عَنكَ وارِداتِ الهُمومِ بِعَزائِمِ الصَّبرِ وحُسنِ اليَقينِ . مَن تَرَكَ القَصدَ جارَ . وَالصّاحِبُ مَناسِبٌ . وَالصَّديقُ مَن صَدَقَ غَيبُهُ . وَالهَوى شَريكُ العَناءِ . رَبَّ قَريبٍ أبعَدُ مِن بَعيدٍ ، ورُبَّ بَعيدٍ أقرَبُ مِن قَريبٍ . وَالغَريبُ مَن لَم يَكُن لَهُ حَبيبٌ . مَن تَعَدَّى الحَقَّ ضاقَ مَذهَبُهُ . ومَنِ اقتَصَرَ عَلى قَدرِهِ كانَ أبقى لَهُ . وأوثَقُ سَبَبٍ أخَذتَ بِهِ سَبَبٌ بَينَكَ وبَينَ اللّهِ ! ومَن لَم يُبالِكَ فَهُو عَدُوُّكَ . قَد يَكونُ اليَأسُ إدراكا إذا كانَ الطَّمَعُ هَلاكا . لَيسَ كُلُّ عَورَةٍ تَظهَرُ ولا كُلُّ فُرصَةٍ تُصابُ . ورُبَّما أخطَأَ البَصيرُ قَصدَهُ وأصابَ الأَعمى رُشدَهُ . أخِّرِ الشَّرَّ فَإِنَّكَ إذا شِئتَ تَعَجَّلتَهُ . وقَطيعَةُ الجاهِلِ تَعدِلُ صِلَةَ العاقِلِ . مَن أمِنَ الزّمانَ خانَهُ ، ومَن أعظَمَهُ أهانَهُ . لَيسَ كُلُّ مَن رَمى أصابَ . إذا تَغَيَّرَ السُّلطانُ تَغَيَّرَ الزَّمانُ . سَل عَنِ الرَّفيقِ قَبلَ الطَّريقِ ، وعَنِ الجارِ قَبلَ الدّارِ . إيّاكَ أن تَذكُرَ فِي الكَلامِ ما يَكونُ مُضحِكا وإن حَكَيتَ ذلِكَ عَن غَيرِكَ . وإيّاكَ ومُشاوَرَةَ النِّساءِ فَإِنَّ رَأيَهُنَّ إلى أفنٍ ۱ وعَزمَهُنَّ إلى وَهنٍ . وَاكفُف عَلَيهِنَّ مِن أبصارِهِنَّ بِحِجابِكَ إيّاهُنَّ فَإِنَّ شِدَّةَ الحِجابِ أبقى عَلَيهِنَّ ، ولَيسَ خُروجُهُنَّ بِأَشَدَّ مِن إدخالِكَ مَن لا يُوثَقُ بِهِ عَلَيهِنَّ ، وإنِ استَطَعتَ أن لا يَعرِفنَ غَيرَكَ فَافعَل . ولا تُمَلِّكِ المَرأَةَ مِن أمرِها ما جاوَزَ نَفسَها فَإِنَّ المَرأَةَ رَيحانَةٌ ولَيسَت بِقَهرَمانَةٍ ولا تَعْدُ بِكَرامَتِها نَفسَها ، ولا تُطمِعها في أن تَشفَعَ بِغَيرِها . وإيّاكَ وَالتَّغايُر

1.الأَفْنُ : النقص . ورجل أفين ومأفون ، أي ناقص العقل (النهاية : ج۱ ص۵۷) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 101104
صفحه از 670
پرینت  ارسال به